العميد ركن يعرب صخر يكتب: محنة لبنان في حزب من نسل إيران
قبل التحدث عن محنة لبنان، يجدر التوقف عند محنة الفكر المتمثلة بالنظر إلى الشيء بتسليم غريزي وعاطفي وإيمان عقيدي دون الحاجة لفهمه، والذي عند إعمال العقل والمنطق والواقعية حياله إما يترسخ الإيمان به أو ينتفي. لذلك فالأزمة هي المتولدة عن الإيمان بالشيء دون فهمه. وعلى هذه القاعدة أبني سياقي وأسنده عن طريق فهم وقراءة الواقع بوقائعه ونتائجه ومؤدياته، محاولا” تبيان الأمر لمن يؤمنون ولا يفهمون، علهم يرشدون.
تشهد الساحة اللبنانية أداء” سياسيا” لا مسؤولا” يتسم بالخفة والمراهقة وقصر النظر من قبل منظومة حكم، بعيدة عن الاستشراف والرؤية والتخطيط والاستباق، والتعامل بردود الأفعال على أفعال هم ليسوا فيها فاعلين بل مفعولا” بهم ومجرورين إلى صفقات مصيرية تهدر حقوق لبنان وممارسات كارثية تشيطن وجه لبنان.. يقودهم إليها ويسوقهم فيها حزب شاذ شذ عن هم الوطن، استباح السيادة وخلخل البنيان وشوه الكيان/ حزب إيران في لبنان.
ظروف الولادة
ولدت هذه الظاهرة الشاذة في ١٩٨٢ في لحظة خواء وطني وفوضى عارمة، وسط غياب تام للدولة بفعل النفوذ الفلسطيني المسلح الذي أدى لحرب أهلية دامية اعقبها إحتلال سوري ثم تلاه احتلال إسرائيلي.. فنشأ هذا الحزب مستغلا” هذه الفوضى، مجسدا” ومجندا” نفسه نسخة متصلة بالثورة الإيرانية ١٩٧٩ وامتدادا” لها في لبنان كنموذج قابل للاستنساخ في دول عربية أخرى تحتوي مثل لبنان على بيئات شيعية لحرفها عن طريق الأدلجة الخبيثة عن انتمائها الوطني نحو انتماء عقيدي لا يتصل سوى بإيران المتناقضة لا بل المتضادة مع العرب بالتاريخ والجغرافيا والقومية والعقيدة… ولبنان بنص دستوره بلد عربي الهوية والإنتماء.
الدور الهدام
وإن كان للأحزاب الدور الحيوي المطلوب والمرتجى في خلق التنافسية البناءة فيما بينها داخل وطنها، من منها يقدم البرامج السياسية والأداء الإداري الأفضل لتطوير وتقدم البلد، ومن منها يقدم نخبة عناصره في الحكم والإدارة والمؤسسات.. إلا أن هذا الحزب يشذ عن كل ذلك ويضرب بعرض الحائط كل مصلحة حيوية للبنان، لا بل كل ممارساته تهديمية وتخريبية وتيئيس وافقار وتخلف، في تنفيذه لأجندات خارجية لا تفيدنا ولا تهمنا ولا تشبهنا ولا نشبهها في شيء، وجعل لبنان وطنا” لتصادم القوى ودائم اللا إستقرار.
أدلجة الحاضنة
إذا تقصينا مراحل نشوء هذا الحزب، نراه باعتراف مسؤوليه أنه حركة شيعية ترتبط وشائجها بإيران الخمينية تسير على نهج الولي الفقيه وهي امتداد للثورة التي قامت هناك ١٩٧٩. هم لا ينكرون أن هدفهم نشر هذه الثورة في كل بؤرة شيعية في أي بلد عربي وتأليب الجيوب الشيعية فيها على أنظمة الحكم، بغرس المعتقدات التناقضية مع مجتمعهم عبر بث الكراهية واستجلاب خلافات التاريخ بتزييف وقائعه لتصوير أنهم على حق وأولي الأمر على باطل. وبخلاف مسار أولياء الشيعة قبلهم (موسى الصدر- محمد حسين فضل الله- محمد مهدي شمس الدين- علي الأمين..) الداعين إلى انخراط الطائفة في بناء المواطنة في المجتمع وألا يخرجوا عن الدستور والقانون ويكونوا جزءا” بناء” في مجتمعهم و ينسجمون مع نظامه السياسي ولا يشذون عن محيطهم العربي وهموم الأمة… هذا الحزب يتصرف بعكس كل هذه الوصايا، ويدلل عبر كل مساره أنه إحتلال خلف لاحتلال سوري واسرائيلي سلف.
لبنان تحت احتلال صريح؛
إن دأب أي محتل هو قبل كل شيء الإتيان ببضاعة حكم رخيصة نرجسية مرتزقة منقادة تنفذ له ما يريد، وبذات الوقت إبعاد وإقصاء بشتى السبل رجال الدولة والكفاءات والقامات الوطنية المخلصة لوطنها المتمتعة بصفات القيادة والمناقبية والإيثار ونكران الذات.. كي يسهل عليه الإمساك بمفاصل الحكم والتقرير كيفما تسنى له وشاء.
الشواهد على ذلك:
بتوالي المراحل وبالممارسة؛ صرنا فعلا” تحت احتلال، تدلل عليه شواهد كثيرة:
إغتيال كبار رجالات الدولة وأصحاب القلم والكلمة والرأي الحر.. مع ترهيب وإقصاء الوطنيين والسياديين. وقتلهم بنهاية المطاف.
السعي الدؤوب لتغيير النظام السياسي بشكل يتماهى مع مشروع المحتل، واذا تعذر يقوم توازيا” بمنع تنفيذ النظام السياسي القائم، واتباع بدعة التوافقية والميثاقية الطوائفية في كل شيء بفرض توجهه كمخرجات لأية مسألة سياسية تقريرية.
جهده الدؤوب في نزع لبنان عن محيطه العربي ومجاله الحيوي.
ترسيخ العقائدية وشحن النفوس بالكراهية وتنافر القوى المجتمعية لضرب مفهوم المواطنة.
بث أزلامه وزرع محازبيه في إدارات الدولة دون معايير الجدارة والكفاءة.
تثبيت بدعة الثلث المعطل كحد أدنى له في السلطات التنفيذية للإمساك الدائم بصنع القرار.
القبض على السلطة التشريعية وفرض رئيس للمجلس النيابي ولجانه ومقرريه يشترون له الوقت ويشرعون له ويضفون قوانين تتماشى مع نظرته.
الإتيان برئيس جمهورية موال يتبنى مشروعه.
تشويه وتقزيم أداء القوى الشرعية الأمنية والقضائية، وبث دخلائه وعملائه في المؤسسات لهذه الغاية، مستغلا” مرتزقته في مركز القرار، ووسائله الإعلامية المسخرة لدعايته.
تثبيت مقولة أو ثلاثية (جيش شعب ومقاومة) في كل البيانات الوزارية لأية حكومة لا يسمح بتشكيلها إلا وفق هذه القاعدة، كي يشرع لنفسه مساواة شرعية بالقوى الشرعية، ويصور حضانة شعبية لممارسة.
نشر ثقافة الفساد وضرب مفاهيم القيم ومنظومة الأخلاق.
الترهيب الدائم بالحروب الأهلية وإشاعة عدم الاستقرار.
استباحة الحدود والمرافق البرية والبحرية وتعزيز السوق السوداء والتهريب لجني الأرباح.
رعاية صناعة وتجارة المخدرات وتفشيها كمصادر دخل له. لضرب الأمن الاجتماعي
تشجيع الجريمة والسرقة وحماية الفارين من العدالة.
صناعة القلق والخوف، وإدامة حالة اليأس والإحباط التي صنعها هو، لتهجير الناس وهروبهم من غربة في وطن يفتشون عن وطن في غربة.
في كل نقطة واردة أعلاه، أمثلة كثيرة جدا” بشكل يومي تثبتها وتبينها بالحجة والدليل (اغتيال كبير لبنان رفيق الحريري ٢٠٠٥، تصفية جبران التويني وبيار الجميل وووو…والقافلة تطول .. حتى لقمان سليم.. تعطيل تشكيل الحكومات لأشهر وسنوات، إقفال مجلس النواب لمدد أطول، تهديد القضاة، تنصيب الفاسدين وزراء” ونوابا” ومدراء، شل انتخابات رؤساء جمهورية إلا على شاكلة أميل لحود وميشال عون كرؤساء دمى مطواعة، الهروب من الحوار إلى حرب تموز العبثية ٢٠٠٦، غزوة السابع من أيار ٢٠٠٨واستباحة بيروت، دخول ميليشيا حزبللا للقتال في سوريا دعما” لنظام بشار السفاح، انتشار القمصان السود ٢٠١٢ لمنع تكليف س. الحريري تشكيل الحكومة، تحالفهم مع داعش في سوريا والعراق، منع انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان وإلزام جعجع والحريري وجنبلاط بميشال عون رئيسا” دون سواه وتفشي الفساد والنهب والافقار والاستيلاء على ودائع المواطنين في المصارف في هذا العهد بتغطية وحماية ومشاركة هذا الحزب، التفجير المهول لمرفأ بيروت ومئات الضحايا وتدمير نصف بيروت اب ٢٠٢٠ بنيترات الأمونيوم المخزنة فيه والتابعة لهذا الحزب… وآخر الفصول الصفقات مع العدو الإسرائيلي لمنع لبنان من الإستفادة من ثرواته الطاقية في مياهه الجنوبية في سابقة تثبت أنه مساوم وليس مقاوم مبايع وليس ممانع. ( سنفرد لها فقرة مستقلة).
كل هذه الممارسات والموبقات وغيرها كثير، من حزب تحدد بكل ما ورد أعلاه أنه محتل صريح وقبيح… يغطي قبحه بانتحال إسم الله. وكل ذلك وغيره من جهد وكيد وفعل عمدي مستمر وخبيث، خلخل مقومات المجتمع وصدع مؤسساته وأودى بالعمل السياسي نحو الحضيض، وذلك لجعل الدولة والكيان بأرضية رخوة آيلة للسقوط في كل لحظة..لماذا؟ لتأسيس دولته العميقة كأرضية لدويلته التي لن تقوم إلا بإضعاف الدولة الأصل بكل مؤسساتها وأركانها. وانظر ترى الواقع يطابق كل القول، بالسرد الموضوعي وبترابط الأحداث طوال ثلاثة عقود من الزمن.
آخر الدور على آخر القلاع؛
بعد تنكيس السيادة والهيبة وفقدان المناعة واستشراء الفساد… كان لا يزال هناك إلى وقت قصير خمسة أقانيم تشكل ما تبقى من وجه لبنان المناعي والحداثي، الليبرالي، والإنفتاحي الراقي والأخضر الجميل…وهي: الأسلاك العسكرية على رأسها الجيش – المالية المركزية العامة – الطبابة – والتعليم – السياحة والخدمات… ودون الخوض في التفاصيل: انهار التعليم والكلمة الحرة والفكر الجريء الذي كان مفخرة” ونموذجا” إقليميا وعالميا يحتذى به… كان لبنان يسمى مستشفى الشرق وقبلة الشفاء، فأضحى مسلخا” وعنبرا” لدفن الموتى، هاجر أطباؤه وفقدت الأدوية.
جرت منذ هذا العهد ٢٠١٦ وللآن (عهد العمامة والفخامة) ولا تزال تجري عملية شيطنة خبيثة، وإشاعات محضرة وممنهجة تقذف بتواقيت مدروسة، لإفقاد الثقة بهذه الصروح تمهيدا” لتهديمها وانهيارها، ومعها إنهيار آخر بيادق المناعة والدفاع الوطني، كي تستفرده الميليشيات ومرتزقتها، وتهجر أبناءه وتبيحه ساحة لتصفية حسابات لا دخل للبنانيين بها ولا نفع لهم منها. هذه العصابات وطوابيرها بدأت لعبتها بتعميم الفساد لتنتقل الآن إلى خطوتها الأخيرة بإفقاد الثقة وتهديم ما تبقى.
ثورة ١٧ تشرين ٢٠١٩ بمطالب معيشية
وجد اللبنانيون أنفسهم أمام واقع مرير تمثل في استشراء الفوضى والفساد وتهدد أمنهم الاقتصادي والاجتماعي والغذائي، والأهم ليس القلق في تبدد آمالهم بل في ضياع آمال أولادهم و غد اجيالهم. فانصب غضبهم في ثورة مليونية عارمة في ١٧ ت١ ٢٠١٩ على كل منظومة الحكم بشعار “كلهن يعني كلهن”، لمحاسبتهم على افقارهم وسلبهم لوداىعهم واستعادة أموالهم المنهوبة… وكان أول المتصدين والمسخفين لهذه الثورة هو ذاك الحزب، يريد أن يحمي منظومته ودماه المتحركة بأمر متشح السواد التي هو من أتى بها وبوأها لتحمي سلاحه ويحمي هو فسادها ويشاركها فيه.
الثورة تتحول نحو المطالب السيادية
بعدما تبين لغاليية اللبنانيين أن هذا الحزب هو رأس الفساد واتضح لهم زيف شعارات المقاومة التي تحولت إلى مساومة، والممانعة التي تحولت إلى مبايعة؛ وبعد تمثل حقيقة أنه بظل هذه المقاومة بات البلد في جحيم والعدو في نعيم يعيش أزهى أيامه… تيقنوا أن ذلك هو السبب الكامن وما يعانونه هو نتيجة، فانبروا يطالبون باستعادة السيادة والتحرر من سطوة السلاح غير الشرعي الذي بات هو السبب في كل المعاناة، وعليهم معالجة الأسباب دون التلهي بنتائجها، فكان شعار #السيادة_قبل_الرغيف.
على هذا الأساس تأسست المجموعات السيادية وبدأت المطالبات بتطبيق القرارات الدولية (١٥٥٩ – ١٦٨٠ – ١٧٠١) التي ترعى نزع سلاح الميليشيات وتمكين وتسيد القوى الشرعية اللبنانية من الانتشار على كامل تراب الوطن ومسك الحدود بالكامل… تماشيا” مع تطبيق الدستور الذي يتماشى بدوره وبروحيته مع هذه القرارات الدولية، بتمكين الشرعية ونبذ اللاشرعية.
انفجار ٤ اب المهول
كانت الشمس في الأصيل لما دوى انفجار كغضب الصيحة بعصف مزلزل في مرفأ بيروت وامتد كموجات الهزات والزلازل جارفا” مهشما” وجه بيروت بلحظات، وسجل على أنه ثالث أقوى انفجار في تاريخ الكوكب… ودون الخوض في التفاصيل، وقد تناولتها على مدى أسابيع وأشهر كل الألسن والاراء والتحليلات والتفسيرات، إلا أن الثابت هو انفجار أطنان من نيترات الأمونيوم مخزنة بعشوائية كان يستفيد منها كل من: النظام السوري في حشوات براميله المتفجرة يسقطها على شعبه ومدنه وقراه ويمزقهم شر ممزق، وحزبللا لشحنها إلى العراق وسوريا واليمن لصنع الذخائر والعبوات والمتفجرات وحشوات الصواريخ وخلافها.
وإذا تتبعنا الاستهدافات الإسرائيلية لفصائل إيران وشحناتها العسكرية أينما كان، نجد أنه وبالدليل الظرفي أن انفجار المرفأ يأتي في نفس السياق.. لكن أمام هول الانفجار، لا الحزب تجرأ عل اتهام إسرائيل كعادته في كل ضربة، ولا هي تبنت العملية، وصمت الكل تهيبا”.
فتح التحقيق، وسرعان ما بدأ طمس الجريمة وتشويه الحقائق، وتصاعدت التلفيقات لدرجة عرقلة عمل المحققين وتهديدهم ثم كف يدهم ومنعهم من الوصول إلى نهايات التحقيق، خصوصا” بعدما بدأت تتكشف مسؤوليات بعض أزلام السلطة التابعين لنفوذ حزبللا.. وفي ذلك دليل ظرفي آخر أن التبعة والتهمة لا تغادر هذا الحزب ومن لف لفه… ولا نزال إلى الآن بعد مضي حوالي السنتين والنصف، دون نتيجة حاسمة.. لكن وبالتحليل الأمور والممارسات تتكلم عن نفسها.
الانتخابات أحدثت بعض التغيير
جرت الانتخابات النيابية في أيار ٢٠٢٢ ولم يستطع خط الممانعة الذي يدور في فلك الحزب تأجيلها أو تعطيلها، في ظل قانون انتخابي أعوج تم تفصيله بالأساس لكي يخدم أهواء الثنائي الشيعي ولفيفهما، وجاءت النتيجة متوازنة مع رجحان كمي بسيط لصالح القوى الوطنية السيادية والتغييرية، ما حرمها من إمكانية الحسم والفصل والتقرير، وبقي الحال على ما هو عليه في استفراد الثنائي الشيعي برئاسة المجلس النيابي والتحكم في انعقاد جلساته وتعطيله واقفاله متى شاؤوا، واللعب والتحايل والاجتهاد السلبي في الدستور والتشريع فيما خص القرارات المصيرية المهمة وأولها عملية انتخاب رئيس للجمهورية التي لم تسفر للآن بعد ست جلسات انتخاب عن رئيس عتيد للبلاد، ساعين في كل جلسة لتطيير النصاب ما لم يتنازل الطرف الآخر لهم لتعيين رئيس يوافق هواهم.
قمة العهر في صفقة العصر
جرت في الأيام الأخيرة لعهد الرئيس عون /دمية حزبللا/ عملية تهريب لاتفاق ترسيم بحري مع العدو الإسرائيلي، حرم لبنان وأجياله من مساحة بحرية تقدر بحوالي ١٤٣٠ كلم٢ بحري، وأمن لإسرائيل حرية وسهولة استخراج طاقة الغاز الكامنة في البحر، وحقق لها استقرارا” مستداما” لهذا الغرض… في عملية كشفت الوجوه واسقطت الأقنعة، حيث لطالما صرعنا الممانعون بالشيطانين الأكبر والأصغر، أمريكا وإسرائيل، والآن يفاوضونهما ويساومونهما ويتنازل المصنف ارهابيا” من قبلهما عن ثروات وحقوق لبنان، في دليل قاطع أن حزبللا وكيل إيران لا يتوخى مصلحة لبنان بل فقط مصلحة وليه في ايران مستحضرا” إياها كمفاوض مقرر مع الأميركي والإسرائيلي، في عملية تبادل مصالح ومنافع مشتركة.
في هذا الشأن، يمكن الرجوع إلى مقالتي السابقة بعنوان [المآلات الخطرة للترسيم البحري اللبناني مع إسرائيل].. وفيها الشرح المفصل والجواب على كل سؤال.
مهما طال، حبل الكذب قصير
عندما يبلغ الصوت مداه، يتحول إلى صدى. ترداد الصراخ والضجيج يصبح حشوا” ولغوا” وعويلا” وصرعا”. تكرار الكلام يصبح ببغاوية ولازمة ممجوجة… باختصار؛ فرغت جعبة الكذب وبدأت شعارات الخداع تتكشف عن زيفها، والهالة المظللة للضلال أخذت تتلاشى، وصارت تضمحل سريعا”. كلما كثرت الخطابات كلما قل مفعولها، وكلما طل كلما باخ. ذات اللازمة في كل خطاب وكل طلة، حول الكلام وصاحب الكلام إلى ملل ممجوج.
إذا غضب الله على قوم جعل أراذلهم زعماء وأسافلهم قادة.
هذا ما سلطه الله علينا، وهو قليل، فكما نكون يولى علينا.
لبنان منبع الأبجدية، بلد الحضارة والعلم والثقافة، سويسرا الشرق، مصدر الإبداع والإنفتاح، منبت العقول والرجالات العظام….يحكمه حفنة من نفايات القوم، الأغبياء الإمعة، المسؤولين المغفلين وأصحاب القرار المعتوهين، وزراء الصدفة ونواب الغفلة،…
يا أسفي عليك يا وطني، على مصابك وما حل بك. زمن اختلطت فيه في وطننا أدوارنا: الصغير كبير والكبير صغير، الجاهل عالم والعالم جاهل، العميل وطني والوطني عميل.