Mr. Jackson
@mrjackson

مباراة الحياة

طارق الحجيري

ثمانية ألاف لبناني ضجت وغصت بهم قاعة مجمع نهاد نوفل الرياضية، علت أصواتهم فرحا وتشجيعا وتصفيقا وتزريكا للاعبين يركضون خلف الطابة بحماس وإندفاع للفوز وإسعاد الجمهور.الملفت في المباراة ليلا أنها أعقبت نهارا داميا جنوبا، حيث لاقى عشرات الشبان حتفهم نتيجة حرب المشاغلة التي أطلقها الحرس الثوري الإيراني من لبنان.

شبان من بلدة عرسال

شكلت مباراة كرة السلة بين النادي الرياضي بيروت وغريمه التاريخي نادي الحكمة، دونما إرادة أو قصد، خيارا فاصلا بين إرادة الحياة الهانئة الآمنة ومشاريع الموت.

المتابع لرياضة كرة السلة في لبنان يعرف أن الغالبية الساحقة من المتواجدين على مدرجات ملعب نهاد نوفل في منطقة ذوق مكايل (منطقة مسيحية) آتون من مختلف المناطق السنية جنوبا وشمالا وبقاعا ومن بيروت أيضا، فالواقع يقول – سواء رضي البعض أم لا- أن النادي الرياضي بيروت يمثل اليوم رمز الإنتصارات السنية، بعدما أوصلهم ساستهم لحالة الإنحطاط وفقدان الوزن والتأثير التي يعيشونها منذ إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

شكلت مباراة الأمس رسالة حياة واضحة في وجه مشاريع الموت، فالشباب اللبناني ومن كل الطوائف والمناطق فرصة الموت العبثي تحت شعارات ومسميات الشهادة وغيرها.

لا يريد أغلب شباب لبنان أني ويغدو نسيا منسيا تحت التراب فيما صوره معلقة على العواميد والجدران، بينما أهله لا يملكون سوى الغصة والتسليم بالأمر الواقع.بعد المباراة وفوز النادي الرياضي، أجمع المتحدثون من الفريق، إداريين ومدربين ولاعبين على إهداء الفوز للجمهور المتعطش للفوز والربح، ناشدوا جميعا بالتشجيع الرياضي الأخلاقي الحضاري، طالبوا بعدم الإساءة للمنافس، إظهارا وتأكيدا للصورة الراقية للنادي وجمهوره، في كلامهم رسالة واضحة بأن الرياضة فرح وأخلاق وإرادة حياة.

في السياسة لا يستطيع أحد المزايدة على هذا الجمهور، فهم في كل مباراة لفريقهم لبسوا ورفعوا الشال الفلسطيني حبا ودعما لقضية فلسطين العادلة، هم مع حق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة وزوال الإحتلال والإستيطان، لكن دعم القضايا الإنسانية العادلة لا يكون حصرا بالموت العبثي المجاني، إنما بتوفير أسباب الإنتصار والفوز كما في الرياضة تماما.بالأمس اليوم وغدا يؤكد اللبنانيون توقهم للحياة العادية، يريدون دولة فعلية تقوم بواجباتها كاملة وأولها تأمين الحياة لمواطنيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *