Mr. Jackson
@mrjackson

غرامات السير في بلد لا يسير فيه شيء وامكانات السير فيه أسوأ من أسوأ بلد من بلاد إفريقيا الترابية

الدكتور زياد منصور

وتفتق الذهن الألمعي عند واضعي الموازنة بضرورة زيادة وارادتتها، بأية طريقة ممكنة ولكن من حساب الفقراء والموظفين، وليس من حساب الاغنياء وكبار التجار وأصحاب اليخوت، والمرافئ الموناكية (موناكو)، ومالكي طائرات الأعمال الخاصة، ومغتصبي الساحل اللبناني – مالكي المنتجعات البحرية المخملية، وكبار المحتكرين الجشعين، ووحيتان المصارف ..

من البدع الاقتصادية لزيادة التدفق المالي، في بلد العجز الدائم في الموازنة، والهوة السحيقة بين الأغنياء والفقراء، رسوم السير وغرامات السير الخيالية..
في لبنان حوالي مليون وتسعمائة ألف سيارة تقريبا، هذا العدد الهائل على عدد سكان لا يتجاوز اليوم الخمسة ملايين بمن فيهم النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، يفترض بجهابذة الموازنة أن يحدث بعض الملاءة المالية لتسديد مرتبات ومعاشات القطاع العام الذي من وجهة نظرهم يثقل القطاع العام..
لن نتحدث عن الوسائل الممكنة، التي تتيح إحداث ملاءة مالية، منها الضرائب التصاعدية وحماية الاقتصاد المحلي، وكسر الاحتكار، وتقييد المصارف، ووقف استئجار المباني الخيالي لادارات الدولة واجراءات كثيرة ،اتبعتها دول تعاني أزمات مماثلة للخروج منها…

لننظر إلى غرامات السير، غرامات خيالية ، في بلد تعتبر فيه البنى التحتية للطرقات، والطرقات بحد ذاتها من أسوأ شبكات السير في العالم، والتي يسقط فيها أسبوعيا بنسبة أربعة إلى خمس ضحايا في كل أسبوع، وهو عدد ضخم قياسا بعدد السكان!!!
طبيعة الغرامات مضحكة ومبكية وتعبر عن فكر من يدير هذا النظام البغيض..

غرامات على تجاوز إشارات المرور، وأظن أن عددها في كامل بيروت لا يتجاوز العشرين، وتنعدم في كافة المناطق..
غرامات على مخالفة السير، وسلوك الطرقات بطريقة مخالفة ( يلجأ اللبنانيون إلى ذلك بسبب زحمة السير الخانقة، وسعيهم للوصول إلى أعمالهم وانجازها، أو إيصال مسافر، أو مريض، أو غير ذلك من الأمور اليومية)..
مخالفات على الوقوف بطريقة وأماكن لا تسمح بذلك ( تعد طرقات لبنان من أضيق الطرقات في العالم، وتعتبر ابشعها على الإطلاق، حفر يأبى البعير عبورها، غياب التأهيل، الخ)..

الطرقات الدولية لم تشهد صيانة منذ ثلاثين عاما ( طريق طرابلس – بيروت، طريق بيروت- المصنع، طريق عكار العبودية والعريضة، الخ) ..

لم تعالج الانهيارات الجرفية والجبلية التي تجعل من طرقاتنا طرقات للسير الجبلي ( انهيار جبل شكا والنفق).

طرقات أساسية في عواصم المحافظات من أسوأ ما يكون ( الهرمل، حلبا، حاصبيا)..
شرايين مقطعة بين المناطق الإدارية ..

لم تلحظ الموازنة غرامات وازنة على تطبيق مخالفات السير على الدراجات النارية وأضيف إليها التوك توك ( غالبية حوادث السير سببها هذا النوع من وسائل النقل ، وعدم تطبيق قانون السير عليها سيزيد من حجم الحوادث، إضافة إلى الشعور بوجود حمايات سياسية لهذا القطاع)..
لم تطبيق مشاريع النقل العام الحضري، الذي يزيد من الأزمة ..

وإذا سرنا على هذا المنوال فسنرى أن الحديث عن أن تطبيق قانون سير والامتثال له هو في أساس مضاعفة رسوم مخالفات السير ، لا يعدو كونه مجرد ديموغوجيا وتضليل، سيدفع ثمنه الفقير، ويتهرب منه المدعوم، والمستزلم، وكثر من أبناء المناطق التي لا تتجرأ الدولة على دخولها، وتستعصي عليها، ولا يتجرأ مطبقي قانون السير على تطبيقه خوفا على مراكزهم ، وارتعابا من غضب رجل سياسي نافذ، أو نائب محظي، أو ميليشياوي أخرق…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *