
طارق الحجيري
بعيدًا عن المجاملات والمهادنات، سواء أعجب البعض أم لا، فإن المشروع الفارسي في منطقتنا يلفظ أنفاسه الأخيرة، بالتأكيد سيستمر البعض بالإنكار والهروب لعالم الخيال والوهم، مرددين أن الدم سينتصر على السيف، وتتجرع اسرائيل، أميركا، والغرب هزيمة وجودية نكراء.
طيلة خمس وأربعون عامًا، أخفى ملالي طهران حقيقة مشروعهم القومي الفارسي بقناع ديني مذهبي، رفعوا شعار “مظلومية الحرمان” و”القضية الفلسطينية”، تغلغلوا عبرهما في عدة بلدان عربية، فككوها وفخخوها من داخلها، فاخروا بالسيطرة على عواصمها، أمَّا فلسطين التي رفعوا شعارها، وأسَّسوا فيلقًا يحمل أسم قدسها، لم يطلقوا رصاصة على طريقها، بل أسالوا دماءَ العرب أعداء اسرائيل الحقيقيين .
منذ قيام نظام الخميني وشروعه بتصدير ثورته إلى البلدان المجاورة، رفع ثابتتين لا تتغيران “ولاية الفقيه المطلقة ” و”عدم الاقتتال والاصطدام بأميركا” وسار – عند قصد او بدون- في خدمة مشروع إسرائيل بتفتيت الدول العربية حولها إلى كانتونات طائفية متقاتلة.
الهدايا الأميركية لإيران
عام ٢٠٠٣ أزالت اميركا عبر رعونة جورج بوش الإبن الدولة العراقية -عدو الملالي الأول- من طريقهم وفتحت لهم باب المشرق العربي، ثم بعدها سهًّلت إزالة عقبتين أخريين من طريقها، غضت الطرف عن اغتيال رفيق الحريري في لبنان، عزلت ياسر عرفات أميركيًا ودوليًا قبل اغتياله بالسُم في رام الله.
أثمن هدايا أميركا لطهران كانت رئاسة أوباما، فبحسب مستشاره بن رودس في كتابه الشهير “العالم كما هو” قال :” إنَّ الرئيس باراك أوباما يكره العرب بشكلٍ غريب، دائماً يُرَدّد أمام مستشاريه: «إنّ العرب ليس عندهم مبدأ أو حضارة، إنهم مُتَّخلفون وبدو»، في المقابل كان يتحدّث عن إيران بوِّدّ ظاهر وبإعجابٍ شديدٍ بحضارتِها”، و اختتم أوباما رئاسته بفرش الورود للملالي عبر الاتفاق النووي الحلم بالنسبة لهم.
ترامب التحول الكبير
بداية التغير في السياسة الأميركية جاءت مع وصول ترامب للبيت الأبيض، وتصدر الأمير محمد بن سلمان واجهة الحكم السعودي معلنا مشروعه الاقتصادي العملاق عبر خطته “السعودية ٢٠٣٠” واعلانه٨ إمكانية التطبيع مع اسرائيل إذا اعترفت الأخيرة بحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة.
هَدَفَت عملية حماس طوفان الأقصى، قطع الطريق على قطار التطبيع العربي الاسرائيلي، بإيعاز ايراني رسمي، أطلق الطوفان حربًا وجودية بين اسرائيل ومحور إيران، حربًا لا تقبل أنصاف الحلول، نتيجتها الحتميَّة منتصر ومهزوم.
اليوم بعدما كبَّدت اسرائيل محور ايران، كل هذه الخسائر في القادة والسلاح والفصائل، تزداد الأصوات ارتفاعًا داخل تل أبيب، مطالبة قطع رأس الأخطبوط وليس فقط بتر أذرعه، هي فرصة نتنياهو لتبوأ عرش التاريخ الاسرائيلي، مسكونًا بهاجس سحق الأعداء لتحقيق القيامة الثالثة، كلّ المؤشرات والمعارك تؤكد السيّر بالمعركة ضد إيران نحو النهاية، ما يعني حتمًا نهاية المشروع- الكابوس الإيراني في بلاد العرب.
