Mr. Jackson
@mrjackson

إنتخابات نقابة المهندسين: المستقبل يسعى لتعزيز(وضع اليد) والسيطرة الحزبية

ولاية النقيب حرب وتقاسم المستقبل والقوات والمردة للنفوذ مشوبة بالثغرات والانحياز

تيار المستقبل يشدّ العصب العكاري: ماذا سيقدِّم وقد فوّت مئات الفرص خلال وجوده الطويل في السلطة؟؟

المستقبل ضيّع الأمانات الكبرى (غالبية وطنية وسنية) فكيف يُؤتَمَنُ على الأمانات الصغرى؟

تساؤلات عن الاصطفاف المتكرّر للقوات إلى جانب المستقبل والمردة في وجه حلفائها السياسيين

نواب طرابلس والجماعة الإسلامية يجمعون على تأييد لائحة “النقابة للجميع”

أحمد الأيوبي

يتوافد المهندسون في الشمال يوم الأحد 14 نيسان 2023 إلى صندوق الاقتراع لانتخاب نقيبٍ جديد خلفاً للنقيبلبهاء حرب وأربعة أعضاء لمجلس النّقابة عوضاً عن الأعضاء الذين انتهت مدّة ولايتهم حيث يدور التنافس بين لائحتين تمثل الأولى تحالف تيار المستقبل والقوات اللبنانية والمردة وتحمل اسم “نقابتنا” برئاسة المهندس مرسي المصري مع أعضائها الأربعة وهم: ميشال فغالي (فرع الكهرباء)، محمود الصاج (فرع الميكانيك)، راوول الزريبي (هيئة عامّة) وسليم نشابة (هيئة عامّة)، أمّا اللائحة الثانية فتحمل اسم “النقابة للجميع” ويرأسها المهندس شوقي فتفت وتضمّ إليه: باسم خياط (عضوية الهيئة العامّة – مدعوم من تيّار “العزم”، وكان مثّل العزم في مجلس النقابة بين عاميّ 2010 إلى 2013)، إيلي عوض (الهيئة العامّة – مدعوم من “حركة الاستقلال”)، بلال طاهر (رئاسة فرع الميكانيك – مرشح التجمع المهني للإصلاح والتنمية)، وميلاد غنطوس (رئاسة فرع الكهرباء- مدعوم من “التيّار الوطني الحرّ”).

لماذا انقلب المستقبل على نبيل عبد الحي؟

كان لدى تيار المستقبل خمسة مرشحين لمنصب النقيب هم: مرسي المصري، لينا دبوسي، نبيل عبد الحي، محمد شيخ النجارين واعبروا شوقي فتفت صديقاً مقرباً للتيار، كما أنّه على صلة جيدة بالقوات اللبنانية، لكنّه رفض الخضوع للإملاءات الحزبية في النقابة التي حاول تيار المستقبل فرضها عليه في مراحل سابقة.أجرى الأمين العام لتيار المستقبل سلسلة مقابلات مع المرشحين الخمسة وحصلت عملية اختبار لشعبية المرشحين (استطلاع رأي) فاز فيه المهندس نبيل عبد الحي(عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى)، كما توصل الحريري إلى استبعاد فتفت الذي رفض الخضوع للشروط الحزبية المسبقة وأكّد على استقلالية القرار النقابي من دون معاداة المكونات السياسية

دعمت دبوسي ترشيح مرسي وبقي شيخ النجارين الملتزم بحرفيّة توجيهات تيار المستقبل، وهنا ذهب كثيرون من المستقلين إلى اعتبار عبد الحي مرشحاً توافقياً مقبولاً كونه يتمتع بسيرة مهنية وشخصية جيدة وبعلاقات متوازنة مع الجميع، وهو يتقارب مع فتفت في المواصفات العامة التي يتوق إليها المهندسون. لكنّ المفاجأة التي صدمت أوساط النقابة تمثّلت في استبعاد تيار المستقبل للمهندس عبد الحي وفرض ترشيح مرسي خلافاً للترشيح واستطلاع الرأي الذي يعطي الأولوية لابن طرابلس ولسيرته المتوازنة، وهذا ما دفع إلى إعادة النظر لدى شريحة كبيرة من المهندسين واتجهوا نحو تشكيل لائحة “النقابة للجميع” برئاسة شوقي فتفت.

إتّضح أنّ تغيير ترشيح المستقبل من عبد الحي إلى مرسي المصري يستند إلى تقديرات مناطقية تعتبر أنّه يحظى بدعم 400 صوت من مهندسي عكار بالإضافة إلى قرابة الألف صوت في المناطق مع التحالفات، وهذا ما سَعّرَ الحالة المناطقية في التنافس الانتخابي، حيث بدأ التيار الأزرق يعمل على شدّ العصب العكاري وتصوير المعركة على أنّها معركة استعادة حقوق عكار من خلال نقابة المهندسين، بينما شعر مهندسو طرابلس بالخديعة وقلة الاحترام لهم، خاصة أنّ الأمر كان محصوراً داخل تيار المستقبل، ولم تكن النتيجة ستؤثر على الموقف والمكانة السياسية للتيار، مما دفع مهندسين كثر من طرابلس ومن التيار إلى التخلي عن دعم اللائحة الزرقاء.في المقابل، رفض المعارضون عرضاً قدّمه لهم المهندس منذر قبمريس باسم تيار المستقبل بأن تضمّ لائحته مرشحاً يمثلهم، وسبب الرفض هو أنّ عضواً واحداً لا يكفي للتأثير في قرارات النقابة ولا في استعادة الشراكة المفقودة مع المستقلين، واعترف قمبريس خلال اتصالاته مع المعارضين بأنّ ترشيح مصري لم يكن خطوة صحيحة لكنّه ملتزم بالقرار الحزبي.

احتقان في أوساط المهندسين من التقاسم الحزبي للنقابة

يشتكي المستقلون من حالة القاسم الحصرية القائمة في نقابة المهندسين بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية، وهذا يسري على جميع المواقع في النقابة مع ملاحظة التحكّم السلبي السائد بمجمل القرارات حتى تلك التي يتيحها القانون النقابي والعام، ومن ذلك منع مديرة النقابة نادين نشابة من ممارسة صلاحياتها في حال غياب النقيب، وهذا الاتجاه ما زال سارياً من خلال تركيبة اللائحة التي أعلنها المستقبل وتدعمها القوات برئاسة مرسي المصري.

ممارساتٌ إقصائية وتوظيفات سياسية

لماذا الإخلال بالعرف في منصب نائب النقيب؟

خلال السنة المنصرمة من فوز المهندسَين مصطفى فخر الدين وصفوان الشهال، اتفق تيار المستقبل والقوات اللبنانية وتيار المردة على إقصائهما من اللّجان، وكان النقيب بهاء حرب المنفذ المطيع لهذه السياسة، وكان من حق الشهال أن يتبوّأ منصب نائب النقيب فأعطى تحالف الأحزاب الموقع لتيار المردة رغم أنّ العرف يقضي أنّه إذا كان النقيب مسيحياً يكون نائبه مسلماً ولكن إرضاءاً للنائب الأسبق سليمان فرنجية حجبه المستقبل والقوات عن الشهال وأعطوه للمهندس أنطوان الخواجة.كما يرفض المعارضون سياسات التوظيف لصالح التيارات السياسية وزيادة الأعباء على النقابة رغم وجود موظفين يستطيعون تغطية ما يلزم، ومن ذلك توظيف أحدهم في عكار للقيام بأعمال النقابة، بالرغم من قيام أحد الموظفين الحاليين بهذه المهمة، وكان الطرح في البداية تعاقداً ثم تحوّل إلى تثبيت إرضاءاً أيضاً لتدخلات النائب لأسبق فرنجية، رغم أنّ الامتحان الذي أُجري لهذه الغاية أسفر عن نجاح عدد من المرشحين، (أحدهم مدعوم من المردة) متساويان في النتيجة.تعرّض مرشح العزم لخديعة خبيثة عندما سأله المعنيون بالامتحان إذا سنحت له الفرصة للعمل في الخارج براتب جيد، هل يترك النقابة، فكانت إجابته بنعم، الأمر الي اعتبرته “اللجنة” “خيانة” للوطن وللنقابة، فجرى شطبه في اجتماع مجلس النقابة، بالتوازي مع حصر هذا السؤال بالمرشح القريب من تيار العزم وعدم توجيهه للمرشّحَين الآخرَين، والنتيجة حسمها النقيب حرب باختيارٍ شخصيّ منه، على أن يكون عمله تعاقداً لمدة سنة، لكنه قبل قرابة الشهر أصدر قراراً بتثبيته في النقابة، على أساس الانتماء الحزبي، وليس على أساس الكفاءة أو الحاجة، كون هذا الفائز بالدعم السياسي يقضي أغلب أوقاته في مقرّ النقابة في طرابلس ولا يداوم في عكار.

قضية السلّة الائتمانية: لماذا الخشية من الشفافية؟

أنشأت نقابة المهندسين ما يسمى السلة الائتمانية، وهي عبارة عن مبلغ 400 ألف دولار توضع سنوياً بتصرّف النقيب يصرفها على الشؤون الصحية الطارئة للمهندسين، أي مبلغ مليون ومائتي ألف دولار خلال ثلاث سنوات، مدة ولاية النقيب، وهذا ما استدعى مطالبة أعضاء في مجلس النقابة بضرورة تشكيل لجنة تساعد النقيب في ضبط عملية الصرف للحفاظ على موارد النقابة ولتعزيز الشفافية في الإدارة، لكنّ النقيب رفض بشدة.

تقييم لائحة مرسي

على مستوى ترشيح رئيس اللائحة

فرض الأمين العام لتيار المستقبل ترشيح المهندس مرسي مصري على الجميع، رغم أنّه لا يحظى بتأييد شريحة واسعة من مهندسي المستقبل الذين فضّلوا دعم المهندس نبيل عبد الحي، كما تساءل آخرون عن لَمِّ الشمل بين مرسي والمستقبل بعد قطيعة طويلة واتهامات متبادبة بين الطرفين وخصومات نشأت في مراحل سابقة، ليبرز السؤال: هل زالت أسباب الخصومة المعلنة، وهل تغيّر شيء عن التيار أو عند المصري؟

على مستوى السياسات الحزبية

أمّا التقاسم الحزبي للنفوذ في النقابة، فمن الواضح أنّه تحوّل إلى دائرة مغلقة يتحكّم فيها عدد محدود من المهندسين ولم تعد تعبِّر عن طموحاتهم.

معادلة التضليل في عكار

يرفع تيار المستقبل ومرشحه مرسي المصري شعار استعادة حقوق عكار من خلال إيصال نقيب عكاري إلى موقع نقيب المهندسين، وفي هذا الشعار تضليل واستغباء غير معقول للعقول. فتيار المستقبل الذي سبق أن استحوذ على رئاسة الحكومة سنوات طوالاً، وعلى أغلبية نيابية وكتلة برلمانية عابرة للطوائف وعلى تمثيل حصري لعكار بالتحديد، وكان يحتكر التوظيفات في الدولة وتقرير المشاريع.. وكان يكتسح النقابات بلا منافس.. لم يُنصِف عكار ولم يعطها حقّها في ذروة قوّته في الدولة، فكيف يكون منصب نقيب للمهندسين إستعادة لحقوق عكار المهدورة على مذبح السياسات الفاشلة لتيار المستقبل الذي سلب عكار بعض ما حصلت عليه من حقوق تنموية، منها المائة مليون الشهيرة التي سحبها الرئيس سعد الحريري لصالح مشاريع أخرى، ومنها وقف مشاريع المجمعات المدرسية والمهنية الكبرى وتضييع كلية الزراعة والطب البيطري والكلية البحرية إرضاءاً لعيون جبران باسيل صديق الرئيس سعد الحريري.. واللائحة تطووول وتطوووول.

عقلية وضع اليد على النقابات

رداً على مراد: المستقبل ضيّع الأمانات الكبرى فكيف يُؤتَمَنُ على الأمانات الصغرى؟

لهذه الأسباب وغيرها، يتراكم الصدأ على خطاب تيار المستقبل الذي ما زال يتصرّف على أساس الاستحواذ والاستملاك للمؤسسات العامة، ومن ذللك قول النقيب الأسبق للمحامين محمد مراد في معرض تأييد للائحة مرسي المصري (وكان بينهما ما صنعه الحداد):”علينا أن ننتصر ونحقّق الهدف الأساس بأن تبقى نقابة المهندسين بيدٍ أمينة، بيد تيار المستقبل الحريص على إدارتها بطريقة جيدة ليعمّ الخير على الجميع”.

ورداً على كلام مراد يستذكر اللبنانيون أنّ تيار المستقبل استلم أمانة البلد وأمانة تمثيل السنة في لبنان، فكانت النتيجة التفريط والتضييع حتى وصل الحال إلى تلاشي مؤسسات التيار نفسه وإغلاقها، فضلاً عن خسارة السنة أغلب مواقعهم وحقوقهم في الدولة، مواقعاً وإنماءاً ومشاريع، فكيف يُتَمَنُ من ضيّع الأمانة الكبرى، وهي البلد وأهل السنة، على الأمانات الصغرى، ومنها نقابة المهندسين، ومع مرشّحٍ يثير الجدل أكثر مما يثير الإجماع؟

تقييم لائحة “النقابة للجميع”

المهندس شوقي فتفت من ركائز العمل النقابي وهو من الذين وضعوا النظام الداخلي لنقابة المهندسين ولديه القدرة على إقامة التوازن المطلوب بين التأثير السياسي والأولوية النقابية وهذا ما دفع المعترضين على الوضع الراهن في النقابة على التكتل حوله وترشيحه لقيادتها إلى مرحلة جديدة خارج النمط السائد حالياً المبني على تقاسم النفوذ السياسي داخل النقابة.أما لائحته فهي متوازنة ويغلب عليها الطابع النقابي، كما أنّها تشكِّل ظاهرة صحية لفرض المنافسة الإصلاحية أمام تحالف المستقبل – المردة – القوات، فهي مدعومة من أغلب نواب طرابلس الذين غابوا بشكل لافت عن حفل إطلاق لائحة مرسي المصري،

القوات: هل تفضل الخصوم على الحلفاء؟

يظهر التباين بين النائب أشرف ريفي والقوات اللبنانية في هذه المنافسة واضحاً، حيث تكرّر القوات للمرة الثانية افتراقها عنه بعد انتخابات نقابة المحامين الأخيرة لتلتزم الاصطفاق إلى جانب المستقبل والمردة، وهذا ما يطرح أسئلة كثيرة حول السلوك الانتخابي للقوات، وهل يجري تغليب المصلحة الحزبية على أولوية التحالف السياسي؟

الانتخابات مناسبة للتجديد وتعزيز الديمقراطية

لا يمكن النظر إلى الانتخابات النقابية إلاّ أنّها محطة للتجديد والتطوير وتعزيز الشفافية والمحاسبة.. وستنتهي الانتخابات وسيكون الإثنين يوماً آخر، وينبغي أن يكون الفائز نقيباً للجميع وليس نقيباً لحزب أو تحالف أحزاب، وأن تكون التجربة الحالية للنقيب حرب موضع دراسة موضوعية لاستخلاص العبر وتأمين الاستقرار والاستمرار لنقابة المهندسين التي تعتبر أحد أعمدة النهوض في طرابلس والشمال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *