أحمد الأيوبي
بتعاون قطري – فرنسي وتشجيع أميركي وصيانة مصرية وتسديد سعودي، وصلت المفاوضات بين إسرائيل وحركة «حماس» إلى خواتيمها في عناوينها الكبرى ومآلاتها الهادفة إلى وقف ثابت لإطلاق النار وتبادل الأسرى وبدء مسارٍ تفاوضي صلب للوصول إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة تعطي الشعب الفلسطيني جزءاً من حقوقه وتضمن عدم تعرّض إسرائيل لزلزال مشابه لزلزال «طوفان الأقصى» لتكون حرب المائة وبضعة عشر يوماً أسرع حروب التحرير في الوصول إلى الحقوق وإقامة الدولة لشعب عانى قرناً ونيفاً من الاضطهاد.
تؤكّد مصادر مطّلعة على مسار المفاوضات أنّ كلّ تفاصيل الاتفاق أصبحت منجزة باستثناء تعنّت الجانب الإسرائيلي في إطلاق بعض الأسرى وعلى رأسهم مروان البرغوثي، وقد تدخّلت الدوحة في الساعات الأخيرة لتجاوز هذه العقدة للوصول إلى اتفاق اليوم. يُرجّح توقيع اتفاق وقف إطلاق النار اليوم، وأهمّ بنوده: الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، صفقة تبادل الأسرى واعتبار أنّ إقامة الدولة الفلسطينية هو هدف مسار المفاوضات غير المباشرة والتي قد تستمرّ لأشهر.
وقد وافقت «حماس» على تولّي قطر متابعة المسار التفاوضي، كما فوّضت إسرائيل فرنسا متابعة المسار التفاوضي. وبحسب مصادر متابعة ومطّلعة على أعمال الجانب الفلسطيني في المفاوضات التي يقودها من غزة يحيى السنوار ومن الدوحة إسماعيل هنية، فإنّ «حماس» تعتبر أنّ تضحيات الشعب الفلسطيني الهائلة التي قدّمها في هذه الحرب لا يُمكن أن تنتهي من دون تحقيق أهدافه الكبرى ولا يُمكن أن تقتصر على وقف النار وتبادل الأسرى وتقف عند هذا الحدّ، بل إنّ القضية الفلسطينية عادت الآن إلى أولوية العالم ويجب أن تنتهي بإعادة الإعمار واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإقامة الدولة التي سبق لـ»حماس» أن أعلنت قبولها على الأراضي المحتلّة عام 1967.
فشلت إسرائيل في سحق «حماس» وإزالتها واستطاعت الحركة أن تفرض نفسها شريكاً أوّل في عملية التفاوض وخسر نتنياهو الحرب رغم كلّ أعمال الإبادة التي ارتكبها. من الواضح أنّ السلطة الفلسطينية القائمة في الضفة الغربية أصبحت في حال «موت سريري»، ولا بدّ من إعادة صياغة المؤسّسات الشرعية الفلسطينية، ومن هنا كانت «حماس» قد طرحت ورقة للعمل الفلسطيني في اليوم التالي للحرب.
وبحسب النقاشات التي سادت أروقة التفاوض، سيكون لمدينة القدس وضع خاص. يُمكن لهذه المفاوضات أن تستمرّ أشهراً حتّى تنتهي ويجري البحث الآن في مسألة الضمانات وإنشاء الجوار الإقليمي للدولة الفلسطينية نظراً للخشية الإسرائيلية والأميركية من تداعيات التحوّلات الفلسطينية على الشارع في الأردن بشكل خاص، كما أنّ هناك ضرورة لترتيب علاقات خاصة مع مصر.
وبينما ثبّتت قطر موقعها المتقدّم في القضية الفلسطينية، خرجت إيران صفر اليدين من هذا الاتفاق، لأنّ «حماس» رفضت أن تُفاوض طهران باسمها في حين كانت الدوحة وسيطاً داعماً للفلسطينيين. وخاضت الحركة العملية التفاوضية بشكل منفرد، وقد حاولت طهران التصعيد لتكون في قلب اللعبة التفاوضية، فلم تفلح لأنّ الإدارة الأميركية رفعت في وجهها العصا الغليظة وهدّدت بضربة تصل إلى طهران، فيما يبدو أنّ «طوفان الأقصى» ورّط «حزب الله» في مواجهة لم يتمكّن من استثمارها في التفاوض مع الأميركيين، وربّما بات عليه الآن الوصول إلى اتفاق جديد يلزمه تأمين الحدود مع فلسطين المحتلّة.