نحيي المقاومة الصاعدة في الضفة الغربية التي تعبر عن ثوابت جماهير الأمة وتطلعاتها وتثبت إفلاس التنسيق الأمني، وندعو إلى الدفاع عن الأقصى في وجه موجة العدوان في الأعياد اليهودية القادمة
يتوجه الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن في الأردن، العمق الشعبي الأقرب لإخواننا في فلسطين، بتحية اعتزازٍ وفخر للمقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية إذ تحفِر طريقها في الصخر، ويشدُّ على أيدي أهالي الشهداء والأسرى والجرحى الذين صنعوا مآثرَ الصمود والنصر، فهذا المدُّ المقاوم إذ يعود بعد ثلاثة عقود من أوسلو ووادي عربة، وبعد خمسة عشر عاماً من تجربة دايتون والتنسيق الأمني، لَيُـثبت بالدليل القاطع عبثية خيار التنسيق الأمني، الذي لم يأتِ بالسلام المزعوم ولم يتمكن حتى من استدامة نفسه؛ فما أبأسه من نهجٍ آن أوان التخلي عنه والتبرؤ منه.
وإن تواتر الأخبار في كل يوم عن نمور الضفة المقاتلين، إذ ينتقون أهدافهم من جنود جيش الاحتلال وضباطه ويباغتونهم في جحورهم في الحواجز والسيارات والحافلات المحصنة من جنين ومخيمها قلعة المقاومة؛ إلى نابلس إلى القدس وعلى امتداد مساحة الضفة الغربية ليؤكد فشل الرهان على أوسلو ودايتون ووادي عربة، وكل الاتفاقيات والمعاهدات المزعومة مع الاحتلال الصهيوني؛ وفشل كل مشروعات الهندسة الاجتماعية التي تعول على ربط مصالح فئات بعينها بالاحتلال، وفشل كل أشكال التنسيق الأمني.
من جهةٍ أخرى، فإن التهديدات التي تطلقها جماعات الهيكل المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك في موسم الأعياد اليهودية القادم الذي يبدأ في 26-9 ويستمر نحو عشرين يوماً حتى 17-10-2022، وتَقدُّمَ تلك الجماعات لمحاكم الاحتلال للمطالبة بنفخ البوق فيه وإدخال القرابين إليه تحت حماية قوات الاحتلال، لتُجدد وضعَ الأردن في قلب المواجهة إذ تستهدف تهويد الأقصى وتغيير هويته؛ وهو الأمانة الموضوعة في عنق الدولة الأردنية منذ خسارته للصهاينة في 1967. وإن إصرار حكومة الاحتلال على المضي قدماً في هذا الاقتحام رغم مخاوفها من المقاومة ليُؤكد أن تهويد المسجد الأقصى يقع في قلب أهدافها السياسية التي تعمل لتحقيقها بكل ما أوتيت من إمكانات، وأن اتفاقية وادي عربة رغم بلوغها 28 عاماً من العمر لم تتمكن من إقناع الصهاينة بالحد الأدنى من مراعاة المشاعر الدينية الإسلامية؛ فما وزن اتفاقية سلام يمضي المحتل تحت سقفها في محو أقدس مقدساتنا؟!
ولقد جاء خروج الأسير الأردني مناف جبارة من سجون الاحتلال في هذا الظرف بعد انقضاء محكوميته البالغة ثماني سنواتٍ لَيُعيد تسليط ضوء ساطع على بؤس خيار محاكمة المقاومة وتجريمها، فهذا الأسير محرومٌ من العودة إلى بلده لكونه محكوماً على عمله المقاوم بحكمٍ يقارب ضِعف المدة التي قضاها في سجن الاحتلال. وهذه خطيئةٌ لم تكتفِ فقط بالردة عن موقع الأردن العربي والإسلامي، وتاريخ جيشه المشرف الذي قدم دماء شهدائه زكيةً على أرض فلسطين مرةً بعد مرة، بل إنها خطيئةٌ تجرّ الأردن لأن يخالف حتى أبسط حقوق الإنسان القانونية إذ يحاكم الرجل على الفعل ذاته مرتين.
وأمام هذا التهديد المحدق بالأقصى فإننا نتوجه إلى القيادة الأردنية بضرورة إعادة النظر في اتفاقية وادي عربة برمتها، وبضرورة المسارعة إلى كل جهد سياسي ممكن للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، وهي خطوات ستكون محل إجماعٍ ودعمٍ واعتزاز من الشعب الأردني بكل أطيافه ومكوناته، ومحل تقدير الأمة العربية والإسلامية. كما نجدد التأكيد على موقف الإجماع الشعبي الثابت برفض اعتبار المقاومة ضد المشروع الصهيوني “إرهاباً” بأي حالٍ من الأحوال، ونؤكد بأنها في وجداننا كانت وستبقى عملاً مشرفاً وواجباً وطنياً وعروبياً وإسلامياً مقدساً، لا يملك أي قانون كان ما يؤهله لوضعها موضع الاتهام.
في الختام، فإننا نتوجه إلى جماهير شعبنا بضرورة متابعة وقائع هذا العدوان والمقاومة المتصاعدة، وبما سيصدر عن الملتقى من إعلانات لنكون إلى جانب أهلنا وأشقائنا في الدفاع عن هويتنا وأرضنا ومقدساتنا، كما نتوجه إلى الشعوب العربية والإسلامية بضرورة التحرك دفاعاً عن الأقصى، وإلى علماء الأمة بالتصدي لأمانتهم التاريخية بالتأكيد على ثوابت الأمة في الأقصى والقدس وفلسطين أمام خطر التصفية.