احمد امين قباني
في 22 تشرين الثاني 1943، نال لبنان استقلاله بعد نضال طويل ضد الاستعمار الفرنسي، ليصبح هذا اليوم مناسبة وطنية يحتفل بها اللبنانيون سنويًا. ومع حلول الذكرى الواحدة والثمانين للاستقلال، يجد لبنان نفسه أمام تحديات غير مسبوقة تعصف بالوطن، مما يجعل من استعادة روح الاستقلال الحقيقي ضرورة أكثر من أي وقت مضى. *الاستقلال: بين الأمس واليوم*حقق اللبنانيون استقلالهم عبر تضافر الجهود الوطنية التي تجاوزت الانقسامات الطائفية والسياسية، ليجسد هذا الحدث حلم بناء دولة ذات سيادة كاملة. ومع ذلك، سرعان ما واجه لبنان محطات أليمة تمثلت في الحروب الداخلية والتدخلات الخارجية، مما أضعف مفهوم الاستقلال وأدى إلى تآكل سيادة الدولة على مدى العقود.اليوم، يقف لبنان على أعتاب تحديات خطيرة تهدد كيانه وتضعف استقراره السياسي والاجتماعي والاقتصادي.*أبرز التحديات التي تواجه لبنان اليوم* 1. الأزمة السياسيةيعاني لبنان من فراغ دستوري وشلل سياسي نتيجة التجاذبات بين القوى الحزبية والطائفية. هذا الانقسام الداخلي يعوق انتخاب رئيس للجمهورية وتاليف حكومة جديدة ومباشرة القيام وإجراء الإصلاحات الضرورية المطلوبة. كما أن التدخلات الإقليمية والدولية في الشؤون اللبنانية تقوض إمكانية اتخاذ قرارات وطنية مستقلة تخدم المصلحة العامة.2. الانهيار الاقتصادييشهد لبنان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث. فقد أدى انهيار العملة المحلية إلى فقدان اللبنانيين قدرتهم الشرائية، وارتفعت معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات قياسية. البنية التحتية تعاني من تراجع حاد، والخدمات العامة مثل الكهرباء والماء أصبحت شبه معدومة، مما يعمق معاناة المواطن اللبناني، بالإضافة إلى ذلك وضع في اللائحة الرمادية.3. التحديات الأمنية والسيادية لا تزال مسألة السيادة تشكل تحديًا كبيرًا. وجود جماعات مسلحة خارج نطاق الدولة، واستمرار التدخلات الخارجية، يقوضان سلطة الدولة ويمنعانها من ممارسة دورها الكامل. علاوة على ذلك، تتفاقم الأوضاع الأمنية نتيجة الأزمات الإقليمية والصراعات المحيطة.4.
أزمة اللاجئين والنزوحيستضيف لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين، ما يضع ضغطًا هائلًا على موارده المحدودة. هذا الملف يتطلب معالجة عاجلة عبر التعاون مع المجتمع الدولي لضمان تقاسم الأعباء بشكل عادل.*آفاق الحلول: نحو استقلال حقيقي* لبنان بحاجة إلى إعادة تعريف مفهوم الاستقلال ليشمل بناء دولة قادرة وعادلة. لتحقيق ذلك، يجب العمل على:
1.*إصلاح النظام السياسي*: من خلال تعزيز الشفافية وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن، وتحقيق العدالة الاجتماعية بعيدًا عن المحاصصة الطائفية.
2. *معالجة الأزمة الاقتصادية*: عبر تطبيق إصلاحات شاملة تستهدف مكافحة الفساد، وتعزيز الإنتاج الوطني، والتفاوض مع المؤسسات الدولية لدعم التعافي.
3. *تعزيز السياد*: بالعمل على تقوية مؤسسات الدولة ووضع حد للتدخلات الخارجية والجماعات المسلحة.
4. *التعاون الدولي: لحل أزمة اللاجئين والنزوح بشكل يخفف الضغط عن لبنان، ويحقق التوازن بين مصالح الدولة والمجتمعات المضيفة.
5. *خاتمة: ذكرى الاستقلال ليست مجرد احتفال بل فرصة للتأمل والتخطيط لمستقبل أفضل, على اللبنانيين استعادة روح الوحدة والتكاتف التي قادتهم إلى تحقيق الاستقلال عام 1943.
اليوم، يحتاج لبنان إلى استقلال جديد، استقلال عن الفساد والانقسام والخضوع للأجندات الخارجية، لبناء دولة قوية وعادلة تستجيب لتطلعات شعبها وتعيد للوطن مكانته بين الأمم