Mr. Jackson
@mrjackson

جنرالات الرئاسة

طارق الحجيري

نسمع ونرى يوميا المتحمسين والمهللين لوصول قائد الجيش لرئاسة الجمهورية يرفعون شعارا براقا ” الجيش هو الحل ” ودون سؤال يعودون بنا للعهد الشهابي بوصفه عهد بناء المؤسسات والتنمية ويتناسون عمدا العهدين اللحودي والعوني وما جراه على لبنان واللبنانيين من كوارث وويلات .

بداية وقبل نقاشهم يجب التأكيد على ضرورة وأهمية ملأ الشغور الرئاسي والخروج من مرحلة المراوحة والانحدار أملا بعودة انتظام عمل المؤسسات العامة أو ما تبقى منها .

عهد شهاب والمكتب الثاني

وصل اللواء فؤاد شهاب لكرسي الرئاسة نتيجة تسوية خارجية بين اميركا وعبد الناصر بعد انسداد الأفق السياسي محليا وتفلت الوضع الأمني في نهاية عهد الرئيس كميل شمعون الساعي للتجديد حينها ،، فور وصوله شرع شهاب في صوغ قانون انتخاب جديد يؤمن العدالة وصحة التمثيل وقد شكل قانون ال١٩٦٠ المدخل الرئيسي لعهد هادئ وآمن .

رغم عصامية الرئيس شهاب وزهده بالسياسة والمناصب وتمسكه الدائم بما يقوله ” الكتاب ” لكن ذلك لم يحل دون صبغ عهده بارتكابات مكتب ” الشعبة الثانية” الذي أرعب الناس ، تدخل في تفاصيل حياتهم ، أحصى عليهم انفاسهم ، وانتهى سياسيا باسقاط الرئيس شمعون انتخابيا عام ١٩٦٤ .

لكن اطلاق ورشة بناء المؤسسات العامة – الضمان الاجتماعي ، دار المعلمين، وصول الماء والكهرباء والمدارس للمناطق النائية  … – غفر للعهد الشهابي آثام المكتب الثاني وخطاياه .

الطائف والرئاسة

وصل الياس الهراوي لرئاسة الجمهورية على جثة شهيد الطائف الرئيس رينيه معوض ، انطلق بمحاولة استعادة هيبة الدولة وبدأ يسلك درب الجمهورية الثانية بهدف عودة الناس لحياتها الطبيعية تمهيدا لإطلاق ورشة اعادة البناء والاعمار الا أن السوري زرع له ” رجله الموثوق ” إميل لحود في قيادة الجيش تمهيدا للإطباق الكامل على الحياة السياسية اللبنانية .

لحود وعودة المخابرات

مع وصول عهد الهراوي الممدد لنهايته بكل ما شهده من هدوء واستقرار وعودة الحياة للبنان وبيروت وإطلاق عجلة الاقتصاد إلا أن ذلك لم يحل دون عسكرة الحياة السياسية اللبنانية عبر ترئيس قائد الجيش إميل لحود الذي كان يكره السياسيين بشدة .

لحود الذي وصفه العميد ريمون اده في برنامج تلفزيوني ” رئيس نص كم نص لسان نص عقل “ما إن وصل لكرسي بعبدا بعقليته العسكرية حتى بدأ بتنفيذ هدفه الأول المتمثل بالانتقام من السياسيين – خاصة رفيق الحريري وليد جنبلاط ونسيب لحود – أطلق أيادي الأجهزة الأمنية المخابراتية على رأسها جميل السيد ومصطفى حمدان لتفصيل قوانين الانتخابات والتدخل في عمل الوزارات والادارات والمصارف ووسائل الاعلام والاندية الرياضة وادارات المدارس والاتصالات والكهرباء وغيرها !!!! فعليا كان عهد لحود الخطوة الأولى في طريقنا الى جهنم وانقضى على دماء رفيق الحريري ورفاقه وباقي شهداء ثورة السيادة والاستقلال .

ميشال سليمان تمرير وقت

أعقب نهاية عهد لحود فراغ طويل تخلله غزو واحتلال بيروت والجبل وترويع الناس من قبل ميليشيات ايران فقضت التسوية الخارجية مجددا بوصول قائد الجيش لسدة الرئاسة .

وصل العماد ميشال سليمان الى قصر بعبدا بعد خلع بزته العسكرية في وزارة الدفاع لكنه وقع أسير كذبة الديموقراطية التوافقية والثلاثية الخشبية – جيش شعب مقاومة – انتهى عهده فعليا قبل أن يبدأ خاصة بعد مطالبة قادة الحزب الايراني اللبنانيين – ببل اتفاق بعبدا وشرب ماءه – وغادر قصر بعبدا على وقع فوضى الربيع العربي وانتشار كثيف لمخيمات اللاجئين .

عون وجوع السلطة

أخر العسكريين في كرسي الرئاسة كان سيد العهد الجهنمي ميشال عون الذي وصل الى الرئاسة بتسوية غبية بعد صفقة مع شريكه في اتفاق مار مخايل حزب ايران عنوانها العريض ” المكاسب والمناصب لي والسلطة الفعلية لكم ” .

أطبق الصهر المدلل جبران باسيل على كل مفاصل البلد النفعية – عدا حصة الرئيس بري – ومارس صلاحيات الرئيس الفعلي بجوع ونهم للسلطة وأرباحها وغنائمها صال وجال في مختلف مناطق لبنان نافثا سموم التفرقة والاستفزاز مفتعلا المشاكل والقلاقل وانتهى مع عمه الى الشعار الطوباوي ” ما خلونا ” والباقي يعرفه الصغير قبل الكبير .

أخر ثلاثة رؤساء جمهورية هم قادة جيش لذلك لا بد من طرح الأسئلة على رافعي شعار الجيش هو الحل : كيف سيقبل قائد الجيش في حال انتخابه رئيسا استمرار نهج المساكنة بين سلاح الشرعية وأخر خارج عليها ؟؟ هل سيبقى قرار السلم والحرب والتفاوض البحري والبري والنفطي مع اسرائيل بيد الدويلة ام سيعود لكنف الدولة ؟؟؟ هل ستستمر الأحكام الجائرة الانتقامية للمحكمة العسكرية تجاه أبناء الطائفة السنية حصرا ؟؟؟ هل ستبقى الأجهزة الأمنية تستدعي الاعلاميين وقادة الرأي لفنجان قهوة ؟؟؟ وغيرها الكثير من الأسئلة المفصلية .

لقد أدخلت عسكرة الرئاسة الأولى لبنان في مسار الأنظمة العسكرية الانقلابية الشمولية حيث المخبر السري كاتب التقارير هو المواطن الصالح أما المطالب بحقوقه وحريته وحياة كريمة تحوم حوله شبهات العمالة والخيانة .

” الجيش ليس هو الحل ” بل الدولة هي الحل القانون هو الحل والدستور هو الحل ،، لذلك المطلوب بسرعة وفق الدستور انتخاب رئيس وطني سيادي يحمل في جيناته مشروع الدولة القوية القادرة على كامل تراب لبنان ،، رئيس لا يهادن ولا يساكن ولا يساير لأجل الكرسي والسلطة وبغير ذلك سنبقى نراوح مكاننا نجتر مشكلة تغول الدويلة على الدولة دون حلها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *