أحمد الأيوبي
إختفى الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله عن الشاشات وعن إعطاء المواقف بعد ظهوره الأخير في 19 أيلول 2024 ليتحدث عن تداعيات كارثة الاختراق الأمني التي تعرّض لها الحزب من خلال تفجير أجهزة النداء (البيجر) وأجهزة اللاسلكي والتي أسفرت عن إيقاع آلاف الإصابات في صفوف قياداته ومسؤوليه، ثم انتشرت أنباء عن أنّه سيوجه كلمة يوم الثلاثاء الماضي غير أنّ ذلك لم يحصل ليدخل في فترة غياب تحمل الكثير من علامات الاستفهام نظراً لأنّ الوقائع والأحداث تستوجب ظهوره وتوجيه الخطاب إلى جمهوره وإعلان الموقف من كلّ ما يحدث سواء من ناحية العدو الإسرائيلي أو لجهة كيفية إدارة أزمة النزوح الكبير بعد أن أصبح جمهوره مكشوف الظهر بلا مساعدات يضاعف من خطورتها فشل الحكومة الذريع في إدارة الأزمة، والأخطر من كلّ هذا كيف يتعامل “حزب الله” مع المواقف الإيرانية السافرة التي تترك الحزب وحيداً في مواجهة العدوان الإسرائيلي الهمجي.
شكّل اختفاء نصرالله عن الظهور مادة متابعة إعلامية دسمة، فهناك وسائل إعلامية تحدث عن مغادرته إلى طهران، إمّا استدعاءً للوقوف على حقيقة ما جرى في مجزرتي “البيجر” واللاسلكي، وإمّا لحمايته من الاغتيال أو لأنّ الحرس الثوري الإيراني فقد الثقة بإدارة الحزب وبالأمانة العامة بعد أن تبيّن له أنّ الاختراق الكبير جاء من جهتها لا بل من قلبها، وبالتالي تشكّلت سلسلة من علامات الاستفهام حول المسار الشخصي لنصرالله وعن مآلاته في ظلّ الحرب الإسرائيلية الزاحفة بمعايير مختلفة للغاية عن حرب العام 2006 سواء لناحية التكنولوجيا والهوة الكبيرة التي تتعمّق لصالح الطرف الصهيوني، أو لجهة التحالفات، حيث تقف إيران موقف المتفرِّج ويأخذ بشار الأسد وضعية “إعمل نفسك ميت” والروس يفتحون السماء للطائرات الإسرائيلية لتقصف وتقوم بالإنزالات وتخطف قيادات الحرس الثوري من قلب الأراضي السورية.
وفي هذا الإطار تناقلت مواقع إعلامية معلومات نقلاً عن مصادر عراقية مطلعة، أن نصر الله، كان متواجداً حتى ساعة متأخرة من ليل 23-24 سبتمبر/أيلول الماضي في فندق البارون بمحافظة كربلاء جنوبي العراق، الذي وصل إليه مع عائلته مطلع أغسطس/آب الماضي، ويشير مصدر آخر إلى التغييرات التي طرأت على طريقة ظهور نصرالله في خطابه الأخير واتضاح أنّه كان في مكان غير مُعَدٍّ للتصوير أصلاً وانعكست الضغوط الكبيرة شكلاً من أشكال الإرباك على أدائه في ذلك الخطاب.
وضع نصرالله مصير لبنان على صفيح الخطر الساخن وترك قيادته مكشوفة للاغتيال والتصفيات بل وحتى الإبادة، بينما أصبحت الحفاظ على حياته هدفاً في حدّ ذاته، بينما يتقاذف الموتُ رفاقه الأقربين، وهذا يجعل مصيره مشابهاً لمصير المسار الذي اختاره لنفسه، وقد وصلنا إلى نهاية المطاف، فإنّ نجا وبقي سيبقى على رأس حزب محطّم وفي بلد مدمّر وإن قضى فسيكون ذلك إشارة إلى مآل المشروع الإيراني في المنطقة.