بعد تصريحات مثيرة للجدل أطلقها المرشد الأعلى علي خامنئي في اجتماع مع مجلس خبراء القيادة في 7 نوفمبر 2024، تصاعد الحديث حول أزمة الخلافة داخل النظام الإيراني. دعا خامنئي المجلس للاستعداد لاختيار خليفة له، مما أثار حالة من التوتر والانقسام داخل أروقة النظام، التي تجلت في خطب صلاة الجمعة في مختلف مدن إيران.التصريحات التي ألقاها خامنئي أثارت جدلًا واسعًا داخل النظام وخارجه، وعكست حالة القلق بشأن مستقبل الجمهورية الإسلامية في غياب قائدها الحالي. ففي الوقت الذي يسعى النظام إلى الحفاظ على استقراره وسط الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة والعزلة الدولية، تضيف قضية الخلافة مزيدًا من الضغط على هيكل النظام الهش.تناقض التصريحات وردود الفعلأثارت تصريحات خامنئي حول إعداد مجلس الخبراء لاختيار “الولي الفقيه” المقبل ردود فعل متباينة. الملا حيدري كاشاني، عضو مجلس الخبراء، وصف اللحظة بأنها مأساوية داخل المجلس، مشيرًا إلى أن كلمات خامنئي جعلت بعض الأعضاء يبكون خوفًا من مستقبل النظام في حال غيابه.على النقيض، أنكر الملا كيواني، وهو عضو آخر في المجلس، هذه المزاعم بشكل قاطع، مشيرًا إلى أن الاجتماع كان إيجابيًا وخاليًا من المشاعر السلبية. هذا التناقض في المواقف يعكس انقسامًا واضحًا داخل النظام، حيث تسعى بعض الفصائل للتخفيف من وطأة التصريحات، بينما ترى أخرى في هذا الإعلان دعوة للاستعداد لمستقبل غير مستقر.الشخصيات المرشحة لخلافة خامنئيرغم السرية التي يفرضها مجلس الخبراء على عملية اختيار خليفة خامنئي، تداولت تقارير إعلامية أسماء ثلاثة مرشحين رئيسيين:مجتبى خامنئي: الابن الأكبر للمرشد، المعروف بنفوذه الكبير في الحرس الثوري والاستخبارات.الملا أعرافي: رئيس الحوزات العلمية في قم، وشخصية بارزة في تصدير أيديولوجية النظام إلى الخارج.الملا ميرباقري: رجل دين متشدد وقائد تيار “الصمود” الذي يتبنى سياسات متشددة داخليًا وخارجيًا.خطب الجمعة ودلالاتهافي خطب صلاة الجمعة بتاريخ 15 نوفمبر 2024، ظهرت مواقف متباينة من رجال الدين في مختلف المدن. ففي أصفهان، حاول الملا مهدوي التقليل من أهمية التصريحات، زاعمًا أنها ليست جديدة، مشيرًا إلى أن خامنئي قد أدلى بمثل هذه التعليقات في الماضي.أما الملا شفيعي في مدينة ساري، فقد وصف التصريحات بأنها فرصة استغلها “الأعداء”، في إشارة إلى المعارضة الشعبية والدولية، لتحليل الوضع الداخلي للنظام والمبالغة فيه.التحليل: أزمة وجودية أم ترتيب طبيعي؟هذه التصريحات ليست مجرد إجراءات روتينية، بل تعكس أزمة وجودية داخل النظام. التوقيت والطريقة التي أُعلن بها الأمر يعكسان قلقًا متزايدًا من ضعف القيادة في مواجهة التحديات الراهنة، مثل الاحتجاجات المتصاعدة التي تطالب بالإصلاح، والضغوط الاقتصادية المتزايدة بفعل العقوبات الدولية.يبدو أن النظام الإيراني، الذي بنى شرعيته على مبدأ ولاية الفقيه، يدرك أن غياب خامنئي سيخلق فراغًا قد لا يتمكن من ملئه بسهولة، خاصة في ظل الانقسامات بين الفصائل المختلفة داخل النظام.خاتمةتصريحات خامنئي حول الخلافة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع الداخلي في إيران. على الرغم من محاولات النظام إظهار تماسكه، إلا أن الخلافات العميقة والتحديات الخارجية تجعل هذه المرحلة حاسمة لمستقبل الجمهورية الإسلامية. وفي غياب خطة واضحة وقيادة قادرة على مواجهة التحديات، قد تصبح أزمة الخلافة بداية لانهيار النظام كما يعرفه العالم اليوم.