Mr. Jackson
@mrjackson

سياسات الإنهاك الدولية في أوكرانيا

مركز نورس للدراسات

تستمر البلدان الأوروبية بما فيها بريطانيا بإخراج الأسلحة القديمة من مستودعاتها لتقديمها لأوكرانيا، وفي نفس الوقت ليس لدى معظم هذه الدول أسلحة كافية لأي حرب قادمة، كما تستمر روسيا في استنزاف ذخائرها ومعداتها العسكرية في أوكرانيا، ما يعني أننا نقترب من خط تصفير مخزونات المستودعات العسكرية القديمة، لتضطر بعدها الدول بانتاج أسلحة وذخائر جديدة (وتخفف من تصدير هذه الأسلحة لدول اخرى) ما يعني إنعاش شركات السلاح في العالم. مع فارق مهم وهو أن تكلفة الأسلحة الغربية بشكل عام أضخم بعدة مرات على الأقل من تكلفة الأسلحة الروسية، ما سيؤدي لإنهاك ميزانيات الدول خاصة بعد محاولتها الخروج من أزمة كورونا.

بعد استهداف موسكوفا، فقد انتقل الصراع الأوكراني إلى حرب بكامل المواصفات بين روسيا وأوكرانيا، وأصبح من الصعوبة العودة للمربع الأول، وصحيح أن الروس مستنزفون في أوكرانيا لكن أوروبا أيضا مستنزفة، وهذا يعني أن خروج روسيا منتصرة من اوكرانيا سيجعل أوروبا شبه عاجزة عن الوقوف في وجه روسيا، وهذا سبب تواجد عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين شرق أوروبا للدفاع عنها. لا يمكن البت بالوضع العسكري الروسي حتى الآن، لكن إن اكتفى بوتين بشرق اوكرانيا وجنوبها فوضعه العسكري سيكون سيئا، وإن استمر لغرب أوكرانيا فوضع اوروبا سيكون سيئا. وربما نشهد تطورات جديدة لصالح روسيا على ساحة شرق اوكرانيا بعد معركة ماريوبول والتي قد تنتهي غدا.

حديثنا اليوم تحديدا عن العقوبات الاقتصادية على روسيا والتي تؤثر في نفس الوقت وبشكل أكبر وأبعد على الغرب، صحيح أن بعض الدول بدأت بالبحث عن بدائل، وأمريكا تحاول من فنزويلا وقطر وايران تعويض الامدادات الروسية، لكن لا يمكن التفكير بعقوبات على روسيا دون تأثر السوق العالمي، خاصة مع تكسير سلاسل التوريد التقليدية والبحث عن بدائل لها.

لم تلتزم أهم الدول المنتجة للمواد الخام، الصين والهند بالعقوبات الغربية، ما يعني أن تأثير العقوبات الغربية سيكون محدودا على الغرب واليابان وكوريا الجنوبية، في نفس الوقت قد تستفيد هذه الدول ودول أخرى من العقوبات على روسيا، بالحصول على أسعار تفضيلية بل وبناء سلاسل توريد جديدة

كما أن تجميد الأصول الروسية في الغرب، سيجعل دولا مثل الصين والهند تبحث عن نماذج مالية جديدة بدلا من الاستثمار بالدولار وتخزينه في البنوك الغربية، أو الاستثمار في سوق السندات الحكومية الغربية. ستفكر كل دولة تريد الاستقلال عن القطب الأمريكي بمخارج لعدم وقوعها في فخ العقوبات

مع الوقت ستبدأ سلسلة من المشاكل الاقتصادية والمالية، عندما يسأل المواطن الغربي العادي نفسه، لماذا أدفع ثمنا كبيرا للمواد الخام؟ ولماذا حكومته مجبرة على فرض عقوبات على روسيا تؤثر في حياته، مايعني أن الهياكل السياسية الغربية ستصبح مهددة في حال استمرار الحرب الأوكرانية أو في حال استمرار العقوبات على روسيا، لذلك فسلاح العقوبات سلاح ذو حدين، قد يؤدي لضرر كبير في الاقتصاد الروسي، لكنه ضرر غير كارثي خاصة وأن روسيا بلد منتج للمواد الخام، لكنه سيكون كارثي على الدول التي تستورد المواد الخام، لأن أسعار هذه المواد ستكون مكلفة على المواطن العادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *