
طارق الحجيري
المتابع للإعلام اللبناني وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي سيظن للوهلة الأولى أن المواطن في بلد الأرز بلغ من الرفاهية وجاهزية الخدمات وتوفرها ما يدفعه للملل من جمالية ظروفه ورونق حياته وسعادتها ويدفع به للتفتيش عن وسائل ترفيه جديدة وخوض مجاهلها وسبر اغوارها .
نعم هذا ما سيظنه أي انسان يتابع اخبار لبنان من الخارج ، سيعتقد ان اللبناني يعيش حالة اكتفاء واسترخاء وهناء ،، فكهرباء صهر العهد الاسود كما وعد ٢٤ / ٢٤ والمياه تصله بيته بانتظام وتفيض عن حاجته ببركة ونعمة السدود العظيمة للصهر ذاته ،، الطبابة متوفرة لمحدودي الدخل قبل الميسورين والتعليم الزامي وشبه مجاني والصناعة والزراعة والسياحة بأفضل حال ، اما الأمن والأمان فحدث ولا حرج سيظن هذا المتابع ان عمليات الخطف والفدية انتهت الى غير رجعة ويستطيع اللبناني التجول بسيارته في كل مناطق بلده دون ان يسلبه احد بقوة السلاح ويرميه في منطقة مهجورة وكل الناس سواسية على الحواجز فلا بطاقات خاصة تبرر وتبيح وتحلل التجاوزات لكل الاصول والاعراف الأمنية بذريعة السلاح لحماية السلاح .
وسيظن المتابع نفسه ان اللبناني لم يبق له من هموم الحياة سوى الهم الجنسي يشغل باله ويؤرق عيشه لذلك اجتاحت اخبار المثليين خلال اليومين الماضيين كل بيت لبناني
وباتت تستعر كالنار في الهشيم .
مهلا ايها السادة والسيدات مهلا ، فاللبناني بات يفتش اولا عن حقه بالحياة قبل مناقشة ماهية هذه الحياة فصاحب العائلة همه الاول والاخير كيف يستطيع تامين قوت عائلته ويتضرع الى الله كي يبعد عنها المرض فذاك ابتلاء فوق طاقته سيرغمه على الاستجداء لهذا الزعيم او ذاك المتزعم من اجل مساعدته في فاتورة المستشفى ، والعازب الخريج الجامعي همه الاول كيفية ايجاد وظيفة تقيه الجوع والعوز قبل التفكير بالبيت والزواج والعائلة .
نعم اللبناني همه معيشيا وليس جنسيا طبيعيا كان ام شاذا ام مثليا ام غير ذلك ،، بل ان المتابع للطب النفسي وازدياد الطلب في الصيدليات على المنشطات الجنسية خير دليل على الحالة المزرية التي وصل اليها اللبناني نفسيا وعائليا وجنسيا وحياتيا .
وارتفاع حالات الطلاق بنسب مخيفة تدل على ازمة معيشية تثقل كاهل المجتمع باكمله وليس على ازمة جنسية .
ان مسارعة بعض النواب لاتخاذ مواقف شعبوية اعلامية هو اكبر دليل على حالة الافلاس والانحطاط السياسي التي وصلنا اليها في لبنان ،، فقد بات الهم الاكبر للكثير من سياسينا هو الصورة مع القتيل تضامنا بدل التشدد بالمطالبة للامساك بالمجرم القاتل وبدل السعي للعمل على تدارك الجريمة قبل وقوعها .
نعم ايها السادة نعم .. ازمة اللبناني معيشية وليست جنسية ،، ازمته كهرباء وماء واستشفاء وتعليم ورغيف وطرقات وجامعات وفرص عمل وبوادر امل ،،، وكل ذلك لا تحققه الا دولة قوية فعلية قادرة ،، وهذه الدولة لن تقوم لها قائمة في ظل احتلال السلاح .
