طارق الحجيري

الهدوء على حدود لبنان الشرقية، لجهة مدينة الهرمل وبلدة القصر، يبقى هشاً، لن يدوم طويلاً، لأنه قائماً على اتصالات التهدئة الآنية، على طريقة “تبويس اللحى العشائرية” دون حلول جدية، سرعان ما سيشتعل عند أصغر حادثة، فالقلوب “ملياني” والإصبع على الزناد من الطرفين.
يوم أمس، بدون مقدمات اندلعت اشتباكات عنيفة جداً، عند بلدة القصر، استخدمت فيها الأسلحة الصاروخية المتوسطة، وسط أنباء متضاربة، فالعشائر يتهمون عناصراً من القوات السورية بالتسلل الى الأراضي اللبنانية ما دفعهم للتصدي لها، فيما الجهة السورية تؤّكد أن عناصرها وقعوا في كمين داخل الأراضي السورية، نصبه أبناء العشائر وعناصر حزبية “في إشارة لحزب الله” ما أدّى لمقتل ثلاثة تمَّ سحبهم إلى داخل الأراضي اللبنانية، وقد انتشرت على مواقع التواصل صور ومشاهد التنكيل بأحد الجرحى الذي فارق الحياة في المستشفى لاحقاً.
تدخل الجيش اللبناني سريعاً، عمل على تكثيف انتشاره، وقام بتسليم القتلى للجهات السورية.
الحزب ينفي علاقته
من جهته قال حزب الله في بيانٍ صادر عن العلاقات الإعلامية ” ننفي بشكل قاطع ما يتم تداوله بشأن وجود أي علاقة لحزب الله بالأحداث التي جرت اليوم (أمس الأحد) على الحدود اللبنانية السورية، كما تُجدّد التأكيد على ما سبق وأعلنت عنه مرارًا، بأن لا علاقة لحزب الله بأي أحداث تجري داخل الأراضي السورية”.
شد عصب طائفي
رئيس حركة قرار بعلبك – الهرمل الأستاذ علي صبري حمادة، وصف بيان الحزب بأنه للتسلية، متسائلاً عن سبب امتلاك أبناء العشائر لصواريخ الكورنيت، ومن أين لهم براعة استخدامها بدقّة عالية، حمادة استنكر استخدام حياة الناس وأرواحها لشد العصب الطائفي وتخويفهم على مسافة أسابيع من الانتخابات البلدية، وطالب الجيش اللبناني بالضرب بيد من حديد على الحدود، كي لا يبقى أبناء قضاء الهرمل رهينة “شُلَلْ الكبتيغون” المغطّاة حزبياً، أرواح الناس وأرزاقها ليست لعبة للمتضررين من ضبط الحدود.
لا نيّة بخوض معارك
منذ ليلة أمس شهدت منطقة ريف القصير حشد أرتال عسكرية سورية ضخمة، ما يُنذر بالأسوأ ربما، مصادر أمنية في ريف القصير، نفت أيِّ نية بخوض معارك على الحدود مع لبنان، خاصة تلك التي تأخذ طابعًا مذهبياً، ووضعت استقدام التعزيزات الكبيرة في إطار تأمين الحدود نهائيا ومنع أي اعتداء من عصابات التهريب، وأكدّت المصادر أن الرئيس أحمد الشرع كان واضحاً خلال لقائه رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف لجهة احترام استقلال لبنان وسيادته، وطالبت الجيش اللبناني والقوات الأمنية الرسمية بالتعامل مع عصابات المخدرات والإجرام بحزم حسب قولها.
الجمر تحت الرماد
المتتبع للأحداث عند الحدود الشرقية يعي بأن الأمور ليست وليدة لحظتها، بل هي تراكمات ناتجة عن دخول حزب الله إلى سوريا، ومؤازرة النظام المجرم في ذبح الشعب السوري، فالجمر يستعر تحت الرماد، وقد يشتعل لأتفه الأسباب، فلا الحزب اقتنع بسقوط نظام الأسد وقطع طرق أمداده العسكرية والمالية، ولا الجانب السوري تجاوز مرارة السنوات الماضية، لذلك الدولة وحدها الحل بحسب الأستاذ علي صبري حمادة، الدولة قادرة على وضع الأمور في نصابها، بدءً من ترسيم الحدود وضبطها، إلى إيجاد حلول للقرى اللبنانية في سوريا، إلى العلاقات الأخوية المميّزة، سوريا ليست عدوتنا، هي بوابتنا وعمقنا الطبيعي إلى العالم العربي، ويستحيل العيش بعداوة مع الشعب السوري الشقيق، يختم حمادة.
