تقدم محركات البحث لك البيانات عن موضوع تبحث عنه. فلو طرحت سؤالا، يقدم لك محرك البحث عشرات أو مئات البيانات عنهما، سواء كانت مقالات أو دراسات، أو تعليقات، وتسجيلات صوتية او فيديوهات…
محركات البحث لديها خوارزميات رياضية تقوم بوضع البيانات والمقالات التي تريدك أن تقرأها لتكوين فكرة معينة، كما تريده هي، كما أن لديها لوغاريتميات تعمل على تفضيلات البحث السابق لك، منها ماهو مرتبط بموقعك وباللغة المستخدمة، او ببحثك القديم، كما أنها تقوم بتكوين تصور عنك من خلال الاسئلة وعمليات البحث التي تقوم بها، وتقدم هذا التصور لشركات تسويقية أو حتى لأجهزة استخبارات، لتصنيف البشر. كما تستخدم بعض الشركات مثل بالانتير هذه المعلومات لتكوين فهم كامل عن المستخدم، تقدمه للحكومات.
أي أن محركات البحث أصبحت قادرة على تشويش المعرفة الإنسانية.
أما برامج الذكاء الصناعي فلا تقدم لك البيانات فحسب، بل تجمع البيانات والمقالات والدراسات، وتعطيك الاجابات ووجهات نظر معينة. طبعا يمكن أيضا التلاعب بهذه النتائج لتكوين معرفة انسانية ربما تكون خاطئة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأدلجة بكامل نواحيها.
يشعر المستخدم بأن تطبيقات الذكاء الصناعي لديها وعي، فهي تجيب إجابات منطقية على الأسئلة، وتدرك التوجيه، وتتفاعل مع الحوار، وتستطيع كتابة مقال أو كتاب أو دراسة، وإصدار محتوى مسموع أو مرئي يشرح الكلمات، وكانك امام انسان مثقف، لكن التطبيق ليس لديه وعي انما يترك لديك مجرد انطباع انه ذكي، بينما الحقيقة انه تطور خوارزمي وبرمجي من قبل المبرمجين
هناك من يحذر من خطر الذكاء الاصطناعي بحجة أن التطبيقات ستدخل في سباق خارج عن السيطرة لانتاج ذكاء رقمي يتفوق على ذكاء الإنسان، وبالتالي من الصعب فهم أو التنبؤ به أو التحكم فيه بشكل موثوق، لكن الحقيقة هي أن الخوف أن يقوم مبرمجين غير تابعين لحكومات بانتاج ذكاء صناعي لا يمكن السيطرة على المحتوى المقدم، كما هو الحال مع محركات البحث سابقا قبل أن يكون لديها القدرة على فلترة النتائج، والسيطرة عليها.
هناك تخوف أيضا من أن الذكاء الصناعي قد يؤدي لغباء انساني، حيث تقلل البرامج التقنية وخاصة محركات البحث وبرامج الذكاء الصناعي من تطور عقل الانسان، بل وتطور الانسان بشكل عام، بزيادة اعتماده على الآلات للقيام بعمليات البحث عن المعلومات والقناعة بها
بالمحصلة، ستزيد الادلجة، كما ستزيد الحماقة، وسيزيد الاعتماد على البرامج في الوصول لمعلومات وللحد من عدد كبير من الوظائف. فإن كانت محركات البحث قد اعطت بعض المستخدمين الآن الفرصة لمناقشة معلومات لايمكن التحقق من مصدرها، بل والدفاع عنها، واخراج الهاتف في اي نقاش للبحث عما يدعم وجهة النظر، فكيف إن تم اعطاء وجهة النظر كاملة؟
ربما سنصل لمرحلة يشكك فيها في قدرات العقل البشري، في مجاراة الذكاء الصناعي، وهذه أخطر مرحلة في ملف الذكاء الصناعي.