طارق الحجيري
منذ السابع من تشرين الأول الماضي وإطلاق حركة حماس هجومها على الإحتلال الإسرائيلي، سارعت إيران للتبرؤ من عملية حماس على لسان مرشدها الخامنئي وكبار قياداتها سياسيا وعسكريا، تلاقت مع أميركا في منتصف الطريق لمنع توسع الحرب واستمرار حلف المصالح القائم بينهما منذ ٤٥ عاما.
ثاني ضحايا الحرب بعد غزة وأهلها، كانت وحدة الساحات، التي تتغنى بها إيران منذ إعلانها إحتلال أربعة عواصم عربية على لسان قاسم سليماني، سلكت مبدأ المشاغلة عبر وكلائها من جنوب لبنان الى الجولان والبحر الأحمر بغية حفظ مقعد لها على طاولة ترتيب المنطقة بعد الحرب، ما يعني التسليم بدورها كلاعب إقليمي طليعي، لكن هجوم غبي عبرة مسيرة عراقية قلب كل الموازين والحسابات.
الهجوم على قاعدة التنف الأميركية، قتل ثلاثة عسكريين قبل أشهر من بدء الإنتخابات الرئاسية الاميركية في ظل تراجع شعبية الرئيس بايدن، وضع إدارته أمام إستخدام القوة كحل وحيد تجاه التعرض لهيبة أميركا وقتل جنودها، هذا ما بدأ بالفعل ليلا عبر ضرب وكلاء إيران في سوريا العراق والتصريحات الأميركية تؤكد إستمرارها في ضرب أذرع إيران.
عملية “بتر أذرع إيران” ربما بدأت فعليا ويرجح أنها ستبقى في هذا المربع، لأن إيران لن تنجر لحرب مدمرة مع أميركا، هي تعمل بوصية مؤسس نظامها الديني الخميني حين قال “حفظ النظام أوجب الواجبات”، ستهرب من هذه الحرب حتى لو ضربت أميركا قلب طهران، وهي “ستقاتل خارج حدوها حتى أخر وكيل عربي لديها” كما قال مدير وكالة المخابرات الأميركية “وليم بيرنز” في مقاله لمجلة “فورين أفيرز” الأميركية.
إعادة إيران لداخل حدودها هو الحل الذي تتوخاه إدارة بايدن، لكن هل فعلا هو الحل المنقذ؟؟
العارفون بماهية وطبيعة نظام الملالي يدركون جيدا أنه نظام بائد يسكن كهوف التاريخ ويستحيل عليه العيش داخل حدوده، لأن ذلك سيكشف كل عيوبه الداخلية ويعرضه للسقوط سريعا، الجميع سيرى كيف بدد ثروات وخيرات شعبه في سبيل النفوذ والسيطرة وجنون العظمة.
الشعب الإيراني يستحق نظاما يعمل في سبيله، لرفع مستوى معيشته، وخلق فرص العمل وإطلاق برامج التنمية والتحديث والتطوير واللحاق بركب الحضارة، وشعوب المنطقة تستحق نظاما مجاورا يؤمن بحسن الجوار، يحترم إستقلال دولها، لا نظاما يزرع الفتن والقلاقل والموت ويخلق الفتن والخراب في كل بلاد العرب.
على مدار ٤٥ سنة رفع نظام الملالي شعار الموت لإسرائيل وتحرير القدس، لم يطلق رصاصة واحدة تجاهها، بل دمر اربعة بلدان عربية في طريقه نحو المسجد الأقصى، لم يستفد من أعماله غير الإحتلال الصهيوني.