Mr. Jackson
@mrjackson

بهاء الحريري عن قـُـرب..

أحمد الأيوبي

تعرّض بهاء رفيق الحريري لحملاتِ تشويهٍ شخصيّةٍ منظّمة منذ سنوات بُنيت على التشكيك في كفاءته وقدراته وتمكّنه من إدارة الشأن العام، وحاول مطلقوها أن يستخدِموا كلّ أساليب الإساءة والتقليل من شأن الرجل، وكثير من هذه الأساليب كان خارج الأخلاق وحُسن الخطاب، ولم تستند هذه الحملات إلى أدلّة أو حقائق، بل اعتمدت على الدسّ والإشاعات بهدف خلق جدارٍ عازل بين الرجل والجمهور والنخب على حدٍّ سواء، وقد ارتفع منسوب هذا الاستهداف مع عودته إلى لبنان، ليظهر أنّ هناك عداوة مستحِكمة لدى فئاتٍ كلّ مشكلتها مع بهاء الحريري أنّه يقدِّم نموذجاً مناقِضاً لها في العمل العام فضلاً عن البعد الشخصي في الاستقامة والصلابة والقدرة على المواجهة وإنهاء مرحلة التنازلات وتضييع الأمانة.

في عشاء هادئ جمعه مع عدد من الإعلاميين، تحدّث بهاء الحريري بحنين واضح عن طفولته في صيدا وعن أصدقائه وأقربهم إليه صافي كالو الذي لازمه رحلته منذ تلك الأيام وكذلك أحمد اليمن فاستفاض في استذكار أيام الطفولة الجميلة وتوجّه إلى صافي وأحمد بعبارات تفيض بالمحبة والوفاء والحرص على الصحبة وحفظ حقها، ليكشف أنّه على موعد في اليوم التالي لزيارة والدة أحمد للغداء وهو طالما أحبّ طعامها وخاصة “الكوسى الأحمر” كما كان يسميه، ولم يغب عن لطف الخطاب نجيب أبو مرعي وبقية الفريق، ليتحوّل العشاء إلى مناسبة بعيدة عن الرسميات ومليئة بالودّ والصفاء الذي انعكس على جميع الموجودين.. فكان الحديث في السياسة عميقاً ودقيقاَ يعكس الإلمام بالواقع المحلي والإقليمي والدولي.

خلال العشاء الاعلامي الذي دعا اليه الشيخ بهاء الحريري

صحيحٌ أنّ بهاء الحريري لم يعش وقتاً طويلاً في لبنان، واضطرّته الظروف للبقاء في الخارج، لكنّ هذا لا يُنقِص من إمكانيته بناء علاقاتٍ طيبة ومستقرّة مع المجتمع السني واللبناني، خاصة في ضوء الانفتاح الكبير الذي قام به في جولاته في المناطق واستعداده للتواصل مع كلّ أصحاب الكفاءات في كل المجالات وتوفير القدرة على استيعاب هذه النخب، سيختزل الوقت ويساهم في سرعة إنضاج الخطوات، خاصة أنّ هناك تعطّشاً سنياً للعمل على إنهاء الفراغ المسيطر منذ سنوات.

عاد بهاء الحريري إلى لبنان وباشر لقاءاته مع النُّخب والهيئات والجمعيات واجتمع مع مئات الشخصيات فسمع منهم وسمعوا منه، واكتشفوا أنّه ليس الرجل نفسه الذي سمعوا عنه من خلال حملات التوشيه أو كوّنوا عنه صورة من خلال الإشاعات، بل أدركوا أنّهم يتواصلون مع رجل اختبر كلّ أنواع التحديات وعايش محنة استشهاد والده وما نتج عنها من تداعيات هائلة أثّرت على حياته وعلى اللبنانيين والمنطقة.. لكنّ بهاء يحفظ لرفيق الحريري أنّه استطاع أن يغيِّر في حياة اللبنانيين في حياته ومنحهم في استشهاده أقوى عوامل الخروج السوري من لبنان.

إكتشف من التقى بهاء الحريري في بيروت وطرابلس أنّه رجل هادئ ورصين ومستمع جيد ومحاوِرٌ مقتدِر ومتابعٌ شغوف بالتفاصيل وصاحب قدرة عالية على التعبير في السياسية كما في الاقتصاد، وفي الثقافة كما في الاجتماع، والأهمّ من كلّ هذا حسُّه الإنساني المرهف الذي يجعله يعيش قضايا الناس ويحملها باعتبارها مسؤولية شخصية، رغم أنّه ليس في موقع المسؤولية التنفيذية أو التشريعية في الوقت الحاضر، لكن تغلبه الإرادة بالبحث عن الحلول المطلوبة للناس لذلك تراه يبادر إلى الغوص في كلّ قضية تصل إليه، ويعمل فوراً على معالجتها.

حرص بهاء الحريري على التواصل الشخصي والاهتمام بجميع من التفاهم: الصورة تجمعه مع ابن طرابلس أمين أفيوني

عبّر بهاء الحريري عن صدمته من حجم الظلم الذي تعرّض له أهل السنّة في لبنان، فسارع البعض إلى التشويش بأنّه تأخّر في معرفة هذه الحقيقة، والواقع أنّ الرجل كان يعلم بهذه المظالم، لكنّ الفرق شاسع بين العلم بها ومعايشتها مع أهلها والاستماع إلى مظلومياتهم عياناً فتصل المعلومة مشبعة بالعاطفة وهذا هو التواصل الإنساني، ولهذا من الطبيعي أن نسمع من بهاء الحريري أنّه يعيش حالة الغليان نفسها، التي عاشها لحظة استشهاد والده، ولهذا يعلن بوضوح أنّه لم يقبل باستمرار هذا الظلم الأسوَد على السنة في لبنان.. ولهذا يقول إنّ غذاء الروح بالنسبة إليه هو محبة الناس وثقتها، فهي الطاقة الدافعة للتقدّم.

لدى بهاء الحريري رؤية واضحة في السياسة، بعكس كلّ ما يشيعه عنه المتضرّرون من عودته، فهو ينطلق من قاعدة استعادة الطائف الذي ما زال يحظى بدعم دولي وعربي وإقليمي، وتُجمع عواصم القرار في أميركا وأوروبا والعالم العربي على ضرورة عودته مرتكزاً للحياة السياسية والوطنية في لبنان، وأنّ إيران لن تكون خارجة على هذا الإجماع، ولهذا فإنّ مشروعه قائم على استعادة عافية أهل السنّة في لبنان ليكونوا الشريك الضروري لإعادة إطلاق الطائف، بناءً على الشراكة الإسلامية المسيحية، مستبشراً بالدور الذي باشرته حاضرة الفاتيكان لدعم لبنان مؤخراً.

يعتبر بهاء الحريري أنّ استعادة الاستقرار في لبنان يحصل بإعادته إلى حالة رفيق الحريري منذ تطبيق الاتفاق ومباشرة عملية إعادة الإعمار وبناء الدولة، فهي الفترة التي عاش فيها لبنان النهضة العمرانية والإنسانية ولهذا بات ضرورياً اليوم الإفادة من استمرارية الاحتضان العربي والدولي للطائف والبدء في مسارٍ يؤدّي إلى وقف الانهيار المالي والاقتصادي واستعادة التعافي الشامل.

من التقى بهاء الحريري يدرك أنّه أعدّ العُدّة للعمل، ولم يأتِ مغامِراً ولا مقامِراً، فهو يحسبها جيداً، كرجل أعمال وكرجل سياسة، ومن الواضح أنّ رؤيته السياسية والتنموية متكاملتان، وهو يعتبر أنّ لقاءاته في المناطق ستشكِّل قاعدة التعارف مع الجميع، ومنهم الكفاءات القادرة على إدارة الشأن العام بكفاءة وأمانة وعزيمة، فما يجري الآن استطلاعٌ مباشر ستليه خطوات عملية من أهم شروط نجاحها اعتماد قاعدة الإنسان المناسب في المكان المناسب.

الشيخ بهاء الحريري في دار الأيتام الاسلامية معلنا دعمها بمليون دولار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *