طارق الحجيري
لم يكن لدى أي لبناني وطني يؤمن بلبنان وطنا نهائيا له، أدنى شك بأن ما يقوم به الثنائي الشيعي وملحقاته في باقي الطوائف، هو محض صدفة، بل إنّ تفكيك الدولة العربية وتدميرها هو في صميم مشروعهم لاستتباع والحاق البلدان العربية بنظام الفقيه في طهران.
لكن المفارقة أن يأتي الكلام هذه المرة، على لسان الشيخ علي الخطيب، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، حيث قدّم في خطبة تعريفاً للدولة بوصفها “إنّ الدولة ليست جزءاً من الرسالة ومشروع الإسلام، وإنما هي ضرورة لحماية الانتظام العام ومنع الفوضى في المجتمع”.
ونظراً لمحدودية دور الدولة في فكر الخطيب ومن يمثّل، فإن رسم الخطوط الحمراء للدولة وما يمكنها فعله، هو ضرورة شرعية، لذلك الواجب حسب قوله :” تأهيل المجتمع ودفعه لينشئ مؤسساته الخاصة بعيداً عن الارتباط بمؤسسات السلطة، وهو ما نسمّيه اليوم بالمؤسسات الأهلية، بحيث أن السلطة إذا أرادت أن تقف في وجهها تقف في وجه المجتمع، وبهذا يخلق عائقاً كبيراً أمام نفوذ السلطة، وهو ما حصل فعلاً فكلما حاولت السلطة أن تتجاوز حدودها وجدت في المجتمع شرائح تقف في وجهها وتتصادم معها وتسقطها أو تسقط عنها الشرعية”.
الشيخ الخطيب الذي يريد من الدولة أن تكون خادما مطيعا لدى الدويلة، اكتشف الفارق بين الدول العربية وشعوبها، كما أنه وجد سبب فشل الدولة العربية ونجاح شعوبها فاكتشف :” إنّ فشل الدول العربية لم ينسحب على شعوبها التي استندت إلى نجاح الثورة الاسلامية في ايران وانتصار المقاومة في لبنان”.
لم يكتف الشيخ الخطيب بوصم الدولة العربية بالفشل والانحطاط والترهل بل وصل به الأمر حد تخوين كل الدول العربية :” هنا برز الفرق بين دور الأمة ودور السلطة، فالسلطة لا مانع لديها من المساومة على الرسالة وقد ساومت على أهم قضية رسالة حين تخلّت عنها وأقرّت للعدو بالاحتلال، بل تآمرت عليها وذهبت إلى التطبيع مع العدو، وبين الأمة التي تمسَّكت بالرسالة ورفضت الخضوع للظلم والاقرار للظالم والخضوع له”.
في كل يوم تزداد الأدلّة وتتراكم البراهين، حول الانتماء الفعلي لمنطق الدولة القوية القادرة العادلة، ومنطق الدويلة الذي يسعى إلى هدم ودك كل أسس الدولة، حتى لا تقوم لها قائمة ولا يرتفع له بنيان.
هذا المنطق التدميري للدولة لا يمكن تجاهله، أو القفز فوقه وكأنه غير موجود، مرة باسم محاربة الارهاب ومرة بخديعة المشاغلة لأجل تحرير القدس.
يبقى السؤال الأبرز لماذا يريد تحرير فلسطين من لا يؤمن بها كدولة وسلطة؟ لماذا أصلا يحتاج تحرير فلسطين تدمير النسيج الاجتماعي لأربع بلدان عربية؟ ما الفائدة من تمزيقها وتفتيتها من داخلها؟؟ الجواب بديهي ومعروف، متوافر وموجود على التفاوض مع الأميركي في عُمان وغيرها.