
طارق الحجيري
منذ عمليّة حركة حماس “طوفان الأقصى” قبل أحد عشر شهرًا، وما خَلَّفته من ضحايا ودمار ومُهَجَّرين في غزة وجنوب لبنان، ومع إطلاق الحزب المُسَلََّح “حرب إسناده” ساد الشارع السنّي حالة من الضياع والإرباك على المستوى السياسي، حاول البعض نقل حالة الإرباك الى المستوى الديني أيضا.
شَكَّل “طوفان الأقصى” إكسير الحياة بالنسبة ل “سُنّة إيران” جماعات وأفراد، بعدما خبى وهجهم لعقد ونَيِّف، إثر جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصحبه الشهداء، الجريمة التي ارتكبها محور الممانعة وفق ما خَلُصَت اليه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
منذ السابع من تشرين الأول الماضي بعد حفلات “البقلاوة” بدأ ساسة كثر من الطائفية السنيّة يتسابقون في مدح الحزب المسلح، ومَدِّه بالدعم السياسي المعنوي، والجهادي عبر “قوات الفجر” الجناح العسكري للجماعة الإسلاميّة، تحت شعار الدفاع عن المقدسّات الدينيّة المسجد الأقصى والقدس.
لكن الغريب الملفت بل النافر جدًا هو مسارعة بعض المعمَّمين السنّة إلى تبريك خطوات الحزب وإسباغ القدسيّة عليها، رغم كلّ ما فعله بزعمائهم وقادتهم واجتياح عاصمتهم، وإعلانه ٧ أيَّار يومًا مجيدًا، علما أن بعض هؤلاء المعممين غير مُسجَّل في دار الفتوى شأن المعمَّم ‘أحمد القطّان” الذي شَنَّ هجوما سافرًا سافلًا على سماحة مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور عبد اللَّطيف دريان.
بعد كل الكلام والإسفاف والتملق والتزلف “الذي لا يستحق الذكر أساسًا”، جاء موقف “رئيس المركز الاسلامي للدراسات والاعلام” القاضي الشيخ خلدون عريمط حازمًا حاسمًا أعاد توجيه البوصلة ووضع الأمور في نصابها وسياقها الطبيعي، بما يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين والدولة اللبنانيّة.
ففي إطلالة إعلامية قبل أيام أعاد القاضي عريمط التذكير” السنّة هم أهل الدولة والمؤسّسات، ودار الفتوى هي مرجعية وطنيّة تتقدّم الصفوف دائمًا، تحتضن كل السنّة عندما تنكفئ القيادات السياسيّ ة، فسماحة مفتي الجمهورية بمنزلة “حافظ الأمانة”، يعمل بحكمة وهدوء على تظهير الموقف الوطني، يحرص على الشراكة الكاملة، ويؤكّد دائما أنّ مفهوم الدولة وسيادتها لا يتجزّأ.
ولعلَّ أكثر ما أثار سخط وحفيظة الممانعين و”حلفائهم الجُدُد” هو أن القاضي عريمط ساوى ” بين الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على الأراضي اللبنانية، وبين انتهاك إيران لسيادة لبنان عبر حرسها الثوري وميليشياته وقنواته الإعلامية التي تمارس التخريب ضدّ الدول العربية من بيروت”.
في النهاية لن يَصُحَّ إلا الصحيح، القاضي عريمط أكَّد المؤكد وما يعرفه الجميع، فسنة لبنان ليسوا فقط أهل الدولة والمؤسسات الشرعية سياسيًا وعسكريًا، بل هم بُنَاتها وروادها وحُماتها، لم ولن يتركوا هويتهم اللبنانيّة ولا انتمائهم العربي، ستبقى فلسطين كما كانت على الدوام قضيتهم المركزيّة، إلى جانب تنمية بلدهم وازدهاره وحفظ أمنه وسلامته من أخطار كل الأعداء المُقَنَّعين منهم والمعروفين.
