مسار جبران مع أهل السنة: حقد واضطهاد وعنصرية
سماحة مفتي الجمهورية: إسحبوا عبارة المفتي سوسان حفظاً لكرامة الإفتاء و أهل السنة
أحمد الأيوبي
يحاول النائب جبران باسيل أن يأخذ دور الملاك الحارس للبنان ودور الزعيم الوطني العابر للطوائف حتى أنّه حاول تأسيس التيار الشيعي الثالث وكان كلّما نزل في مدينة أشعل الفتن قبل وصوله وبعد رحيله.. وهو البطل الخارق المحارب للعدو الصهيوني حتى الاعتراف بحق الكيان الغاصب بالوجود، والعبقري القادر على اجتراح الحلول المستحيلة إلى درجة توليه وزارة الطاقة عشرين عاماً والظلام باقٍ ويتمّدد، والمتدين إلى درجة التنسّك والرهبنة إلى حدود شبه تأليه عمه ميشال عون، والكريم إلى حدود وضع حاتم الطائي في جبيه الصغير.. وهو بعد أن فشل في دخول طرابلس من أبوابها بسبب إساءاته التاريخية لها بشخصه وبنوابه وإعلامه بخلفية طائفية بغيضة، عاد منذ مدة ليلبس ثوب الحوار مسوقاً نفسه بشعار الحوار والانفتاح.
طرح باسيل منذ مدة مبادرة سياسية وقام بجولة على بعض المرجعيات السياسية، ثمّ حطّ رحاله في بوابة الجنوب صيدا حيث التقى قيادة الجماعة الإسلامية والنائبين أسامة عبد الرحمن البزري ثم زار المفتي الجعفري الشيخ محمد عسيران بعدها انتقل باسيل الى دار الإفتاء في صيدا حيث التقى المفتي سليم سوسان الذي رحب بالوزير باسيل ورأى أنه “عنوان الوحدة الوطنية في لبنان”، كما زار باسيل النائب اسامة سعد وبعدها وضع رئيس التيار اكليلا من الزهر على نصب شهداء صيدا في مواجهة الاجتياح الاسرائيلي عام ١٩٨٢، ثم كانت محطة في كنيسة مار نيكولاوس للروم الملكيين الكاثوليك والتقى راعي ابرشية صيدا المطران ايلي حداد وعدداً من الكهنة، بعدها انتقل الى صالة الكنيسة حيث كان في استقباله عدد من أبناء قرى صيدا واستمع الى همومهم ومشاكلهم.
واختتم باسيل جولته الصيداوية بزيارة القصر البلدي في المدينة، حيث كان في إستقباله رئيس بلدية صيدا الدكتور حازم خضر بديع ونائبه الدكتور عبدالله كنعان وأعضاء المجلس البلدي: الحاج حسن الشماس والسيدتان عرب كلش ووفاء شعيب ونزار الحلاق، والمهندسون: مصطفى حجازي، محمود شريتح، محمد البابا.
باسيل مزايدات وعنصرية
كان اللافت في خطاب باسيل أنّه واصل مزايداته في الملف الفلسطيني والعمل المقاوِم، لكنّه لم يتخلّ عن نفسه الطائفي عندما أعاد تسويق قانون الانتخابات النسبي الذي يعتبره أعاد للمسيحيين تمثيلهم الصحيح، بينما تسبّب هذا القانون بتفجير الحياة الوطني وكان سبباً في نشر الكراهية حتى بين أعضاء اللائحة الواحدة، والأسوأ من هذا أنّه تجاهل خطاياه بحقّ أهل السنة واعتداءاته على حقوقهم في كل المناطق، غير أنّ السقطة الكبرى هي تلك التي وقع فيها مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان عندما اعتبر أنّ جبران باسيل هو رمز الوحدة الوطنية في لبنان.
واللافت في كلام المفتي سوسان أنّه حصر عنوان الوحدة الوطنية بجبران باسيل، ولم يقل إنّه أحد عناوين الوحدة الوطنية، وهو لا يصلح لأن يكون حرفاً من حروفها، وفي هذا تخصيص غريب ومريب له بأمر لا يشبهه لا من قريب ولا من بعيد.
وعند هذا الشعار الذي رفعه مفتي صيدا نتوقف لنناقش بشكل هادئ وموضوعي، كيف استطاع الشيخ سوسان أن ينطق بعبارة تجمع بين جبران باسيل وبين الوحدة الوطنية لا بل وأن يحوّله إلى رمزٍ لها.. فعلى أيّ أساس بنيت يا سماحة المفتي هذا الطرح الذي لا يركب على قوس قزح، وهل في سلوك جبران منذ استنباته في الحياة السياسية موقف وطني وحدوي واحد يمكن تسجيلُه له، حتى تخلع عليه هذه العباءة الفضفاضة التي لا تتلاءم مع واقع الحال؟
مسار جبران مع أهل السنة: حقد واضطهاد وعنصرية
ماذا قدّم جبران باسيل للعلاقة مع أهل السنة والجماعة غير الاضطهاد وأكل الحقوق والاستيلاء على المواقع والمراكز وسحب حقوق المناطق السنية من موازنات الحكومة لصالح تياره وخاصة من عكار، ومنابذة طرابلس وصيدا وعرسال العداء.. وتهشيم الصورة والاتهام بالدعشنة حتى لتيار المستقبل، مع عدم نسيان إعلان الشماتة باستشهاد الرئيس رفيق الحريري وبقية الشهداء، ووصف ميشال عون السنة بالحيوانات وقطع تكيت الروحة بلا رجعة للرئيس سعد الحريري والاعتداء على الدستور بالاستهداف الدائم لمقام رئاسة مجلس الوزراء.. ولا يزال هذا الاضطهاد مستمراً ومتواصلاً وسيبقى كذلك، لأنّ أساس التيار العوني مبني على الأحقاد والعنصرية والأنانيات.
من وسوس للمفتي سوسان بهذا الهُراء؟
لا نعلم من وسوس لك يا سماحة المفتي سوسان لتنطق بمثل هذا الهراء بوصفك جرثومة الحقد العنصري جبران باسيل، بأنّه رمز الوحدة الوطنية، أم أنّها كانت من بنات أفكارك، ويا ليتها لم تخرج لأنّها جعلتك رمزاً لإضاعة البوصلة والمواقف وتضييع الهيبة والمكانة وانكشاف عدم الإلمام بقواعد السياسة والخطاب، وعدم التفريق بين المجاملة الصحيحة المطلوبة وبين تبيان الموقف المطلوب إيضاحه من المرجعية الدينية.
من حق المفتي سوسان وسائر من زارهم باسيل أن يستقبلوه، لكن ليس من حقهم أن ينزلقوا في المواقف إلى قول الباطل وتجاوز ما يجب قوله بالتي هي أحسن، فالاستقبال شيء ومجاراة الباطل شيء آخر، والإطناب في نفخ هذا العنصري دعمٌ له على تكبّره وعناده وصلفه المرفوض، والأولى بسماحة المفتي سوسان أن يرجع عن كلامه هذا لأنّه لا يصلح أن يبقى هذا الكلام مُسَجَّلاً عليه إطلاقاً.
إسحبوا عبارة المفتي سوسان حفظاً لكرامة الإفتاء
نطرح سحب عبارة المفتي سوسان ونسأل سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عن موقفه من هذا الانزلاق الذي وقع فيه مفتي صيدا غفر الله لنا وله، فالمطلوب حفظ مكانة الإفتاء ومنع إراقة كرامتها على مذبح المجاملات الخاطئة، وبعد أن أصبح هذا الموقف على الملأ لا يجوز أن يستمرّ الصمت حياله حتى تتحمّل دار الفتوى والمفتي الأكبر المسؤولية المعنوية والمباشرة عن هذا الانزلاق والتفريط بهيبة المرجعية الدينية، والأهمّ من هذا أنّ ما صدر عن المفتي سوسان الممدّد له أثار غضب عموم أهل السنة، إذا كان ذلك يعني شيئاً لمن يعنيهم الأمر.
نطرح هذا النداء باسم الرأي العام السني والوطني الذي يرفض أن يرى مقام الإفتاء مُهاناً أمام من يتفاخر بإهانة أهل السنة ويريد أن يجعل من مقام المرجعية الدينية معبراً لغسل صورته البشعة التي لا تزول بهذه المجاملات القصيرة النظر، بل تزول بمراجعة ميشال عون وجبران باسيل لسياساتهما الطائفية وعندها لا مشكلة في التعاون مع كل الشركاء في الوطن على أساس الندية والاحترام والتوازن وحفظ الحقوق والكرامات.