طارق الحجيري
عيد ميلاد السيد المسيح، هذا العام في القاع له طعم آخر، البلدة البقاعية الحدودية، التَّجمع الكاثوليكي الثاني بعد زحلة بقاعًا، تُشَكّل بوابة العبور من وإلى سوريا عبر معبر جوسيّة، عانت الأمرَّين طيلة حكم نظام آل الأسد سواء أيام الأب المتوفى (أُحْرِقَ قبره قبل أيام في القرداحة) أو الإبن المخلوع قبل فراره إلى روسيا.
مع بدايات الإحتلال الأسدي للبنان، تحديدًا في 28 حزيران 1978 قامت عناصر جيش الأسد بصب رصاص حقدها وغدرها على أهالي البلدة الآمنين، فعمدت إلى خطف ستة وعشرين شابًا منهم، حيث تمت تصفيتهم بدم بارد، قبل أن يعود إليها الموت إرهابًا انتحاريًا في مجزرة 2016 التي نفذها انتحاريون إبان صراع داعش والنظام البائد.
المحامي بشير مطر رئيس بلدية القاع ابن شهيد مجزرة 1978 قال في حديث مع “البديل نت” مستذكرا شهداء بلدته :” رحل الطُغَّاة وبقيت القاع بأصالتها ووطنيتها، نترَّحم اليوم على شهدائنا وكل شهيد سقط في وطننا ضحيَّة لهذا النظام المُتَوَّحش، إنها فرحة كبيرة لنا ولكل أحرار العالم ومناهضي الظلم والطغيان”.
أمَّا توقعات مطر من النظام الجديد في سوريا فيقول :” نحن تابعين لدولة مستقلة (مش فاتحين عحسابنا) وعلاقتنا بسوريا تمر عبر الدولة، بالوسائل القانونية الدستورية المعمول بها، لكن بعد انهيار النظام الأسدي، غادر عناصره و”شبيحته” أراضي شاسعة من خراج القاع تَمَّ السطو عليها سابقًا، الآن ننتظر من الجيش اللبناني الدخول اليها، كما نأمل بترسيم نقاط الحدود البريَّة العالقة بين البلدين، وهذا ما يساهم بتسريع اقرار مشروع قانون الضم والفرز النائم منذ سنوات في أدراج مجلس النواب”.
الحاجة لليد العاملة
حول حاجة بلدته وأراضيها الزراعيَّة لليد العاملة السوريَّٰة يقول مطر :” نحن بحاجة لها بالتأكيد لكن يجب تنظيمها بين الدولتين، بحيث يستطيع هؤلاء الدخول والخروج بسلاسة من قراهم الى أماكن العمل القريبة، كونهم جميعًا من قرى ريف القصير المجاورة، كذلك إقامة المنطقة الصناعيَّة التي ننادي بها دائمًا، لِمَا لها من فوائد وعائدات إيجابية على كامل المنطقة وليس القاع فقط، كما أنَّ إتفاقيَّة تقاسم مياه حوض العاصي مجحفة بحق لبنان ويجب مراجعتها وتصحيحها، كذلك المعبر الرسمي “أمانة القاع – جوسيَّة” بحاجة للتنشيط والتفعيل بشريًا وتقنيًا بعد إهماله لسنوات لأسباب يعرفها الجميع”.
العدالة مطلبنا
بسؤالنا حول فتح صفحة جديدة بين لبنان وسوريا كما ينادي السيد أحمد الشرع حاكم سوريا الجديد أجاب الريس مطر :” كلامه مشجع بعد اعترافه بأنّ النظام السابق قتل الشهداء كمال جنبلاط بشير الجميل ورفيق الحريري، هذا ما ننتظره بالتأكيد حول مجزرة 1978 والمخطوفين قديما، كما ننتظر مساهمته في جلاء ملابسات تفجيرات عام 2016 لأنه وبكل صراحة مسار التحقيق القضائي في المحكمة العسكرية حتى الآن لم يقنعنا، كل بحاجة للصفحة الجديدة، للصفاء والمسامحة والمصالحة كل هذه الأمور تتحقق بالعدل والعدالة”.
شهداء القاع باقون في ذاكرتها وذاكرة أبناءها وذاكرة الوطن ككل، لهم الرحمة والخلود، وبإذن الله يتم قريبًا سوق المجرم بشار الأسد إلى قوس المحكمة، لينال قصاصه العادل، جرَّاء ما قام به من جرائم ومجازر وبراميلٍ متفجرَّة.