Mr. Jackson
@mrjackson

كيف نعرف الإسلام ديناً وحضارة؟

الشيخ الدكتور حسان محيي الدين

قرون طويلة مرّت على الإسلام منذ شروق شمسه، زاد أتباعه عدداً، وزادت أرضَه اتساعاً، وتضاعفت ثروات أقطاره، وكان يفترض أن تتزايد تبعاً لذلك معرفةُ المسلمين بدينهم، وأن يفهم غير المسلمين حقيقة هذا الدين القيم الذي أصبح بكل المقاييس ديناً هاماً يجب أن يُدرّس ليعرف ويستفاد من قيمه ونظمه، وأن توضع تشريعاته موضع التنفيذ، إن لم يكن لأنه دين، فليكن لكونه يتفوق فيما جاء به على ما عداه، ويملك ما يفتقر إليه سواه، ولأنه جاء للبشرية بما يسعدها، ويرتقي بها.
فالجهل بالشيء لا يولّد غير السوء وقد كان نصيب الإسلام من أتباعه، السلبية، أو ترك أحكامه، والعمل بغير ما جاءهم به، وكان موقف الأعداء منه الكراهية والحقد وما يتبع ذلك من المؤامرات التي تحاك له والشراك التي تُنصَب لأتباعه.
وإذا كان الإسلام اليوم غريباً فإن هذه الغربة يجب أن تزعجنا وأن تحركنا عندما نحسها، وتوقظنا من سباتنا وتحركنا حركة إسلامية المسار والخطى، والمنهج والسلوك، لنصل إلى نتيجة ربانية (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) ((آل عمران :١١٠))
وإذا أردنا أن نعرف بالتحديد لماذا أصبح الإسلام غريباً؟ فإن أي استقراء للتاريخ وأي تحليل لأحداثه يمكن أن يضع أيدينا على هذه الأسباب، منها، إنشغال المسلمين أنفسهم بأمور غريبة عن مناهجهم الدينية وعقيدتهم الأصيلة، فالبداية ليس يوم شغل المسلمون بأمر الدنيا ولكن يوم شغلوا أنفسهم بأمور غير الإسلام، فالإسلام دين ودنيا، لذلك عندما تخلى المسلمون عن المناهج الإسلامية ودخلوا طواعية تحت تأثير غيرهم وجدوا أنفسهم غرباء ضعفاء لاختلاف الأساليب ولأنهم تخلوا عما يعطيهم القوة ويمنحهم التفوق في الحياة، فالمسلم عندما يتعامل يتعامل بأخلاق سواء مع أبناء جلدته أو غيرهم، ولا يستطيع أن يتعامل بغير هذه الأخلاقيات مهما كان فاسقاً، إن المسلمين عندما تركوا دينهم وتعاملوا بقيم غيرهم كانوا كالجيش الذي ألقى سلاحه ودخل المعركة، فالصورة اليوم أن المسلمين لا يعيشون الإسلام وهم لا يعرفونه حق المعرفة، ولو عرفوه لعاشوه وإنهم لكي يعرفوه فالطريق طويل والصعاب كثيرة ولأنهم لا يعرفون الإسلام فهو غريب عنهم وهم غرباء عنه، ولأن الأعداء المتربصين خدعوهم وأقنعوهم بأن ما بين أيديهم لم يعد صالحاً للحياة، وأن الطريق الذي يجب أن يسلكوه ترك هذا الدين وراء ظهورهم والأخذ من حضارة غيرهم، لقد نجحوا في إقناع المسلمين بأن التقليد هو الطريق الأمثل للتقدم والتمدن ولأنها أكذوبة والفكرة عدوانية ماكرة، فقد تحول أكثر المسلمين إلى ببغاوات وتحول العمل الذي يجب أن يكون جاداً إلى حركات بهلوانية محزنة، ولكي يجد المسلمون المنهج الذي يمكنهم من التعامل مع عالم اليوم تعاملاً كريماً، لا بد من العودة إلى الإسلام وهي عودة مشروطة بالكيفية والإمكانات والظروف وجميعها ليست في صالح المسلمين اليوم، فهم يواجهون أربع جبهات من الأعداء:
أ) أعداء خارجين عنهم يرون في عزة الإسلام ذلة لهم، فهم في الكيد للإسلام يعملون بكل قواهم
ب) أعداء في صفوف المسلمين تأثروا بما تعلموه ولقنه لهم أعداء الإسلام
ج) المبادئ المصطنعة والمفبركة لتضليل المسلمين وتشمل مجالات السياسة والإقتصاد والإجتماع والتعليم والمال، وتزيينها للمسلمين وإقناعهم باتباعها
د) اليأس الذي يمزق الأمة الإسلامية في عجزها عن إدراك قدراتهم وإحساسهم بجوهر دينهم
أخيراً، العودة إلى الإسلام ومحاولة البناء على أسسه هو ما يخرج المسلمين مما يعانون منه في عصرنا، فما حالهم اليوم بأسوأ من حال العرب يوم جاءهم الإسلام، فاليقظة مطلوبة اليوم وحان الوقت للصحوة من الغفلة، فكرامة الإنسان بدينه، ولا بد من إحداث تغيير جذري حتى يعود للإسلام رونقه…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *