دعم بهاء الحريري يصدر من الإمارات مكان إقامة سعد الحريري
مؤشرات تقدّم بهاء الحريري تتوالى والصمت يسيطر على معسكر سعد
أحمد الأيوبي
عندما كان بهاء رفيق الحريري يُجري لقاءاته في عكار سأله أحد الحاضرين عن العلاقة برجل الأعمال الإماراتي المرموق خلف الحبتور الذي يولي لبنان اهتماماً كبيراً معنوياً واستثمارياً، فأجاب الحريري أنّ العلاقة مع الحبتور هي امتدادٌ للصداقة التي جمعت القيادي الإماراتيّ مع الشهيد رفيق الحريري وهي مستمرّة على الأسس نفسها من التعاون والأخوّة مع التوضيح بأنّ مشروع بهاء هو مشروعٌ سياسي غير تجاري في لبنان، معلناً أنّه يفتخر ويعتزّ بما يجمعه بالحبتور من مودّة وتعاون يستمدّ جذوره من أيام الشهيد رفيق ويتواصل الآن مع تقدّم بهاء الحريري للعمل السياسي وعودته إلى لبنان لإطلاق مشروعه بأبعاده الوطنية والعربية والدولية.
وصلت تحية بهاء الحريري إلى خلف الحبتور فردّها بأحسن منها، وهو ما أعلنه الحريري عبر منصة منصة “إكس” كاشفاً أنّه تلقى “دعوة كريمة من الأخ العزيز خلف أحمد الحبتور للإقامة في فندق الحبتور، حيث أتابع لقاءاتي واستقبالاتي في بيروت. إن خطوة الأخ خلف تؤكد على مدى حفظه ووفائه للصداقة التي كانت تربطه بالرئيس الشهيد رفيق الحريري، والمستمرة معي حتى اليوم، والتي أقدرها تقديراً عالياً. كما أن دعوة السيد خلف الكريمة، فإن دلت على شيء فإنها تدل على القيم التي يتمتع بها، والنابعة من أصالته العربية وتحديداً الإماراتية، وهذه المبادرة ليست غريبة على أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والتي نقدر ونثمن دوماً مواقفها الوطنية باتجاه أشقائها. لذلك نجدد الشكر على المبادرة الطيبة من الصديق العزيز خلف الحبتور، ومع أطيب التمنيات له وللمسؤولين الإماراتيين كافة والشعب الإماراتي الشقيق، بالمزيد من التألق والنجاح والازدهار”.
لم يتأخّر الحبتور في الردّ فكتب بدوره رداً توجه فيه إلى “الأخ العزيز بهاء”:”مرحباً بك في فنادقك بين أهلك… وأتمنى لك كل التوفيق والنجاح في مساعيك الخيّرة لمصلحة لبنان وأهله. وأنا على يقين، بإذن الله، أن محبتك لبلدك وعزمك وإصرارك سيكونون الأساس لتحقيق الخطوة المرجوة للوصول لاستقرار ومصلحة لبنان. وفقك الله”.
اللافت للانتباه في هذا السياق أنّ المودّة الشخصية التي تجمع بهاء الحريري مع خلف الحبتور هي صلة أعلى من السياسة وأرقى من المصالح، لذلك فإنّ لغة التخاطب بين الرجلين زخرت بالمعاني السامية والحرص والتضامن والتكامل، في انتقالٍ تلقائي للعلاقة العميقة بين الشهيد رفيق الحريري والحبتور.
الأبعاد السياسية في موقف الحبتور
لا شكّ أنّ خطوة السيد الحبتور تعكس الكرم والجود والشهامة، لكن لا يمكن في الوقت نفسه اعتبار ما جرى مبادرة فردية وشخصية فقط، صادرة من السيد خلف الحبتور، فهو يحتلّ مركزاً مرموقاً في السياسة الإماراتية ومواقـفـُه تشكِّل انعكاساً لتوجّهات الدولة العامة، وغالباً ما يتـّخذ مبادرات متقدِّمة يتّضحُ لاحقاً بأنّها تمهيدٌ لمرحلة جديدة أو مسارٍ جديد.
يجدر هنا التوقف عند مصطلحات الدعم السياسي المباشر التي أرسلها الحبتور إلى بهاء الحريري عندما تمنى له “كل التوفيق والنجاح في مساعيه الخيّرة لمصلحة لبنان وأهله. وأنا على يقين، أنّ محبتك لبلدك وعزمك وإصرارك سيكونون الأساس لتحقيق الخطوة المرجوة للوصول لاستقرار ومصلحة لبنان”.
كان يمكن لخلف الحبتور أن يكتفي برسالة مجاملة شخصية يرحّب فيها بالحريري ويتمنى له طيب الإقامة في الفندق، لكنّه قصد أن يكون الردّ دعاء بالتوفيق في المساعي الخيِّرة التي يبذلها الحريري “لمصلحة لبنان وأهله” ولـ”الوصول لاستقرار ومصحلة لبنان”، فالرسالةُ هنا دعمٌ سياسيٌّ مباشر لبهاء الحريري باعتباره من سيتولى جهود إعادة الاستقرار إلى بلد الأرز.
نقطة أخيرة لا يمكن تجاوُزها في هذه المقاربة، وهي أنّ هذا الترحيب الحارّ بتصدّي بهاء الحريري للشأن العام، الصادر عن السيد خلف الحبتور يخرج من دولة الإمارات العربية المتحدة التي يقيم فيها الرئيس سعد الحرير ي وهذا الأخير سبق أن قال في آخر زياراته إلى لبنان إنّه لن يعود للعمل السياسي عبر شاشة قناة العربية الحدث، وذلك رداً على مطالبات الأعداد المتواضعة التي أمّت ضريح الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط من العام الماضي إحياءً لذكرى استشهاده.
يُكثِرُ المستفيدون من تعليق الرئيس سعد الحريري عملَه السياسي للمتاجرة باسمه، يكثرون، من رمي بعض المقالات التي تتحدّث عن عودة وشيكة لسعد. وواقع الحال أنّهم يشيعون هذه الحكايات ليبقى من تبقّى تيار المستقبل متعلِّقاً بوهم هذه العودة المستحيلة، وفي المقابل بدأت الرسائل العربية التدريجية المرحِّبة بتقدّم بهاء الحريري لتولّي الشأن العام، وأول الغيث استضافة خلف الحبتور ورسالته الزاخرة بمعاني الدعم والإسناد لهذا المسار.