Mr. Jackson
@mrjackson

طرابلس اختارت نائباً قواتياً: أغلبيةٌ سيادية قوية والأولوية للتنمية

“إنقاذ وطن”: استقلالية وتحالف سيادي والفيحاء حفظت أمانة الثورة

مبادرة الشيخ بارودي: تكامل دور العلماء مع الساسة

زيارة ناجي للمفتي إمام لفكّ العزلة بعد حملة الأحباش الشنيعة على دار الفتوى

كتب أحمد الأيوبي

أنهت الانتخابات النيابية الجدل في طرابلس حول هويتها وتوجهات أهلها السياسية والاجتماعية، وفرضت واقعاً جديداً جديداً سيترك آثاره على مدى السنوات الأربع المقبلة بعد قرار الشعب الانتصار للاتجاه السيادي وإسقاط أحد أبرز رموز الممانعة، النائب فيصل كرامي، وأوصلت مرشح القوات اللبنانية الياس الخوري إلى سدّة التمثيل النيابي بما يفوق الثلاثة آلاف صوت، لتسقط حملات التخوين والتشكيك وأنّ طرابلس لا تحتمل نائباً قواتياً، ليؤكد الطرابلسين إرادتهم بالتعاون مع شريكٍ سيادي فاعل ذو تجربة ناصعة في الحكم وناجحة في التنمية.

طرابلس اختارت نائباً قواتياً

تدخل طرابلس مرحلة جديدة، طوت معها كلّ دعوات التحريض الطائفي التي استحضرها محور الممانعة وردّدتها بعض الأبواق، وكان من المؤسف أن ينضمّ إليها بعض المشايخ الذين تحوّلوا إلى واجهة تصدح بدعايات “حزب الله” وتتجاهل حقيقة انخراط أكثر الأحزاب في الحرب ووقوع كلّ من شارك فيها بدائرة الارتكابات، بدون استثناء، وبالتالي يصبح توجيه الاتهام نحو جهة واحدة وتجاهل البقية انحيازاً غير موقف، وممارسة هدّامة في السياق الوطني، وتخريباً لجهود البناء وتحصين الكيان.

ما يجب لفت الانتباه إليه هنا، هو أنّ جرائم الحرب انتهت بانتهائها، لكنّ محور الممانعة مستمر في ارتكاب جرائم الاغتيال والتفجير ولم يتوقف عنها، وما تفجيرا مسجدي السلام والتقوى عنّا ببعيد، لكنّ الضمائر المشتراة من هذا المحور ترفض أن ترى هذه الحقيقة.

إكتشف الجميع أنّ طرابلس تحتمل بالفعل نائباً قواتياً، لا بل تحتاج هذا النائب ليضيف وزن حزبه السياسي وخبراته التنموية وقدراته وعلاقاته العربية والدولية ونموذجه في التنمية المحلية، فضلاً عن تفعيل العلاقات الإسلامية المسيحية واستعادة طرابلس لدفء علاقتها بمحيطها وتفعيل هذا الترابط التاريخي.

أثبتت هذه الانتخابات أنّ دعاية رفض القوات في طرابلس ارتدّت على أصحابها، فسقط النائب فيصل كرامي ليصبح نائباً سابقاً، ونجح ابن طرابلس المرشح الياس الخوري ليصبح نائباً قواتياً عن المدينة.

“إنقاذ وطن”: استقلالية وتحالف سيادي

لا بدّ هنا من الوقوف عند اجتماع كتلة “إنقاذ وطن” برئاسة النائب ريفي وعضوية الياس الخوري وجميل عبود، وزيارة ريفي والخوري إلى معراب حيث التقيا رئيس حزب القوات اللبنانية، وليصدر التأكيد على استقلالية ريفي وتحالفه المتين مع القوات، في خطوتين تؤكّدان على دحض دعاية محور الممانعة التي ادعت أنّ القوات تريد السيطرة على طرابلس ونوابها.

فنج: أمانة الثورة

حافظت طرابلس على أمانة ثورتها، وهي التي كانت عروس الثورة، فأوصلت الدكتور رامي فنج إلى البرلمان ليكون عنصر بناءٍ وثبات للاتجاه السيادي، وهو الذي عايش كلّ مراحل المدينة بأزماتها واختناقاتها المتتالية، ومن الواضح أنّه رغم عدم اجتماعه بالوزير ريفي في كتلة واحدة، غير أنّ الثوابت الوطنية تجمعهما وسيكون لها الأثر الأكبر في توحيد الموقف السيادي والأولويات التنموية.

مبادرة الشيخ بارودي: تكامل دور العلماء مع الساسة

في خطوة تحمل كلّ دلالات المسؤولية لدور العلماء في المفاصل الدقيقة على المستوى  الوطني، توجّه الشيخ بلال بارودي بالدعوة إلى نواب طرابلس المنخبين لأداء صلاة الجمعة في مسجد السلام، وهي مبادرة طيبة أسهمت في  تظهير صورة موحدة لنواب المدينة السنة الذين التقوا في رحاب مسجد استهدفته أيادي النظام السوري والممانعة الآثمة، في تذكير باستمرارية عدوان هذا المحور على آخر المدن السنية الصامدة وأكثرها إفقاراً على ساحل البحر المتوسط.

أدّى نواب طرابلس المنتخبون أشرف ريفي ورامي فنج وإيهاب مطر وكريم كبارة صلاة الجمعة في مسجد السلام وأطلقوا مواقف تؤكد تعاونهم لتحقيق مصالح طرابلس والتنسيق فيما بينهم لإنجاز مشاريع المدينة، وهذه المبادرة أكّدت على تعاون الساسة مع العلماء، وعلى مكانة العلماء المتقدمة عندما يقومون بواجباتهم في تنوير وتوعية الرأي العام، وفي نصح المسؤولين ووضعهم أمام مسؤولياتهم الثقيلة التي تنتظرهم.

طه ناجي: محاولةٌ لفكّ العزلة

أما زيارة النائب المنتخب طه ناجي إلى مفتي طرابلس سماحة الشيخ محمد إمام، فهي تشير إلى حجم المأزق الذي يشعر به الأحباش بعد حملتهم السفيهة على دار الفتوى التي كالوا فيها الشتائم لعلمائها، وهدّدوا باستهدافهم والاعتداء عليهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، لأنّها حثّت على المشاركة في الانتخابات ودعت إلى كسر المقاطعة، التي راهن عليها كلّ محور الممانعة لاكتساح المقاعد السنية بعد تفريغها من المنافسة عليها.

جيّد أن يزور النائب ناجي دار الفتوى، وأن يلتقي سماحة الشيخ محمد إمام، في خطوة توحي بتراجع الأحباش عن استهداف دار الفتوى، وهي زيارة كانت ضرورية له في السياسة لتغطية العزلة التي كشفتها الوقائع، وليطرح مسألة التعاون حول قضايا المدينة كمدخل لقبوله بين الرأي العام وبين النواب ذوي التوجهات السيادية.

لكنّ هذا العنوان لا يكفي لتطبيع علاقات المجتمع الطرابلسي مع نائب الأحباش، رغم أنّ ناجي هو الأقلّ حدّة بين قيادات “المشاريع”، فأساس الأمر أنّ محور الممانعة الذي ينتمي إليه، لا يمكن أن يسمح بأيّ مشروع حيوي لصالح طرابلس، والدلائل أكثر من أن تُذكر، لهذا سيكون التعاون مع النائب ناجي شكلياً يستفيد منه لتقوية موقعه في المدينة ولاكتساب الشرعية المعنوية التي يفتقر إليها، لأنّه في واقع الحال نائب الأحباش وليس نائب طرابلس، رغم أنّ الدستور يجعله نائب الأمة.

طرابلس بعد الانتخابات سيادية وقوية، وتمتلك إرادة التغيير والثورة وقدرة كسر حواجز الحصار وتعطيل المرافق العامة، وهذا هو المسار المنتظر في قادمات الأيام سياسياً واجتماعياً وتنموياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *