Mr. Jackson
@mrjackson

بعد عامين من الغضب: أين يتجه النظام الإيراني؟

في 15 سبتمبر 2022، اندلعت شرارة في إيران أشعلت بسرعة نيرانًا اجتاحت البلاد بأكملها. مقتل مهسا (جينا) أميني على يد شرطة الأخلاق التابعة للنظام أثار موجة غضب عارمة في أرجاء البلاد، مما أدى إلى انتفاضة كبيرة هزت أسس النظام الديكتاتوري الحاكم.

هذه الانتفاضة التي بدأت كرد فعل على مقتل فتاة شابة، أظهرت مدى عمق السخط الاجتماعي المتراكم من عقود من الظلم والقمع. كانت هذه الانتفاضة استمرارًا لثورات سابقة، مثل احتجاجات ديسمبر 2017 ونوفمبر 2019، التي ظهرت بشكل أقوى وأكثر تنظيمًا في كل مرة.

أعلنت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أن الانتفاضة التي انتشرت في أكثر من 280 مدينة، شهدت سقوط أكثر من 750 شهيدًا واعتقال 30 ألف شخص. ومع مرور عامين على تلك الانتفاضة الكبيرة، يجب علينا أن نطرح بعض الأسئلة الهامة: ما هي الحقائق التي كشفتها هذه الانتفاضة؟ كيف غيّرت المشهد السياسي والاجتماعي في إيران؟ وما الذي أضاء طريق الشعب الإيراني نحو هدفه النهائي في إسقاط النظام؟

كشف ضعف وتآكل النظام

في البداية، أظهرت هذه الانتفاضة أن النظام الذي يحاول أن يصور نفسه كقوة إقليمية، هو في الواقع نظام منهار من الداخل ولا يتمتع بأي قاعدة شعبية حقيقية. الادعاءات بأن إيران مستقرة وأن زمن الثورات قد ولّى كانت كاذبة تمامًا، كما أن الدعاية التي كان يروج لها النظام وأتباعه في الداخل والخارج كانت مجرد أوهام.

الشعارات التي هتف بها الشعب في الشوارع، مثل “الموت للظالم، سواء كان الشاه أو خامنئي”، وضعت حدًا فاصلاً بين دكتاتورية الشاه وحكم الولي الفقيه، وأكدت أن الشعب الإيراني لن يعود إلى الوراء ولا يقبل أي نوع من الاستبداد، سواء كان ملكيًا أو دينيًا.

استراتيجية المقاومة: الحل النهائي

الانتفاضة أثبتت أيضًا صحة استراتيجية المقاومة الإيرانية التي تؤكد على أهمية التنظيم الشعبي داخل البلاد كوسيلة لإسقاط النظام. على عكس بعض الأفكار التي تراهن على الإصلاحات الداخلية أو التحولات السلمية، هذه الانتفاضة أظهرت أن الحل الوحيد هو المقاومة الشاملة والإطاحة الكاملة بالنظام.

الحضور الكبير للنساء في هذه الانتفاضة كان رمزًا لتحول عميق في المجتمع الإيراني. النساء لم يكن فقط في مقدمة التظاهرات، بل كنّ أيضًا رمزًا للنضال من أجل المساواة والحرية، وشعار “المرأة، الحياة، الحرية” أصبح شعارًا للثورة الإيرانية.

الوضع بعد عامين: مستقبل مشرق ونضال مستمر

بعد عامين من الانتفاضة، ما زالت إيران تعيش أزمة حادة. الضغوط الاقتصادية والتضخم المتزايد والقمع المستمر تُظهر أن الأسباب التي أدت إلى انتفاضة 2022 لم تُحل، بل ازدادت تفاقمًا. الاحتجاجات من قبل العمال والمتقاعدين والطلاب ما زالت مستمرة، والشعارات التي يرفعها هؤلاء المحتجون تتجاوز المطالب الاقتصادية لتصل إلى الدعوة لتغيير النظام السياسي بأكمله.

النظام الإيراني يحاول منع اندلاع انتفاضات جديدة من خلال زيادة عمليات الإعدام وتصعيد القمع، لكن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة تشير إلى أن انتفاضة جديدة قد تكون قريبة، وربما أقوى من ذي قبل.

المقاومة المنظمة ووحدات الانتفاضة في الداخل تطورت بشكل كبير خلال العامين الماضيين، حيث نفذت عمليات موجهة ضد مراكز القمع، وساهمت في إشعال فتيل الانتفاضات وتوسيع نطاقها.

الخاتمة: بشائر الثورة الديمقراطية

بالنظر إلى الأوضاع الحالية للنظام وأزمة الشرعية التي يواجهها، فإن سقوطه بات قريبًا. المقاومة الإيرانية في مؤتمراتها الصحفية أشارت مرارًا إلى الأساليب المختلفة التي يعتمدها النظام لدعم وكلائه مثل الحوثيين، لا سيما عن طريق البحر باستخدام السفن والقوارب. هذه الممارسات تظهر أن النظام ليس فقط في مواجهة مع شعبه في الداخل، بل أيضًا يساهم في زعزعة استقرار المنطقة.

وفي الختام، يمكننا القول أن انتفاضة 2022 لم تكن النهاية بل كانت بداية لثورة ديمقراطية حقيقية، ثورة ستنتهي بإسقاط النظام وإقامة جمهورية ديمقراطية تمثل طموحات الشعب الإيراني في الحرية والعدالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *