Mr. Jackson
@mrjackson

الرئيس الإيراني الجديد بزشكيان: استمرار سياسات التوتر في المنطقة والتحديات المستقبلية

يعد انتخاب مسعود بزشكيان رئيساً جديداً لإيران نقطة تحول في التاريخ السياسي للجمهورية الإسلامية. يأتي هذا الانتخاب في وقت تواجه فيه إيران تحديات داخلية ودولية متعددة، ويشير إلى استمرار سياسات النظام المثيرة للتوتر في المنطقة والعالم.
الالتزام بـ “محور المقاومة”:
في تصريحاته الأولى بعد انتخابه، أكد بزشكيان على دعم الجماعات الوكيلة لإيران في المنطقة. في رسالة إلى حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، أعلن أن دعم “المقاومة” سيستمر بقوة. يشير هذا الموقف إلى أن السياسة الخارجية لإيران ستظل دون تغيير في العهد الجديد. يعتقد بزشكيان، مثل سلفه إبراهيم رئيسي، أن “دعم المقاومة” متجذر في السياسات الأساسية للنظام الإيراني وأفكار الخميني وتوجيهات علي خامنئي.
استمرار التوتر مع الغرب:
نظراً لتاريخ بزشكيان في دعم الحرس الثوري ومعارضة أمريكا، يبدو أن التوترات القائمة مع الغرب ستستمر. في عام 2019، عندما صنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية، قدم بزشكيان ونواب آخرون خطة لـ “تعزيز موقف الحرس الثوري الإسلامي ضد الولايات المتحدة”. اعتبرت هذه الخطة أحد أسباب التوترات اللاحقة بين النظام الإيراني والحكومة الأمريكية.
التحديات الأمنية الإقليمية:
سيظل دعم إيران للجماعات الوكيلة في العراق وسوريا واليمن ولبنان أحد المصادر الرئيسية للتوتر في الشرق الأوسط. تشير الإحصاءات إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران نفذت أكثر من 190 هجوماً ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا بين أكتوبر 2023 وفبراير 2024. قبل ذلك، كانت الجماعات المدعومة من إيران مسؤولة عن مقتل ما لا يقل عن 603 من أفراد القوات الأمريكية في العراق بين عامي 2003 و2011.
الدور البارز للحرس الثوري:
في مناظراته الانتخابية، وصف بزشكيان قاسم سليماني بأنه “بطل وطني” ودافع عن برنامج الطائرات بدون طيار والصواريخ التابع للحرس الثوري. تشير هذه المواقف إلى أن الحرس الثوري سيستمر في لعب دور بارز في صنع السياسات الداخلية والخارجية لإيران.
بعد مقتل قاسم سليماني على يد الولايات المتحدة في العراق، دعم بزشكيان علناً الحرس الثوري وسياسات النظام الإيراني المثيرة للتوتر الإقليمي، وأظهر ذلك بارتداء زي الحرس الثوري في البرلمان.
الصراعات الداخلية والانتخابات:
شهدت الانتخابات الأخيرة منافسة شديدة بين الفصائل المختلفة، خاصة بين محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي. تعكس هذه المنافسات الانقسامات العميقة داخل هيكل السلطة في إيران. تشير التقارير المنشورة في وسائل إعلام النظام إلى أن هذين الفصيلين استخدما جميع إمكانياتهما ودعمهما وحاولا زيادة نفوذهما وقوتهما.
كتبت صحيفة كيهان، المقربة من خامنئي: “المنافسة الشديدة بين قاليباف وجليلي لم تؤثر فقط على نتائج الانتخابات، بل أجبرت خامنئي أيضاً على اختيار مسعود بزشكيان لخلق توازن بين هذين الفصيلين.”
المقاطعة الواسعة وتحدي الشرعية:
واجهت الانتخابات الأخيرة مقاطعة شعبية واسعة، حيث أكدت تقارير وسائل الإعلام الدولية والناطقة بالفارسية أن هذه كانت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية. هذه المقاطعة الواسعة، بالإضافة إلى إظهار الاستياء العميق للشعب من النظام، تسببت في اختلال توازن النظام وخلق فصل جديد في حكم ولاية الفقيه.
نظرة مستقبلية:
أكد بزشكيان أنه سيتبع رأي المرشد الأعلى للنظام في توجيه النظام وسياساته، بما في ذلك تعيين الوزراء. في عام 2009، قال: “المرشد الأعلى هو كل شيء نستمد منه حياتنا وإيماننا ومعتقداتنا.” يشير هذا الموقف إلى أن التغييرات الجوهرية في سياسات إيران الرئيسية تبدو غير محتملة.
قد يؤدي استمرار السياسات الحالية إلى زيادة العزلة الدولية وتفاقم المشاكل الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، مع المقاطعة الواسعة للانتخابات والاستياء العام، هناك احتمال لزيادة التوترات الداخلية.
الاستنتاج النهائي:
يظهر انتخاب بزشكيان رئيساً جديداً لإيران أنه على الرغم من التغيير في رأس السلطة التنفيذية، فإن سياسات النظام الإيراني الرئيسية لا تزال في مسار المواجهة مع المجتمع الدولي ودعم الجماعات الوكيلة في المنطقة. يمكن أن يكون لهذا النهج عواقب خطيرة على استقرار المنطقة وعلاقات إيران مع العالم.
ومع ذلك، فإن النقطة الأبرز في هذه الانتخابات كانت “لا” الكبيرة التي وجهها الشعب الإيراني للعملية الانتخابية برمتها. فقد أظهرت المقاطعة الواسعة والمشاركة المنخفضة للغاية في الانتخابات أن الشعب الإيراني لم يعد يؤمن بإمكانية إصلاح هذا النظام.
وقد تعزز هذا الموقف من خلال المظاهرات والتجمعات الكبيرة التي نُظمت في مدن مثل برلين وباريس من قبل الإيرانيين المعارضين للنظام. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى التجمع الحاشد في باريس، الذي شهد مشاركة مئات الشخصيات السياسية البارزة من مختلف البلدان. هذا الحدث الدولي الكبير أظهر مدى الدعم العالمي للمعارضة الإيرانية وتطلعات الشعب الإيراني للتغيير.
هذه الاحتجاجات والتجمعات الواسعة خارج إيران، إلى جانب الاستياء العميق داخل البلاد، تنقل رسالة واضحة: إن رد الشعب الإيراني على هذا النظام بأكمله هو الإطاحة به فقط. فهم يطالبون بتغيير جذري في الهيكل السياسي للبلاد ولم يعودوا يؤمنون بالحلول داخل النظام.
في ظل هذه الظروف، يمر نظام ولاية الفقيه بإحدى أكثر المراحل حساسية في تاريخه. يمكن لأي تغيير أو تطور أن يكون له تأثير واسع على مستقبله. يعكس انتخاب بزشكيان، مثل الفترة الأخيرة من حكم الشاه، الضعف الاستراتيجي للنظام في مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية المتعددة ويمكن أن يسرع عملية سقوط النظام.
لقد خلق هذا الوضع فرصاً جديدة للقوى المعارضة للنظام لزيادة أنشطتها ضده، مستفيدة من الظروف الحالية للاقتراب من أهدافها المتمثلة في إقامة إيران حرة وديمقراطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *