عدي محمد نابوش
يشهد العالم تطورًا سريعًا في مجالات عديدة لا سيما التكنولوجيا، ومن الواضح أنّ سرعة التقدم سترمي بالمتخلّفين عنها إلى التقهقر على قاعدة أنّ “من لم يتقدّم يتقهقر”، فما جديد عالمنا العصري المتقدم؟
“البلوكتشين” هي تقنية تشغل العالم لأنها ستمكّنه من تغيير طرق العمل بشكل عميق وستسمح بزيادة الثقة والأمان في التبادلات التجارية بشكل كبير، فكيف تعمل هذه التقنية؟
من المتوقع أن تُغيِّرتقنية الـ”بلوكتشين” نظامَ التبادل الحالي، خاصة طريقة تحويل الأموال، وبالتأكيد هناك العديد من التطبيقات المحترمة، ولكن دعونا في هذا المقال، نركّز على عمل “البلوكتشين”، وتحديداً خاصيّة نقل الملكية من شخص لآخر.
أودّ لفت انتباهكم إلى أنّ هذا المقال ليس تقنيًّا، بل هو مقال مبسط للذين ليس لديهم فكرة عن هذه التقنية الجبّارة لذلك:
سأستخدم بعض الأمثلة المبسطة للحصول على نظرة عامة وفهم سريع لتقنية “البلوكتشين” وكيفية عملها:
إفترض أنّ لديك شخص “أ” يريد تحويل الأموال إلى “ب” في دولة أخرى. يتعيّن على الشخص “أ” أن يأخذ أمواله ويستخدم كيانًا موثوقًا به تابعًا لجهة خارجية مثل البنك. لذلك يجب أن تكون معاملة مركزية ترتكز على الوسيط وهو البنك.
يعطي الشخص “أ” المال إلى الطرف الثالث، وهو البنك ويقوم الطرف الثالث (أي البنك) بتسليمه إلى الشخص “ب” وهذا ما يسمى المركزية، ولا شكّ بأنّ هذه المعاملة ستستغرق وقتًا وستكون رسوم التحويل مرتفعة،
أو افترض أنك تريد بيع أرض تملكها لشخص ما. عليك عندها أن تذهب إلى قسم التسجيل لنقل الملكية وتستغرق عملية النقل هناك أياماً عديدة مع تكلفة ورسوم عالية وهذا ما يسمى أيضًا بالمركزية.
إذًا ما علاقة الـ”بلوكتشين” بتلك المعاملات وكيف ستحرِّر هذه التقنية العالم من تكاليف الوقت والمال وكيف تساعد على أمان وضمان العمليات التجارية الحاصلة؟
كيف تعمل الـ”بلوكتشين”؟
لنفترض أنّ جميع الأشخاص متصلون بالشبكة وأنّ جميع أموالهم مسجلة في دفتر، وهذا الدفتر مُتاح ليراه الجميع مع الحفاظ على اختيار اسم الدفتر كما يشاء الشخص، على سبيل المثال إذا كان لديك 100 دولار أمريكي وترغب في تحويل 10 دولارات أمريكية من رصيدك إلى أي شخص آخر يمكنك فعل ذلك من دون أي وسيط وبسرعة فائقة وبأقل تكلفة ممكنة، أمّا إذا كان رصيدك لا يحتوي على 10 دولارات أمريكية سيرفض جميع من على الشبكة الصفقة لأن دفترك على الشبكة لا يحتوي الدولارات العشرة، وبالتالي ستفشل عملية الإرسال.
دور الـ”بلوكتشين” في هذه العملية أنها جعلتها أكثر سرعةً وأمانًا وحررتها من سطوة البنوك ومن ضرائبها المرتفعة.
نستنتج مما سبق أنّه مع تقنية الـ”بلوكتشين” لا داعي لتفويض طرف ثالث (كالبنك) لإجراء معاملة ما، لأنّ الجميع يرى كل شيء ولا أحد يستطيع الغش حيث يجب تأكيد أي معاملة من قبل الأشخاص الآخرين المتصلين بالشبكة من خلال النظر في دفتر السجلات المالية أو الملكية الموزع في سلسلة بلوكات برمجية مشفرة وآمنة جدًا تدعى “بلوكتشين”، وعندها سيكون الأشخاص المتصلين بالشبكة مسؤولين عن تأكيد أو رفض المعاملات من بعد تبيان صحتها (بدلًا من البنك).
نستنتج مما سبق أن العمل بتقنية الـ”بلوكتشين” في الدول المتقدمة أصبح واجبًا لا مهرب منه نظرًا لأهمية هذه التقنية بتسهيل المعاملات التجارية وغيرها، ويبقى السؤال هل ستستفيد بلادنا من هذه التقنية لا سيما أنها ستوفر العناء الكبير على مواطنيها، وهل يستطيع القطاع الخاص دخول هذا العالم الواعد، في ظلّ الانهيار الحاصل؟