Mr. Jackson
@mrjackson

١٠ فوائد من قصة الذبيح اسماعيل عليه السلام

محمد اسوم

فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ قَالَ يَٰبُنَىَّ إِنِّىٓ أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنِّىٓ أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ

١_ فلما بلغ معه السعي :
ان الاجيال لم تفسد والمجتمعات لم تضيع الا حين مددت الامم المتحدة سن الطفولة الى ١٨ سنة…
في تاريخنا
قادة وسلاطين وفاتحين كانوا اصغر من ذلك..

لم يقل الله فلما بلغ فقط.. لأن البلوغ قد يكون ابكر وقد يكون متأخرا
انما قال فلما بلغ معه السعي.. اي عندما اصبح قادرا على السير مسافات طويلة مع ابيه دون ان يتعب ودون اي مساعدة منه
نحن هنا امام غلام قد يكون عمره ١٠ سنوات او ١١ او ١٢ على الاكثر…

٢_قال يا بني اني ارى في المنام أني أذبحك :
عندما يكون الامر قاسيا او الخبر قاسيا لا بد ان نسوقه بلطف..
وعندما يكون هذا الامر القاسي من الله فلا ننسبه اليه تحرزا من ردة فعل مسيئة ممن يتلقى الأمر…

اللطف : يا بني… بكل محبة
الحكمة في تبليغ الأمر : اني ارى في المنام اني اذبحك… ولم يقل ان الله يأمرني ان اذبحك…..

ان رؤيا الانبياء وحي…. ورؤيا الصالحين اشارة او بشرى او كرامة….
وتعبير الرؤى منحة وتعليم من الله….

حتى الله عز وجل لا يكلف نبيه بالأمر القاسي مباشرة ولا بولسطة امين الوحي جبريل عليه السلام
انما يسوقه اليه عن طريق الرؤيا… كي لا يحمل النبي شيئا في قلبه على ربه….

٣_فانظر ماذا ترى :
اذا كان هناك امر قاس جدا لا مناص منه… ولا بد من تنفيذه… فان من الحكمة ان تجعل المكلف به هو الذي يتقبله
ويقبل عليه
فمثلا لو قلت لابنك… ان الدولة ستسجنني اذا لم تسلم نفسك.. فماذا تريد انت او ما رايك انت
هنا تجعل ابنك يقبل على تسليم نفسه بكل رضى …
بينما لو قلت لابنك… اذهب وسلم نفسك فانا لا اقبل ان ادخل السجن بسببك… فقد تجعله يسلم نفسه دون رضى.. او قد تجعله يراك ابا قاسيا انانيا لا تفكر الا بنفسك فيرفض تسليم نفسه…

٤_ قال يا أبت افعل ما تؤمر :

تبين أن ايمان الغلام وفهمه وادبه مع الله عميق جدا جدا.. كما تبين ان محبته لابيه وثقته به كبيرة جدا

يا أبت…. وهي التعبير الحقيقي عن محبة الولد لابيه
وكان يمكن ان يقول : ماذا؟؟؟. كيف؟؟؟؟
دون ان يذكر صفة الابوة بكل تودد

وتبين ان الغلام يعلم ان رؤيا النبي وحي من الله وامر منه
فقال له افعل ما تؤمر…

ويظهر ايمان الغلام حين يقول لابيه افعل بصيغة الأمر… دون ان يرد له مسألة اتخاذ القرار
وكان قادرا على القول : القرلر قرارك… لكنه قال افعل

ويظهر ادب الغلام مع الله حين لا يرد الأمر القاسي اليه بل يجعله للمجهول…
وهذا يدل على عمق التربية الايمانية المجبولة بالفهم الدقيق والادب الرفيع مع الله

٥_ ستجدني ان شاء الله من الصابرين :

هنا يقول لابيه( ستجدني) اي ستجد ما كنت تتمنى مني
سترى ان كل ما غرسته في نفسي من ايمان بالله وحب له وثقة به قد اثمر ونضج
لن ترى مني يا أبت أبدا تذمرا من امر الله او اعتراضا عليه او هروبا او خوفا او ترددا او حزنا او رغبة بالتأجيل….

وتتجلى عظمة الايمان والمعرفة حين يرد الصبر عنده الى الله…
فان السكينة التي وجدها في قلبه ليست من نفسه بل هي من ربه
ان الثبات نعمة وتوفيق من الله
ان الصبر عطاء من الله
ان الرضا ثمرة الايمان بالله
ان لقاء الله وهو راض عنه وابوه راض عنه احب اليه من الدنيا وما فيها
ان الموت بأمر من الله وارضاء له اسمى غاية عنده… وابلغ سعادة

((فَلَمَّآ أَسْلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلْجَبِينِ.. وَنادَيْناهُ أَن يا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين* إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ*))

٦_ فلما اسلما وتله للجبين

لما استسلما كليا
وهذا هو الاسلام الحق ….. الخضوع الكامل لله…
هذه هي العبودية الحقة… الامتثال الكامل لله دون مناقشة

مهما كان التكليف قاسيا…. تكن الاستجابة سمعنا واطعنا
مهما كان الابتلاء كبيرا….. تكن ردة الفعل صبرا وحمدا
مهما كان الأمر مؤلما……. يكن العزاء مزيدا من الرضى

ويظهر التسليم الكامل باستبعاد كل ما يمكن ان يؤثر على تنفيذه
فوضع الغلام على جبينه كي لا يتأثر الاب والابن بالنظر لبعصهما لحظة الوداع فيضعفان عن تنفيذ امر الله..

لا شيء اغلى ولا اهم ولا اولى من رضى الله ورسوله
النفس والمال والولد والناس اجمعين يرخصون في سبيل الله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن احدكم حتى يكون الله ورسوله احب اليه من نفسه وماله وولده والناس اجمعين…

٧_ ناديناه…. ان يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا

ان فرج الله يأتي دائما في لحظة التفويض والاستسلام الكامل
ان فرج الله يأتي دائما في اشد اللحظات حرجا وزلزلة

ان فرج الله ياتي دائما بعد القيام بكل ما يلزم دون اي تقصير او اهمال او تاجيل….

ان فرج الله يأتي دائما بعد نزع كل الحسابات الدنيوية والغاء كل الاعتبارات….وازالة كل المثبطات… والقفز فوق كل العقبات…. وصم الأذان عن كل النداءات…..

والتصديق لا يكون بكثرة الكلام… ولا بالعهود والوعود….. ولا بانعقاد القلب فقط
التصديق تكتمل اركانه بالاقبال والمسارعة على التنفيذ والتسارع مع اللحظات للقيام بالتكليف

والفرح بالمناداة باسمه وبالشهادة الالهية انه قد نجح في امتحانه وابتلائه هو اكبر بكثير من الفرح بالفرج نفسه

ماذا يعني ان يناديك الله باسمك
ماذا يعني ان يقول الله لك قد نجحت وافلحت
لا يمكن للكلمات ان تصف هذه الفرحة الغامرة ابدا….. ابدا

٨_ انا كذلك نجزي المحسنين….
ان الاحسان هو ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فهو يراك
ان رأيته او احسست انه يراك…. فلن تكون الا عبدا محسنا..

الاتقان ثمرة الاحسان
والانقياد ثمرة الاحسان
والابداع ثمرة الاحسان
والصبر ثمرة الاحسان
والثبات ثمرة الاحسان
والتقوى ثمرة الاحسان
والخشية ثمرة الاحسان
والاقبال ثمرة الاحسان

ووجزاء المحسنين :
محبة الله : ان الله يحب المحسنين
معية الله : وان الله لمع المحسنين
ثواب الله : فان الله لا يضيع اجر المحسنين
عفو الله : ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم
عطاء الله : وسنزيد المحسنين
فرج الله : انا كذلك نجزي المحسنين
تخليد الذكر من الله : وتركنا عليه في الآخرين سلام على ابراهيم انا كذلك نجزي المحسنين
٩_ ان هذا لهو البلاء المبين…

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ، ثم الذين يلونَهم ، ثم الذين يلونهم

ولد جاء في سن متأخرة
ولد ترعرع وصار على ابواب الشباب

يأتي الأمر من الله بذبحه على يد ابيه!!!!!!!! ما هذه القساوة؟؟ اين الرحمة في ذلك؟؟

ولم لا
فهو من الله ولله
الله يعطي ما يشاء….. والله يأخذ ما اعطى متى شاء

وهذه ليست قساوة ابدا… ولا ظلما ابدا…..
بل هو عين الرحمة والعدل

فرحمة الله بالعطاء والايجاد جلية
ورحمة الله قد تكون خفية في بدايات الامور لكنها تتجلى لاحقا في المآلات…… حين تدرك الغايات….. وتنجلي الحقائق….. وتظهر الموريات

و ان يتصرف الله بخلقه وملكه ما يشاء وفق حكمته واراداته لا يمكن ان يناقش فيه احد بل هو العدل المطلق…

وليس المطلوب من العبد…… الا الثقة والتسليم…

١٠_ وفديناه بذبح عظيم

الله يشرع ما يشاء…. والله ينسخ ويستبدل ما شرعه متى شاء
(ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها….)

فكما نسخ الله امر ذبح الولد بذبح الكبش
نسخ الله كل ما سبق من الكتب والرسالات بالاسلام والقرآن:

(هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)

_وبالنسخ الى ما هو اخف نعلم لطف الله ورحمه

ماذا لو ابقى الله على سنة ذبح الولد ولم يستبدلها بسنة ذبح الاضاحي؟؟؟
ان رحمة الله بالتشريع لا تظهر الا بمعرفة التشريع الأشد

_ان إبطال العادات السيئة لا يكون الا باتيانها من جذورها

لقد ابطل الله عادة قتل الولد قربانا للآلهة بأمره لابراهيم ان يذبح ولده ثم نسخ هذا الامر بافتدائه بكبش من السماء

لو قال ابراهيم عليه السلام ان الله ينهاكم عن قرابين الابناء
لقالوا انك تهرب من قتل ولدك الوحيد قربانا لله

اراد الله ان يعلم الجميع ان ابراهيم قد هم فعلا بذبح ولده
لكن الله رحمه بالافتداء…..
وهكذا لا تبقى هناك حجة للمتمسكين بالعادات القديمة والجاهلية

تماما كمسألة تحويل القبلة ومسألة تحريم التبني
لقد ترك الله نبيه صلى الله عليه وسلم يصلي الى القدس ٦ اشهر ثم حولها الى المسجد الحرام
كي لا يقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليبدل كل شيء فيه خير اتباعا للهوى وليس اتباعا للوحي

اما قضية التبني
فلم تكن لتنتهي في المجتمع بالتحريم فقط
بل كان لا بد من تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم من زينب بعد طلاقها من زيد ابن رسول الله بالتبني…..

ان العادات المتجذرة لا تنتهي بالأمر والنهي فقط…. بل لا بد من احداث الصدمات النفسية فيها كي تتبدد الحجب الكثيفة وتتكسر الجدر السميكة التي تحجب نور التغيير عن النفوس

_عندما نقدم الاضاحي لله في عيد الاضحى
فاننا نقدمها بفرح عظيم

لأن كل هذه المعاني تتجلى امامنا
لانها فداء لابنائنا
لانها تربط ابناءنا بأبيهم اليافع اسماعيل عليه السلام ويقينه وصبره وثقته واستسلامه وتسليمه
لانها بذل من شيء من اموالنا التي رزقنا الله اياها
لانها تعلم ابناءنا العطاء….. وتعلم ابناءنا الفداء لله ولرسوله بالنفس والمال
لاننا نساهم بها في اطعام جائع اوفقير قد لا يجد ثمن اللحم طوال عام كامل….. فيتحقق التراحم وتوصل الارحام… ويقوى البنيان المرصوص
لاننا نرضي الله بها……. ونطمع بثواب الله وجنته بتقديمها

لا تنسونا من الدعاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *