في هذه الأيام، تواجه سلطة الجمهورية الإسلامية نتائج كارثية لسياساتها العدوانية التي انتهجتها لسنوات. هذه السياسة التي لا تقتصر على التأثير على الساحة الإقليمية، بل تزيد من تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية داخل البلاد. نظرًا لأن الحرب والقمع أدوات أساسية لبقاء النظام، أصبحت إيران، التي تقف دائمًا على حافة الانتفاضات، كابوسًا حقيقيًا للحاكمية.
الركيزتان الأساسيتان للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية
لطالما استندت السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية على ركيزتين: الترويج للإرهاب الدولي وإثارة الحروب في المنطقة، والاستفادة من سياسات التسامح الغربية. وفي الداخل، أدى هذان الركيزتان إلى قمع وحشي ممنهج ضد الشعب. هذه السياسات كانت لعقود الأساس الذي يعتمد عليه النظام الديني والسياسي للملالي.
لكن، في عالم السياسة، تغيير الاستراتيجية أو فشلها يترتب عليه أثمان باهظة. ورغم محاولات الأنظمة التغطية على هذه الفشل في المدى القريب، إلا أن آثارها تظهر بشكل واضح في الهيكل السياسي والاجتماعي. الآن، أصبحت الجمهورية الإسلامية في موقف يفضح فيه الفشل الاستراتيجي نفسه داخل السلطة.
الأزمة الداخلية والعجز عن التغيير
لم تستطع أي حكومة، حتى تلك التي جاءت بشعارات الإصلاح، تغيير هذه السياسة العدوانية. لأن أي تغيير جوهري في هذه الاستراتيجية الخارجية يعني مواجهة مباشرة مع الشعب الإيراني، الذي عانى لسنوات من تداعيات هذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الآن، مع عدم قبول الشعب الإيراني لهذه السياسات الحربية، ومع فقدان الدعم الإقليمي، تجلت نتائج هذا الفشل في صورة ما يمكن وصفه بـ “العقاب الذاتي”. هذا العقاب بدأ يتغلغل داخل السلطة، وبدأ يظهر بوضوح في الصحافة المحلية. على سبيل المثال، صحيفة “همميهن” وصفت في عددها الأخير الوضع الحالي للجمهورية الإسلامية بقولها: “إيران بعد أربعة عقود، الآن في وضع هش”.
دومينو التحولات والأزمات الإقليمية
لا تقتصر آثار الفشل الاستراتيجي للنظام على الداخل فقط. فقد أدت تحولات الأوضاع في لبنان وغيرها من دول المنطقة إلى تغييرات جذرية في المشهد الجيوسياسي للشرق الأوسط. وإذا استمرت هذه التحولات، فسوف يتعرض النظام الإيراني لاستراتيجياته الإقليمية إلى تحديات خطيرة. وكما اعترفت وسائل الإعلام المحلية، فإن هذه الأزمات ستؤثر سلبًا على إيران ليس فقط في المنطقة، بل داخل البلاد أيضًا.
اعتراف من داخل السلطة بالأزمة
حتى الشخصيات البارزة في النظام بدأت تعترف بفشل السياسات. محمد جواد لاريجاني، أحد الوجوه الرئيسية للنظام، أشار مؤخرًا في برنامج تلفزيوني إلى تصاعد الاحتجاجات داخل الحكومة، محاولًا تهدئة أنصار النظام، واعترف بأن سياسات التوسع العدواني كانت غير مجدية: “لماذا دفعنا حزب الله لبنان لهذا الطريق؟ لماذا حاولنا أن نلتقط لقمة أكبر من فمنا؟”
هذه الاعترافات تشير إلى تفاقم الأزمة الداخلية وظهور آثار دومينو الفشل المتكرر للنظام.
مستقبل النظام: انتفاضة وتغييرات جذرية
جميع هذه التطورات تشير إلى أن النظام الإيراني يسير في طريق اللاعودة. إن التغييرات الجذرية في الجغرافيا السياسية للمنطقة وامتداد آثار هذه الفشل إلى الداخل تجعل من الانتفاضة الشعبية وتحديد مصير النظام أمرًا حتميًا. المجتمع الإيراني، الذي تحمل لعقود ظلم النظام، سيصل قريبًا إلى نقطة اللاعودة، حيث لن يكون هناك مخرج للنظام.