كتبت بولا أسطيح في الكلمة اونلاين
بات واضحا ان مهمة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان المفترض ان تستكمل خلال نحو 10 ايام لن تؤدي غرضها بانهاء الشغور الرئاسي الذي وعد موفد باريس عددا من النواب الذين التقاهم انه قادر على انجازه في شهر ايلول. ليس فقط موقف المعارضة الذي جاء حاسما برفض الحوار مع حزب الله والقيام بأي التزامات مسبقة تكبل رئيس الجمهورية المقبل، هو الذي يهدد مهمة لودريان لا بل يحبطها قبل انطلاقها من جديد، انما ايضا مواقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في اليوم الثاني لمؤتمر سفراء فرنسا عبر العالم التي حملت هجوما لاذعا بوجه ايران والتي ندد فيها بـ«سياسة طهران المزعزعة للاستقرار»، تحديداً في لبنان، معتبرا أن “وضع حد لتدخلها فيه يعد عاملاً مسرعاً لحصول الانتخابات”. هذا الموقف الجديد لن يمر على الارجح مرور الكرام لدى حلفاء طهران في لبنان وعلى رأسهم حزب الله الذي بدا حتى الربع ساعة الاخير متجاوبا اول مع الطروحات الفرنسية وآخرها الحوار الموسع باعتبارها كانت تخدم مصالحه واجندته، الا ان المستجدات الاخيرة قد تؤدي لانتهاء شهر العسل بين الطرفين، ما يجعل كل عناصر التأزم الرئاسي جاهزة وكل عناصر الحل مفقودة.
وتقول مصادر مطلعة على جو حزب الله ان جو الود الذي كان يلاقي به الحزب الموفد الفرنسي قد يفتقده هذه المرة، لافتة الى انه “بدل ان يصوب الفرنسيون باتجاه السبب الاساسي لفشل مهمتهم في لبنان الا وهو موقف قوى المعارضة المدعوم اميركيا الرافض للحوار، نراهم يهاجمون ايران ويحملون الحزب مسؤولية عدم انتخاب رئيس علما انه ومنذ بدء الجهود الفرنسية كان اول الداعمين والمسهلين لها”. وتضيف المصادر:”لكن ولتبرير الفشل الذريع الفرنسي في التعامل مع الملفات الخارجية من لبنان الى النيجر فالغابون، والذي ادى لارتفاع حدة الحملة الداخلية الفرنسية على ماكرون وسياساته الخارجية، لجأ الاخير لتحميل ايران المسؤولية وهو امر سيترك لا شك تداعياته على الوساطة الفرنسية التي اصلا شعرنا انها قاربت نهايتها مع الاجتماع الاخير الذي عقدته اللجنة الخماسية في الدوحة. لذلك نرجح ان تكون زيارة لودريان المقبلة لزوم ما لا يلزم خاصة بعدما اعلنت المعارضة بوضوح رفضها الحوار”.
وكما حزب الله، لا يبدو حزب “القوات اللبنانية” متفائلًا بخرق قد يحققه الموفد الفرنسي في الحائط الرئاسي في ايلول المقبل. وهو يتحدث عن ستاتيكو داخلي وآخر خارجي يجعلان الامور تدور في حلقة مفرغة. ولكن هذه المرة وبخلاف المرات السابقة، قد تكون معراب سعيدة بمواقف ماكرون الاخيرة. اذ تصف مصادرها هذه المواقف بالمهمة معتبرة ان الرئيس الفرنسي نجح واخيرا بوضع الاصبع على الجرح وبتشخيص السبب الحقيقي للازمة اللبنانية ككل وليس الرئاسية حصرا. وتشدد المصادر على ان “الامل اليوم هو بترجمة هذا التشخيص عمليا بالملف الرئاسي كونه يتناقض كليا مع المبادرة الفرنسية السابقة التي كانت تؤيد انتخاب مرشح حزب الله. اليوم المطلوب من الفرنسيين الترويج صراحة والدفع باتجاه وصول رئيس من خارج الاصطفافات وغير خاضع لمحور الممانعة”.
بالمحصلة، يبقى حوار حزب الله – التيار الوطني الحر العنصر المتحرك الوحيد في المشهد الرئاسي. وقد برز ما قاله مصدر مطلع على جو الحزب بأن الاخير قد يسير باقتراحات باسيل “على ان تكون اللامركزية التي ستُعتمد هي الادارية التي نص عليها اتفاق الطائف مع “مستلزماتها المالية”.. بما يبدو انه مصطلح قد يشكل مخرجا للطرفين، ما يعزز حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية من جديد.
