Mr. Jackson
@mrjackson

فعلها نواف سلام

طارق الحجيري

قبل أقل من شهرٍ على تسميته رئيساً مُكَلَّفًا تشكيل الحكومة، تقدّم الرئيس نوَّاف سلام بتشكيلته الحكومية التي لم ترض الخصوم ولا الطامحين للحلول في كرسي الرئاسة الثالثة خلفه أو بدلًا عنه، فالرجل كما بات معروفًا قفز ببراعة وحنكة فوق أفخاخٍ كثيرة نُصِبَت له، وحاذر الوقوع في حُفَرٍ ومطبات وُضِعَت بطريقه بهدف عرقلته ودفعه إلى الرضوخ أو الإعتذار.

منذ اللحظة الأولى لتكليفه، أعلن سلام تمسكه الحرفي بكل ما ينص عليه الدستور، فهو ليس صندوق بريد ولا جمعية خيرية يوزع مغانمها على طالبي السلطة وجائعيها، إنّما يعود إليه وحده صلاحية تشكيل الحكومة بعد إطلاع شريكه الدستوري الوحيد أي رئيس الجمهوريّة عليها.بالفعل هذا ما كان، لم يفعل الرجل ما لم يقل، ولم يقل ما لا يستطيع فعله، فهو لم يقل أنَّه لن يعطي المالية لوزير شيعي ولم يقل بحصرية أي حقيبة لأي طائفة، فجاءت تشكيلته بلا ثلث معطّل، له فيها أكثرية صافية، ومنع إمكانية استعمال “أكذوبة الميثاقية” فكان أن اختار بنفسه الاسم الشيعي الخامس الوزير فادي مكي من خارج الثنائي الشيعي، كما استطاع إعادة توزير شخصيات لامعة كالوزيرين السابقين غسان سلامة وطارق متري الغنيّين عن التعريف، كما أدخل إلى الحكومة سيدات رائدات في الكفاءة العلمية الإدارية وفي الشأن الاجتماعي وليس مجرد ديكور أنثوي كمزهريات الزينة.

لكن ما هو أهم، جاء بعد تلاوة مرسوم تشكيل الحكومة، ومن على منبر قصر بعبدا، عَمَد الرئيس سلام إلى تأكيد التزامه بإعادة البناء والإعمار، تطبيق القرارات الدولية بكامل مندرجاتها لا سيما القرار ١٧٠١ دون تذاكٍ أو خداع، تحقيق استقلالية القضاء وإطلاق عملية الإنقاذ والاصلاح فعلا لا شعارات ومزايدات فارغة، كذلك العمل على استرداد حقوق المودعين.

نعم لقد كان سلام عند حسن ظن أغلب اللبنانيين، نجح حيث فشل الأخرون، لم يساوم أو يتنازل عن صلاحية رئيس الحكومة قيد أنملة، حفظ موقع الرئاسة الثالثة وأعاد لها هيبتها التي فَرّط به أسلافه عن ضعف وجهل أو عن جوعٍ ونهمٍ للسلطة ومكاسبها، فَرَض على الجميع الرضوخ لما يقوله الدستور وينص عليه، وألزم نفسه وغيره الالتزام بنص الكتاب ورمي الاجتهادات بعيدًا.

لقد ربح رهان أغلبية اللبنانيين السُنّة، فهم كطائفة مؤسسة للوطن اللبناني، لا يمكن حصرهم في مربع اليأس والاحباط، أو اختزالهم بشخص أو مجموعة مهما علا شأنهم، فقد أعاد الرئيس سلام لهم الثقة بأنفسهم ووطنهم وكفاءاتهم، يبقى أمامهم الآن البحث بمصير أبناءهم المرميين ظلماً في السجون، واستعادة المواقع التي خسروها إكراما لصديق أو خوفا من خصم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *