كتب أحمد قباني
منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تحولت سوريا إلى ساحة صراع داخلي وإقليمي ودولي، مما أدى إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث. وفي فجر يوم الثامن من كانون الاول من عام 2024 سقط نظام الاسد وأشقرت شمس الحرية في أزهرت ياسمين دمشق الذي حكم بالحديد والنار سوريا ولبنان لمدة نصف قرن تقريباً ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا بعد الأسد؟ كيف يمكن لسوريا أن تتعافى وتعود إلى الاستقرار؟
سيناريوهات المستقبل بعد الأسد
التفكير في مرحلة ما بعد الأسد يتطلب دراسة عدة سيناريوهات قد تتشكل بناءً على التحولات المحلية والأقليمية:
الانتقال السلمي للسلطة : في حال حدوث توافق بين الأطراف الداخلية والدولية على ضرورة انتقال سياسي، يمكن أن تظهر حكومة انتقالية تمثل كافة الأطياف السورية. هذا السيناريو يتطلب إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف وإنهاء النفوذ الخارجي السلبي، ويبدو حسب المصادر المطلعة بأن العملية الانتقالية سوف تكون جاهزة بوقت قريب وغير متعثرة.
التحديات الرئيسية في مرحلة ما بعد الأسد:2
سواء كان رحيل الأسد نتيجة لضغوط دولية، أو تسوية سياسية، أو أي سيناريو آخر، فإن سوريا ستواجه تحديات كبيرة، منها:
إعادة الإعمار: تقدر تكلفة إعادة إعمار سوريا بالمليارات من الدولارات، المجتمع الدولي والدول العربية ستكون جاهزة في تموين إعادة اللإعمار فور بروز سلطة سياسية جديدة مع ضمان الشفافية.
العدالة والمصالحة الوطنية: معالجة جرائم النظام والانتهاكات ضد حقوق الإنسان ستكون ضرورية لضمان مصالحة حقيقية. العدالة الانتقالية قد تلعب دوراً محورياً في بناء الثقة بين السوريين.
إعادة اللاجئين والنازحين : هناك أكثر من 13 مليون سوري بين لاجئ ونازح داخلي. العودة الآمنة اصبحت حقيقة وسوريا بحاجة لشعبها من أجل إعادة الإعمار.
تصفية النفوذ الأجنبي : سوريا أصبحت ساحة تنافس لمدة عشر سنوات بين قوى كبرى مثل روسيا، الولايات المتحدة، ، إضافة إلى التدخل الإإيراني المباشر. مستقبل سوريا يعتمد على قدرتها على استعادة سيادتها بعيداً عن الأجندات الخارجية.
دور المجتمع الدولي:
الدور الدولي سيكون حاسماً في مرحلة ما بعد الأسد. هناك حاجة إلى استراتيجية متكاملة تشمل:
دعم الانتقال السلمي للسلطة،
تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الأساسية
ممارسة الضغط على الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لإنهاء تدخلاتها السلبية
الأمل في بناء سوريا جديدة
رغم النظام الدكتاتوري لمدة نصف قرن، فإن هناك أمل في إمكانية بناء سوريا جديدة أكثر استقراراً وازدهاراً. الشعب السوري أظهر عبر التاريخ قدرة على التكيف والصمود. إذا توافرت قيادة سياسية واعية، ودعم دولي صادق، ومصالحة وطنية حقيقية، يمكن لسوريا أن تتعافى وتعود إلى مكانتها كجزء فعال من المنطقة.
الخاتمة
مستقبل سوريا بعد الأسد ليس مجرد قضية داخلية، بل هو موضوع ذو أبعاد إقليمية ودولية. التحدي الكبير يكمن في إيجاد صيغة تجمع بين إرادة الشعب السوري والمصالح الإقليمية والدولية. الأمل يبقى قائماً في أن تكون مرحلة ما بعد الأسد بداية لعصر جديد من السلام والاستقرار لسوريا وللمنطقة ككل.