بقلم حسان القطب
مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات
مواقف الولايات المتحدة، المعلنة منها وغير المعلنة، تصب في خدمة الكيان الصهيوني، بل وتدافع عنه وتبرر ممارساته، وتقدم له كل عونٍ ومساعدة ودعم ممكن، لمتابعة ممارساته الاجرامية، التي سبق ان بأه منذ الاعلان عن هذا الكيان، عام 1948..
كيف هو الواقع الاسرائيلي اليوم:
- لقد اصبحت اسرائيل عبئاً على الولايات المتحدة سياسياً كما امنياً ومالياً..
- بعد ان كانت اسرائيل تقدم نفسها على انها قوة اقليمية وازنة في الشرق الاوسط، وتلعب دور شرطي الغرب، الذي يفرض سياساته، ويقدم خياراته، ويسمح لنفسه بمخالفة سياسات الولايات المتحدة واوروبا في ملفات كثيرة.. اصبح هذا الكيان فجاة بحاجة لحماية اميركية عسكرية تمثلت بارسال حاملتي طائرات الى شرق المتوسط، اضافة الى اسراب من الطائرات المقاتلة.. لتامين الدعم اللازم وضمان امن الكيان المهزوم سياسياً وعسكريا على يد مجموعة من المجاهدين..الفلسطينيين..
- الواقع الاسرائيلي اليوم، مع تعطل الحياة السياسية والاقتصادية، نتيجة استدعاء قوات الاحتياط، ووقف المطارات وتراجع السياحة، وتوقف المصانع عن العمل، اصبح بحاجة اكثر للدعم المالي الاميركي، مما يزيد من الضغط على الادارة الاميركية التي تعاني أصلا من ازمة مالية، كما تضعها في مواجهة مع الشعب الاميركي الذي اصبح يمول حروب متعددة، وخاصة العدوانية منها كالحرب الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ويمول الاحتلال الغاشم لهذا الكيان..وهذا ما سوف يزيد من حاجة اسرائيل للاستماع للنصائح الاميركية بل لتوجيهاتها السياسية..
- سياسة تجاهل القرارات الدولية، وعدم احترام حقوق الانسان، والاعتقالات غير المبررة والاستيلاء على الاراضي واقامة المستوطنات، وممارسة الاغتيالات بحق الفلسطينيين وأخرها هذه الحرب المعلنة على الشعب الفلسطيني بهدف تدمير قطاع غزة، وتهجير اهلها وتدمير البنية التحتة، والابنية السكنية وتهديد المستشفيات، ومنع المساعدات، الانسانية والطبية والغذائية وقطع الكهرباء والماء، عن سكان غزة.. يضع الولايات المتحدة في وضعٍ صعب من حيث التبرير والتغطية والتفسير والتبني..
- كيف تستطيع الولايات المتحدة، ان تقدم سياستين متناقضتين في مجال حقوق الانسان، بحيث تدافع عن شعب بسبب ظلم وقع عليه، وتبرر لدولة مثل اسرائيل تمارس كل ما هو مخالف لحقوق الانسان والانسانية والاديان والوثائق المتعارف عليها..
- اسرائيل لم تستوعب بعد ان لغة الحرب والمواجهة والعداء والظلم والقهر والاحتلال لا تثمر سوى مقاومة ومواجهة وصمود وصبر.. ولم تتعلم اسرائيل من الحروب السابقة…. هل انهت حرب لبنان ضد اللبنانيين والفلسطينيين عام 1982، مسألة القضية الفلسطينية..؟؟ وهل اثمرت حرب اسرائيل على لبنان عام 2006، استسلام اللبنانيين وتخليهم عن حقوقهم في ارضهم وثرواتهم..؟؟ وهل نجحت سياسة اسرائيل العدوانية ضد قطاع غزة وحروبها المتعددة ضد القطاع في تراجع الفلسطينيين عن خيار المطالبة بحقوقهم المشروع بكافة الوسائل والطرق..؟ وهل استسلم اهل الضفة الغربية لقطعان المستوطنين، والاستيلاء على الاراضي والمقدسات والاملاك العامة والخاصة..؟؟
- سياسة التطبيع التي تبنتها الولايات المتحدة واستخدمت كل سلطتها للضغط على الدول العربية للقبول بوجود هذا الكيان والاعتراف به، ذهبت ادراج الرياح، بل اصبح من الصعوبة بمكان اعادة اطلاقها، بعد هذه المشاهد الدموية والاجرام المتمادي، والدعم الاميركي المطلق لكيان الصهيوني..
إن هذا الكيان الذي يقوم على الاغتصاب والاحتلال والظلم لا يمكنه التعايش مع محيطه، ولا يملك القدرة على ان ينخرط في حياة سلمية، واحترام القرارات الدولية..واعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه..؟؟ ومع ذلك تستمر الولايات المتحدة وبعض دول اوروبا في تأييد ورعاية وحماية هذه السياسات وهذا النهج والسلوك…
الخلاصة:
المجتمع العربي يمثل اكثر من 400 مليون نسمة واضافة الى العالم الاسلامي المتضامن والمتعاطف مع الشعب الفلسطيني المظلوم والمحتلة ارضه، يجد نفسه في حالة مواجهة مع هذا الكيان الصهيوني، ومن يرعاه، وخاصة الولايات المتحدة.. وما على الولايات المتحدة الا ان تختار.. ولكن كما يبدو لقد اختارت الولايات المتحدة العداء مع العالمين العربي والاسلامي، اذ قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: (إن الولايات المتحدة تعمل على ضمان تقديم المزيد من الدعم لإسرائيل في حربها ضد حركة حماس، كذلك تعمل مع إسرائيل لضمان إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حماس. وأضاف بلينكن إنه “لم يأت إلى إسرائيل بصفته وزيراً للخارجية فحسب بل بصفته يهودياً أيضاً”، مشدداً على دعم بلاده الكامل لدولة الاحتلال في كل وقت. وتحدث عن هدف زيارته إلى دولة الاحتلال في أعقاب عملية “طوفان الأقصى”، قائلًا إن “الرسالة التي أحملها لإسرائيل هي أننا سنكون دائما موجودين إلى جانبكم”.)…
تصريح وزير الخارجية الاميركية بهذا المضمون والنص، يؤكد ان سياسة الولايات المتحدة، لا تقوم على اسس انسانية، ولا تلتزم بالعناوين التي تطلقها حول حقوق الانسان واحترام الحياة الانسانية، بل على اسس دينية تضج بالعصبية والحقد..!! وان دور الادارات والمؤسسات في الولايات المتحدة، التي تتحدث عن الديموقراطية والتعددية والحوار وحكم الاكثرية الشعبية.. مجرد اوهام او انها شعارات تستخدم في دول محددة لمعاقبتها عندما لا تتوافق في مواقفها مع الولايات المتحدة.. وما يجري في فلسطين من عدوان وظلم وتهجير وقتل ممنهج ومبرمج.. من قبل قادة الكيان الصهيوني، يحظى بتأييد مطلق من الولايات المتحدة.. مما يؤكد ان الولايات المتحدة اختارت العداء بل بالغت في استعداء الشعبين العربي والاسلامي..وهذا سوف ينعكس بالتحديد على مستقبل سياسة التطبيع التي ترعاها الولايات المتحدة بين دول المنطقة واسرائيل.. ؟؟
لذلك على الولايات المتحدة ان تختار، كما ان علينا ان نكون اكثر صراحةً ووضوحاً لمسارنا ومواقفنا ونهجنا وتوجهاتنا..!!