كما كان متوقعاً، حل مرشّح حزب “القوّات اللبنانية” فادي كرم أوّل في الكورة، التي استعادت وجهها السيادي، مثلما كانت في انتخابات 2005، 2009 و2012 الفرعية، لتبقى الأرقام وحدها الفيصل، في مواجهة ألدّ خصوم كرم، الذين اعترفوا بهذا الواقع، الذي انتقل من التقديرات التي سبق ورجّحت محافظ على رقمه أو يتراجع قليلاً، لكن هذا التراجع يبقيه في الصدارة.
إلا أنّ صناديق الاقتراع أفرزت واقعاً جديداً مغايراً تماماً لكل التوقعات، فأتى “التسونامي” قاسياً على القوى الحليفة لـ”حزب الله”، من الحزب “السوري القومي الإجتماعي” إلى تيار “المردة” إلى “التيار الوطني الحرّ” على رغم احتفاظ الأخير بمقعده.
لم يتوقّع أحد أن يحصد فادي كرم هذا الرقم، فحصل على 9226 صوتاً أي ما نسبته 34.3 بالمئة من إجمالي ناخبي القضاء، وهذا الرقم إستثنائي، في حين أن المرشح الثاني الذي حلّ بعده هو مرشح “المردة” فادي غصن ونال 3695 صوتاً (13 بالمئة)، أي إن كرم تفوّق على أقرب منافسيه بـ5531 صوتاً تفضيلياً.
من جهة ثانية، فإن المرشحَين الفائزين بلعبة الحواصل هما أديب عبد المسيح على لائحة “شمال المواجهة” ونال 1815 صوتاً، ومرشح “التيار” جورج عطالله وحصل على 2698 صوتاً (10 بالمئة)، وبالتالي فإن الفائزَين لم ينالا مجتمعَين نصف أصوات كرم.
وإذا نظرنا إلى المرشح “القومي” سليم سعادة الذي لم يحالفه الحظ هذه المرّة ونال 2836 صوتاً (10.5 بالمئة) يتبين أن ثلاثة مرشحين لقوى شغلت 3 مقاعد في الكورة الدورة الماضية، أي “القومي” و”المردة” و”التيار الوطني الحرّ”، قد نالوا مجتمعين رقم فادي كرم وحده. وفي مقارنة أخرى، فإن الأصوات التفضيلية التي نالها كرم هي 9226 صوتاً، في حين أن المستقلّين حصدوا 6600 صوت، ومرشحي “المردة” و”القومي” 6531 صوتاً، و”التيار” والمرشح “القومي” الآخر وليد العازار 4279 صوتاً.
ويظهر من مجمل هذه الأرقام أن هناك “تسونامي قواتياً” بقيادة فادي كرم مرّ في الكورة، ونتج عنه “تقزيم” جميع القوى السياسية المنافسة، وهنا فإن الأرقام هي التي تتكلّم وليس العواطف.
ومن جهة أخرى، فقد سقط الحزب “القومي السوري” في المنطقة التي كان يعتبرها عقر داره ومركز قوته، وظهر بمظهر “الهشّ” سواء مع جناح العازار أو سليم سعادة الذي لم تنفعه كل خطاباته في مجلس النواب، لأن الأساس كان عند الناخب “على ماذا تصوّت” في المجلس وليس “بماذا تنطق من كلام وشعارات” وقد ساهم الإنقسام الحزبي بين قيادة أسعد حردان الداعمة لسعادة وبين قيادة الروشة الداعمة للعازار في هذه الخسارة.
وسقط “المردة” أيضاً في امتحان الكورة، ولم يعد قادراً على القول إنه تيار عابر للمناطق، لأن المنطقة التي تمثّل معبراً لزغرتا لم يتمثّل فيها، في حين أن كل الكلام السابق من أن المجتمع المدني سيأكل من صحن كرم و”القوات” أثبت عدم صحته بدليل أن كرم تقدّم عن دورة 2018 بنحو 1400 صوت، حاصلاً على أكثر من ثلث أصوات القضاء.
عادت الكورة إلى الحضن السيادي، وقال القضاء ذو الصبغة الأرثوذكسية كلمته في صناديق الإقتراع لاغياً كل الصورة التي حاول البعض رسمها عن أن الأرثوذكس بأغلبيتهم مع أحزاب لا تؤمن بنهائية لبنان مثل “القومي” و”البعث” إضافةً إلى شخصيات ممانعة.