جمال الزعيم منجد
نادراً ما أدلي بدلوي في مثل هذه المسائل التي غالباً ما تحرك المشاعر والغرائز على حساب العقول والألباب، ولكن من باب الاحتواء، في محاولة مني لتصويب النقاش ولوضع الأمور في نصابها، أقول ما يلي:
- معظم الناس اهتم بما قاله راغب علامة بحق شخصية عامة محبوبة (ربما إلى حد القداسة) عند جمهور معين، فيما لم يهتم أحد بما حصل من تعدٍّ واضح على الذات الإلهية في عبارة «ارتحنا من ربه».
- الكل ركز على ما قاله راغب علامة، واعتبره بمثابة تصريح عام يستوجب المحاسبة، فيما لم يركز أحد على أن ما قاله كان ضمن إطار حديث خاص بين شخصين، يفترض أنهما صديقان يثقان ببعضهما البعض، وأنه كان يجب ألا يخرج إلى العلن تحت أي ذريعة.
- لم ينبرِ معظم الخائضين بالرأي والرأي المضاد، ليذكِّر بأن «المجالس بالأمانات»، وأن ما فعله عبد الله بالخير، أو أي أحد من طرفه، لا يمكن وصفه إلا بوصفين اثنين: خيانة الأمانة مع صديقه، بالإضافة إلى إيقاع الفتنة في جزء وازن من المجتمع اللبناني، والله تعالى يقول في كتابه الكريم (والفتنة أشد من القتل).
- ورد في الأثر «لو تكاشفتم لما تدافنتم»، أي لو يعلم أي إنسان ما يدور في خلد أي إنسان آخر بحقه، ولو بين الحين والآخر، لرفض كل الناس حتى أن يمشوا في جنائز بعضهم، ولهذا فإن ستر الله الدائم لنا يجعلنا بمأمن من أن نكره بعضنا بعضاً.
- لا أحد منا، نحن بنو البشر، ما خلا من عصمهم الله، لم يقع مرات ومرات في قول أو فعل فيه إساءة للآخرين، عن حسن أو سوء نية، وقد يكون هذا الآخر أقرب الناس إلينا وله فضل علينا (زوج، زوجة، أب، أم، أخ، أخت، ابن، بنت، صهر، قريب، جار، صديق، أستاذ، زميل…)، ولكن ما دام القول أو الفعل مستوراً، بقي صاحبه مصاناً في عيون الآخرين وقلوبهم وضمائرهم.
- أيانا أن نظن أننا ملائكة وأن الآخرين شياطين، حاشا لله، فكلنا بشر وكلنا خطاؤون، لكن الفرق الوحيد بين أي شخصين قد يقومان بذات التصرف، يكمن في أن الله ستر فلاناً وفضح آخر، لحكمة لا يعلمها إلا هو.
- أما ردود الأفعال المتعلقة بالتكذيب الذي لا ينطلي على أحد، أو بالتكسير والتخريب المدانين، فمرجعها حتماً دولة القانون.
- لذلك نصيحتي للجميع: هوناً، هوناً، هوناً…
- وأخيراً نصيحتي…
- لراغب علامة: استغفر ربك وتب إليه، ثم كن شجاعاً في إصلاح ما خربه عليك لسانك وصاحبك.
- لعبد الله بالخير: عن ابن عمر، مرفوعاً «إيّاكم والْفِتَنَ، فإن اللسانَ فيها مثل وقع السيف».
- لنفسي ولعامة الناس: لا تخوضوا مع الخائضين، فما يتميز به الواحد منا على من ينتقدهم غالباً ما يتجلى في أمرين أساسيين: هداية الله لنا كي لا نقع ضحايا حصائد ألسنتنا أو أقلامنا، وستر الله علينا إن وقعنا في حبائلها.
وما عدا ذلك، فخير الخطائين التوابون.