Mr. Jackson
@mrjackson

بعد مبادرة السنيورة: دار الفتوى “تكليف وطني” بالمشاركة في الانتخابات

كتب أحمد الأيوبي

بعد مبادرة الرئيس فؤاد السنيورة وإعلانه دعوة اللبنانيين وأهل السنة والجماعة للمشاركة في الانتخابات النيابية ترشيحاً واقتراعاً، وتحمّل المسؤولية الوطنية لمنع الفراغ والحيلولة دون إسقاط البلد نهائياً بيد “حزب الله”، أطلق مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان نداءاً متكاملاً مع موقف الرئيس السنيورة، شدّد فيه على رفض خطابات التيئيس من جدوى المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، معتبراً هذا المنحى اتجاهاً تخريبياً مرفوضاً.

يكتسب موقف مفتي الجمهورية أهميته في أنّه يأتي بعد الهجوم المنسق الذي شنّه الأمين العام لتيار المستقبل (المعلق نشاطه)، على مبادرة الرئيس السنيورة وانطلاق حملة في وسائل التواصل مع مجموعات زرقاء ضدّ دعوته للمشاركة النيابية، فإذا بموقف المفتي دريان يجذِّرُ مبادرة السنيورة، ويؤكّد رفض الفراغ، ويحثّ على استنهاض الواقع السني وعدم التسليم بالفراغ كحالة أمرٍ واقع.

هكذا تكتمل صورة إسقاط المقاطعة السنية، لتسقط إحدى الحجج التي يمكن أن تستغلها أحزاب السلطة لتطيير الانتخابات، وهو ما كشف عنه رئيس الجمهورية ميشال عون مؤخراً.

مفتي الجمهورية: نرفض التيئيس وندعو للمشاركة

في ذكرى الإسراء والمعراج، وجّه المفتي دريان رسالة إلى اللبنانيين عموماً والمسلمين بشكل خاص، قال فيها “إن المؤسسات الدستورية فى الأصل، هي الحارسة للمرافق العامة، وللمال العام، ولمصالح المواطنين. لكنها والحق يقال أيضاً وأيضاً، ما قامت بشيء من ذلك في السنوات الماضية. ثم هاهم القائمون عليها، يتصدرون الآن للانتخابات. وهذا يضعنا في حيرة كبيرة. فليس بوسعنا أن نقول للناس لا تقوموا بحقكم وبواجبكم الانتخابي، لأن الانتخابات هي سبيل التغيير في الدولة الحديثة. لكننا نسمع من الجهات المهيمنة ذاتها القول: إنها ستفوز، وإنه لا شيء سيتغير (!). كلام هؤلاء المراد به التيئيس، والاستمرار في فرض الأمر الواقع، وهو تخريبٌ محض”.

لذلك، أعلن المفتي دريان أنّنا “نفارق التردد والحيرة، وندعو الجميع الجميع، للنزول إلى صناديق الاقتراع. فالتصويت الكثيف، هو رسالة أمل ورجاء، وإيمان بمستقبل الوطن والدولة. وإذا لم نعمل بإيماننا وبأملنا فبماذا نعمل؟”.

في كلام المفتي هنا تحذير من أنّ التصويت المنخفض لدى أهل السنة والجماعة، سيؤدي حكماً إلى انتصار “حزب الله” وتمكنه من اختراق الساحة السنية بشكل واسع، وهذا واضح من خلال أدواته الانتخابية في بيروت وبقية المناطق، لهذا يصبح  عنصر المشاركة الكثيفة عاملاً ضرورياً لاستعادة التوازن الانتخابي والسياسي.

إسقاط “فتاوى” المقاطعة والفراغ

المعنى الأساس والأهم لرسالة مفتي الجمهورية هي أنّ الجمهور السني هو جمهور حرّ وغير مقيّد وليس لأيّ “فتوى سياسية” أن تُقعده أو تحتجز قراره وتحول دون مشاركته في الانتخابات النيابية، وأنّ الفتوى الشرعية الوطني صدرت من المرجعية، وهي وجوب القيام بالمسؤولية والانخراط في العملية الانتخابية ترشيحاً واقتراعاً، وتحريم مبطّن للمقاطعة، مهما كانت مبرِّراتُها وأياً كان الداعون لها، وكيفما كان شكلُها.

استعادة التوازن السني: المشنوق يدعو لمشاركة الشباب

بدأ الموقف السياسي السنّي يستعيد توازنه بأشكال مختلفة، فالتسليم بالفراغ غير منطقي، حتى من قبل الذين فضّلوا عدم الترشح للانتخابات المقبلة، وهذا ما أشار إليه النائب نهاد المشنوق في بيانه الذي أعلنه فيه عزوفه عن خوض الانتخابات النيابية، والذي رغم عدم تفاؤله بجدوى العملية الانتخابية بسبب هيمنة “حزب الله” على البلد، غير أنّه أكّد أنّ “للشباب الحقّ بأن يأخذوا الفرصة بحثاً عن ثوبهم الجديد، السياسي وأنّ للشباب المنتفض حقّه في أن يصيغ أحلامه وأن يواجه خيباته حين يقعُ فيها، أو ينجح فنكون كلُّنا من الرابحين”.

خطاب دار الفتوى: رفع الغطاء عن الاشتباك المفتعل مع القوات

من أهم مفاعيل خطاب الرئيس السنيورة رفع الغطاء عن حملات قيادات تيار المستقبل على القوات اللبنانية، والتي كانت تجري بشكل مفتعل ومقصود بهدف توسيع المسافة الفاصلة بين الجمهور السني وبين القوات، مع السعي الدائم من قبل أحمد الحريري لجعل كلّ أهل السنة مجرّد جمهور لسعد وأحمد الحريري.

اللافت أنّ أحمد الحريري عقّب على مبادرة السنيورة بنشر صورة للرئيس سعد الحريري وعلّق عليها قائلا “موقفك وحده يمثلني”، بينما لزم الضمت بعد رسالة المفتي دريان، وفي ذلك إشارة إلى أنّ المرجعية الدينية حسمت الموقف ولم يعد هناك مجال للرجوع إلى الوراء. فقد انتهت مرحلة رهن أهل السنة والجماعة لشخص سعد الحريري ومن حوله من تجار السياسة والتنمية.

معلومات خاصة: إشارات عربية بإنهاء الفلتان السياسي لأحمد الحريري

في معلومات خاصة بـ”البديل”، فإنّ الرئيس سعد الحريري تلقى إشارات عربية حازمة بضرورة إنهاء حالة الفلتان الإعلامي والسياسي التي يقودها أحمد الحريري منذ إعلان تعليق المشاركة السياسية لتيار المستقبل، والكفّ عن المناورات والتلاعب بين الدعوات المضمرة للمقاطعة وبين المساعي الضمنية لتشكيل لوائح ملغومة تضمن الالتفاف على قرار الانسحاب والإبقاء على الوجود النيابي لمرشحين موالين لشخص أحمد الحريري.

بعد موقف مفتي الجمهورية، لم يعد هناك مكان للفراغ ولا للفارغين، والوقت الآن للعمل وبذل الجهود القصوى للتنظيم وتفعيل كلّ الطاقات من أجل استدراك ما خرّبته مرحلة التنازلات وما تركته من آثار يجب العمل على محوها في أسرع وقتٍ ممكن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *