طارق الحجيري
مع اقتراب “حرب المساندة” بنسختها الثانية من يومها الخمسين، مع كل ويلاتها ودمارها وشهدائها وجرحاها، بدأنا نسمع معزوفة “أين هي الدولة”، يرددها نواب حزب ايران ومسؤولوه، في مقدمتهم أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، الذي أطل بكلمة مسجلة يسأل فيها الدولة عن ملابسات إنزال البترون، ويطالبها بكشف حقيقة ما حصل.
لغة جديدة
اللغة الهادئة الرصينة في التخاطب هي لغة جديدة بكل المقاييس، لوهلة تخالها من النواب “التغييريين” أو من نشطاء مدنيين كشفيين، وليس ممن أرغوا وأزبدوا على المنابر بلغة الاستعلاء والخطاب النافر، من ٧ أيار حتى تطويب المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري “قديسين”، أو حتى عند تهديد القاضي طارق البيطار ب “قبعه” من منصبه.
يحق للبنانيين الاستغراب وسؤالهم، ألستم أنتم من أفرغتم كل مؤسسات الدولة من داخلها؟ ألستم أنتم من ضرب هيبة كل المؤسسات الرسمية والخاصة بالترهيب والقتل أو بالترغيب وشراء الذمم؟ ألستم انتم من اخترع المؤسسات الموازية تربويًا اقتصاديًا عسكريًا إعلاميًا استشفائيًا؟؟
الأَوْلَى بكم إن كنتم صادقين في الاستظلال بالدولة واللجوء إلى كنفها، أن تسارعوا إلى تفكيك أسس دويلتكم التي تَغَوَّلت على الدولة وجعلتها فارغة مضمونها، أن تتنازلوا لها عن قرار السلم والحرب، وأن تكفوا عن زَجِها وتوريطها في حروبكم العبثيّة، ثم تقومون بتسليمها سلاحكم بدل أي يدمره الاسرائيلي.
الطريق إلى الدولة سالكة دائمًا لِمَن يريدها دولة للجميع، قانونها يُطَبَّق على الجميع دون استثناء أو مواربة، لكن الدولة التي يريدوه الحزب وأعوانه هي “كومبارس” بالكامل لهم، وهذا ما بات متعذرًا مستحيلًا وقيام الدولّة الفعلية بات وشيكًا أكثر مما يظنون وأقرب مما لا يريدون.