Mr. Jackson
@mrjackson

عندما يعجز الحزب عن حماية نفسه.. كيف يحمي اللبنانيين؟

أحمد الأيوبي

بعيداً عن كلّ تداعيات الكارثة الإنسانية والأمنية التي أحاقت بـ”حزب الله” في “مجزرتي الثلاثاء والأربعاء” كما أسماها الأمين العام العام للحزب حسن نصرالله، فإنّ أسئلة جوهرية باتت تفرض نفسها على البيئة الشيعية وعلى اللبنانيين عموماً وأهمّها أنّ الحزب “صدّع رؤوس” الجميع بأنّه يحمي لبنان في إطار ما أسماه “توازن الرعب” الشهير والذي تبيّن أنّه توازن أوهى من بيت العنكبوت، لا بل إنّ العدوّ الإسرائيلي استطاع اقتحام بيوت قيادات “حزب الله” وعناصره وأوقع فيهم مقتلة “تاريخية” لا سابق لها على مستوى الصراع مع الكيان الصهيوني بل على مستوى حروب العالم وصراعاته العسكرية والأمنية..بعبارة أخرى، أصبح “حزب الله” (مسخرة) على المستوى الأمني، وموضع شفقة على المستوى الإنساني، فليس هناك إنسان لديه ضمير يمكن أن يتقبّل تحوّل آلاف الشباب إلى فاقدي بصر ومبتوري أطراف بهذا الشكل المروّع الذي شاهده العالم بأسره، فسقطت معه الهيبة والهالة والمقام.

لطالما تغنّى السيد نصرالله بالبصيرة.. لكن مع الأسف يبدو أنّ الحزب اليوم فقد البصر والبصيرة معاً، وهو الآن يفتقد إلى الحكمة في مواجهة الكارثة التي ألمّت به، فهو عالق في دائرة مفرغة لا يستطيع الخروج منها، كمن صعد أعلى الشجرة ولم يعد يستطيع النزول عنها، لعناده ورفضه كلّ نداءات المساعدة التي جاءته من أهله في الوطن.

مسألة أخرى يجب التوقف عندها وهي هذا الفساد المستشري في جسم الحزب حتى بلغ الدماغ والقلب معاً، وإلاّ كيف يمكن فهم شراء صفقة أجهزة نداء بالتلاعب بأسعارها لصالح وسيط وسمسار يتحركان في قلب موقع القرار اللصيق بالأمانة العامة..؟ هذا مع العلم أنّ الفساد صنوان العمالة.أمّا السؤال الذي يكشف عن جانب خطر في سلوكيات قيادة الحزب، حيث اعترف الأمين العام أنّ القيادات الكبيرة في الحزب لم تكن تستخدم أجهزة “البيجر” بينما جرى توزيعها على القيادات الأدنى فالأدنى، أفلا يمكن اعتبار هذا التمييز شكلاً من أشكال التفضيل الأمني لفئة على أخرى، وتضحية بمن هم أدنى رتبة ومكانة؟

أسئلة كثيرة ينبغي على قيادة “حزب الله” التوقف عندها، خاصة مع انتشار الفوضى في صفوف عناصره لجهة كيفية التعامل مع الأجهزة التي بين أيديهم والتي عدموا إلى رميها في الطرقات وفي مكبات النفايات فأصبحت تشكل خطراً على الناس في أماكن رميها، بدل تجميعها وتفجيرها، فلجأ الناس إلى الجيش اللبناني الذي قام بواجبه في درء الخطر عن المواطنين، وهذا هو المشهد الأكثر تعبيراً عن البصيرة النافذة والصائبة.

لا يمكن قمع اللبنانيين المعارضين للحزب عند اعتراضهم لأنّهم شركاء في تحمّل الكوارث التي يأتي بها الحزب للبلد كلّه، فالجميع متضررون، إمّا بشكل مباشر أو غير مباشر، وعلى “حزب الله” أن يأخذ العبرة من زيارة إسماعيل قاآني إلى العراق مؤخراً وإعطائه الأوامر للفصائل التابعة لحرسه الثوري بوقف استهداف القوات الأميركية، وقبل ذلك دعوة المرشد خامنئي إلى التراجع التكتيكي السياسي والعسكري وأخيراً لا آخراً إعلان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إسقاط مقولة “أميركا الشيطان الأكبر” واستبدالها بشعار آخر هو “الأميركيون إخوتنا”!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *