طارق الحجيري
السقوط المدوي لبشار الأسد، الرئيس السوري السابق، الهارب إلى موسكو لم يكن فقط انتصارًا لحرية الشعب السوري، واطاحةً بنظام الظلم والقمع الأسدي الجاثم فوق صدره طيلة ٥٤ عامًا، بل شَكَّل أيضًا الحدث الأهم، وهو عودة سوريا إلى هويتها العربيَّة وتاريخها العربي وجغرافيتها في قلب العالم العربي.
سقط القناع والثوب الإيرانِيَين عن جسم سوريا، ضاعت كل استثمارات الملالي وعبثهم بالديمغرافيا السورية، باءت محاولاتهم لخلق كانتونات مذهبيَّة تابعة بالفشل الذريع، ذهبت كلّ أحلامهم أدراج الرياح، الحقيقة الساطعة أنَّ إيران خرجت من حاضر سوريا مطرودة ولن تعود إليه مستقبلًا بأيِّ حال.
لم تكن مسارعة المتأيريين من اللبنانيين والعرب، بدعوة قائد الثورة السورية أحمد الشرع إلى تحرير الجولان فورًا، سوى مزحة سمجة، لا تستوجب الضحك إلَّا على مطلقيها، هؤلاء الذين قدّسوا وهلَلَّوا ورقصوا بشعار المخلوع ووالده قبله “سنرد في الزمان والمكان المناسبين”، طبعًا ما وجداهما طيلة خمسة عقود ونيف.
اللافت أكثر، ما صدر عن الأمين العام لحزب ايران في لبنان نعيم قاسم، حيث “أبدى احترامه لما سيقرره الشعب السوري!!! بشأن شكل الحكم وآلياته”، قاسم بعدما تناسى كل ما قام به حزبه من جرائم ومجازر وسرقات وهتك أعراض طيلة ثلاثة عشر عامًا في كل سوريا، خرج علينا مؤخرًا، بصورة الناسك الزاهد، متفهمًا ثورة الشعب السوري لكنَّه لم يقدم اعتذارًا عن مشاركته في ذبح السوريين، ولم يقدم تبريرًا لعوائل قتلاه الذين سقطوا في سوريا، لماذا هَدْرِ دمهم وأرواحهم إذا كانوا مؤمنين بحرية الشعب السوري وحقه بتقرير مصيره.
طبعا العيون شاخصة باتجاه أحمد الشرع، قائد سوريا الجديدة، الذي أثبت سريعًا انتماؤه وولاؤه لأرضه وبلده وأهله وناسه، مَنَع مظاهر الإنتقام، أبدى حرصًا كبيرًا على وحدة سوريا بكامل مكوناتها، أظهر الشرع حنكة ودراية في شؤون إدارة بلده، اليوم كل العالم يدرك أهميَّة حصوله على فرصته الفعلية للحكم له وعليه لناحية الأفعال لا الأقوال، مع أنَّ التباشير حتَّى الآن مطمئنة داخليًا وخارجيًا.
سوريا التي فككها نظام الإجرام الأسدي بحاجة اليوم لكل أخوتها العرب وأصدقائها في العالم، من أجل شد أزرها وضمان وحدتها، ورفدها بالمساعدة للوقوف مجددًا واطلاق مسيرة الإعمار والتطوير وبناء الدولة السورية والمواطن السوري.