Mr. Jackson
@mrjackson

مسرحية اليمن التراجيدية ..

مصعب الأحمد بن أحمد

ان الكلام عن تسوية سياسية ، وحماية لليمن من التفكك يحتاج الى عوامل قوية تتمكن من معالجة الجذور المتأصلة للصراع والتي حولت البلد الى بلد فاشل بكل المقاييس بعد انهيار الدولة المركزية ومجيء أمراء الحرب وتدخل الاصابع الخارجية والعبثيات الدولية ..
معانات كبيرة حيث يواجه اليمن أزمة إنسانية حيث يقول برنامج الغذاء العالمي بأن مستوى الجوع “غير مسبوق” عالميا ويعاني منه ملايين اليمنيين، منهم 17.4 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي، يمكن أن تصل أعدادهم في حال استمرت الحرب إلى 19 مليون بحلول نهاية العام، بينما يحتاج 2.2 مليون طفل يمني دون الخامسة إلى علاج من سوء التغذية الحاد  .
اليمن حاليا مقسم ، فمن الحوثة ، إلى المقاتلين المقربين من المخلوع المدعومون سعوديا ، فحزب الاصلاح ، فالمجلس الانتقالي الجنوبي ، فجماعات متفرقة مدعومة اماراتيا ، فالعمالقة ، فقوات النخبة ..
لا تستطيع اي جماعة من هذه السيطرة والتفرد بالوصول لى الحكم المطلق وانهاء الخصوم ، وبالمقابل فهي قادرة بقوة العدد والسلاح على افشال اي مجال تصالحي أو سياسي ،
ولأن الاقتصاد اليمني ينكمش ويواجه تحديات كبيرة فنحن امام معارك امراء الحرب وحرب طاحنة قادمة بلا محالة محاولة للسيطرة على منابع النفط ، أوقيام حرب على اسس طائفية ومذهبة هي السيناريوا الاقرب للواقع المتجذر والذي يمنع اي تسوية سياسية ممكنة حيث ان الاطراف الخارجية كل منهم يلعب في غير ملعبه وما دامت اللعبة في الخارج فلايهم كم الضحايا والخسائر والنتائج ، المهم أنه يلعب ويثبت وجوده في المشاركة .

ولمن لا يعلم شيء عن الحوثة نعود قليلا بالتاريخ
الى أواخر التسعينيات، حيث أسست عائلة الحوثي في أقصى شمال اليمن حركة إحياء ديني للطائفة الزيدية الشيعية التي حكمت اليمن يوما ما في السابق لكن معقلها في شمال البلاد أصبح مهمشا وفقيرا.
ومع تصاعد الخلافات مع الحكومة، خاض الحوثيون سلسلة من حروب العصابات مع الجيش الوطني كما دخلوا في نزاع حدودي مع السعودية
ودول الخليج..
قام الحوثة في اليمن  بضرب البنية التحتية الحيوية الإسرائيلية ، حيث أطلقوا – على حد زعمهم – صاروخين باليستيين متوسطي المدى على الأقل على إسرائيل، وهي خطوة لم يقوم بها أي عدو منذ قيام صدام حسين بإطلاق صواريخ “سكود” على إسرائيل في عام 1991، كما هي خطوة لم تقوم بها إيران نفسها قط حتى هذه المرحلة. كما أطلقو ما لا يقل عن ثماني دفعات من صواريخ “كروز” وطائرات مسيرة متفجرة بعيدة المدى على إسرائيل، ركزت على ميناء إيلات في جنوب البلاد. وأسقطو طائرة أمريكية بدون طيار خلال الأزمة وتم توجيه الكثير من الصواريخ والطائرات المسيّرة على مسافة قريبة من سفن البحرية الأمريكية. وقد استولت قوة حوثية من المغاوير نُقلت عبر المروحيات على إحدى سفن الحاويات، كما تعرضت مؤخراً ثلاث سفن أخرى للقصف بصواريخ الحوثيين المضادة للسفن في البحر الأحمر في يوم واحد .
وكبدوا اسرائيل خسائر فادحة وبحسب القناة “13” الإسرائيلية، تقدر الواردات الآتية من الشرق إلى إسرائيل، بما يعادل 95 مليار دولار سنوياً. كما أن “تغيير مسار الملاحة البحرية سيرفع أسعار المنتجات المستوردة بنسبة تُقدر بـ3%، وهو ما من شأنه أن يزيد العبء المادي على كاهل الإسرائيليين بنحو 10.5 مليار شيكل، أي نحو 3 مليارات دولار”.
ويبلغ حجم التجارة البحرية لـ”إسرائيل” 400 مليار شيكل (109 مليارات دولار) في السنة، و99% من حجم الاستيراد يأتي من السفن، التي يأتي 30% منها البحر الأحمر.
وتكبدّ ميناء إيلات خسائر فادحة، وفق ما أكّده المدير العام للميناء جدعون جولبر بقوله: إن التهديدات الحوثية “تُعطل 80% إلى 85% من أرباح الميناء. كما أن التهديد اليمني للممرات البحرية أدى إلى خسارة الميناء بنحو 14 ألف سيارة خلال 20 يوماً فقط من تحذير الحوثي. وأشارجولير إلى أن إغلاق مضيق باب المندب “من شأنه أن يطيل مدة السفر لسفن الشحن الآتية من الشرق إلى إسرائيل، بنحو خمسة أسابيع” فهل نجح الحوثة وانتصروا على اسرائيل واوقفوا الحرب ؟
جماعة الحوثة التي تحاصرالمسلمين في – تعز – وتفاقم الازمة الانسانية وتقتل الآلاف من الجوع والمرض تدعي انها تستهدف الناقلات الاسرائيلية لفك الحصار عن المقاومة في غزة ، لتلميع صورتها امام الرأي العام العربي والاجنبي استعدادا للقادم ، وهو محاولة الغرب تحقيق نصر ولو معنوي للشيعة بهدف خلق فضاء قبول ورضا عند الشعوب اذا ما اقدم الحوثة على السيطرة على اليمن او البحرين ثم السعودية لاحقا ، كما حصل في حرب تموز بين حزب الله واسرائيل تلك المسرحية المضحكة ..
لم تعد تنطلي على الناس افلامكم ..
فبعد شهر من ادراج الحوثة على قوائم الارهاب العالمية ياتي جو بايدن ليرفعها من القوائم ،
كما ان جماعة الحوثة الممولة ايرانيا ترفض أي استجابة واضحة لرغبات الأمم المتحدة – الشكلية – بشأن أي مسار تصالحي وانهاء للنزاع لان المشروع المعد له أكبر بكثير من حدود اليمن ..
والسؤال الذي يطرق الاذهان  ما الأسباب التي تدفع الحوثة إلى تحمل مثل هذه المخاطر بالنيابة عن “حماس”، ومحور المقاومة، وإيران؟
إن الإجابة المختصرة هي أن الحوثيين ليسوا وكلاء لإيران ولا شركاء مصلحة في زمن الحرب
-كما يزعمون -فبينما تشيد إيران بالحوثيين باعتبارهم جزءا من “محور المقاومة” يقول خبراء في الشأن اليمني إن دافعهم الرئيسي هو أجندة محلية على الرغم من تشاركهم في رؤية سياسية مع إيران وحزب الله. وينفي الحوثيون أنهم وكلاء لإيران ويقولون إنهم يحاربون نظاما فاسدا.
لكن من الممكن جداً القول إنه لا ينبغي النظر إلى العلاقة بين الحوثيين وإيران على أنها علاقة ضرورة، بل بالأحرى تحالف قوي وعميق الجذور يرتكز على تقارب أيديولوجي وثيق وتنسيق جيوسياسي. ويمكن الاعتبار أن ظهور “حزب الله الجنوبي” في اليمن أصبح الآن واقعاً على الأرض..

والسؤال الاعمق والاهم :
كيف تجاهلت الادارة الأمريكية  تطوراً مقلقاً في شؤون الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، وتحديداً ظهور جهة فاعلة عسكرية جديدة وقوية هي حركة الحوثة في ​​اليمن، والتي قد يُنظر إليها على أنها مشابهة لكوريا الشمالية ولكنها غير نووية – أي جهة فاعلة منعزلة وعدوانية ومسلحة تسليحاً جيداً ومعادية للولايات المتحدة واحتلالها موقعاً جغرافياً رئيسياً؟
الجواب : أن الادارة الامريكية ليست اقل نجاسة من أن تدرك تلك المخاطر وابعادها على اعتبار ان الحوثة اعداء في غير العلن ، اذا فان اي أعمى في الشؤون السياسية يرى بوضوح أن امريكا وايران متفقتان على مخطط قريب المنال يقضي بتمكين الشيعة من السيطرة على قلب الشرق الاوسط وتدميره وربما تدمير الشيعة واضعافهم واستنزافهم وربما تمهيدا لمجيء الاحالف مستقبلا ليرفع الغائلة والمعاناة ويسيطر بنفسه على المنطقة او يسيطر بالوكالة الشيعية الحصرية ..
الحرب لها بعد صليبي واضح واي نظرة للسياسة الامريكية تصب في هذا الاتجاه بوضوح .
واعتقد أن المسرحية الهزلية لمحور المقاومة ستنم عن استدعاء الاحتلال او تمكين الشيعة من اليمن ومابعدها ..
وأما غزة فلا بواكي لها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *