بقلم علي الشاهين:
على المستوى الشخصي لدي قناعة راسخة بعدم الانطلاق من الجانب الطائفي أو من الزاوية المذهبية في المقاربات أو الكتابة أو التحليل .
انما في هذه العجالة، وبعد أن اشعل مجيء بهاء الحريري نارا ضروسا في هشيم “السوسيسيل ميديا” حيث ما شاء الله سارع جهابذة المحللين والمعلقين” إلى تناول دور وموقع وتاريخ المسلمين السنة (“الطائفة السنية”) في هذا البلد..
وهنا، نورد نقاطا محورية وأساسية حول السنة وهي من المكونات التي لها دور مؤسسي ووطني كبير على مدى عقود مضت، انما للاسف اضمحل فعالية وتأثير وحيوية هذا المكون، وذلك لاسباب عديد لا مجال تناولها الان.
اما أبرز النقاط والسمات الرئيسية التي تتسم بها نخب وقادة ومسؤولي السنة في هذا البلد وباختصار شديد هي التالية:
1- بعد ميثاق 1943 وحتى اتفاق الدوحة مرورا بالطائف ومختلف المحطات يلحظ المراقب امرين عند السنة وهما:
أ_ كانوا حريصين جدا على مفهوم الدولة والمؤسسة والدستور…
ب_ لم يصنعوا رؤية سياسية _ استراتيجية ينطلقون ضمنا منها في عملهم السياسي تجاه نفسهم وبيئتهم وشركائهم في الوطن (مع الاشارة طبعا إلى الثوابت السياسية والوطنية لدار الفتوى 1984).
2_ للاسف، معظم السنة الذين احتلوا مناصب سياسية وإدارية (من الصف الأول ونزول) وفي كافة المجالات لم يمتلكوا قدرات ولغة العصر وأبعاد الواقعية السياسية في تعاملهم مع الملفات الداخلية والإقليمية (مع استثناءات قليلة جدا) .
3_ معظم القادة منهم كان سقف عملهم السياسي والخدماتي والتنظيمي ، مناطقي بحت أو انتخابي أو حسابات مصلحية ضيقة .
4_ شباب وشابات (الجامعيين) لم يقتربوا إلى دراسة العلوم السياسية وإلى حد ما إلى الإعلام..
5_ ربطا برقم 4 يلحظ المراقب أن هناك شبه “تصحر” في مجال دراسة العلوم السياسية لدى السنة وهذا ما ينعكس كثيرا عل صناعة وعي سياسي لدى شباب هذه البيئة .
6_ شبه الأبتعاد الكلي لدى المؤسسات السنية والقادة عن الوعي المعلوماتي ، و بالتالي عدم امتلاك مراكز دراسات ومعلومات وهذا ينعكس سلبا في عملية اتخاذ القرارات ورسم السياسات أو حتى في فهم الوقع السياسي المحلي و الإقليمي والدولي، بينما الآخرون انشاوا مراكز دراسات نوعية و ناجحة .
7_ وهنا الطامة الكبرى يرى البعض ، وكأنه هناك قرار خفي عند جهات خفية بمنع الأتاحة لوصول قائد ناجح على الساحة السنية ، وهذا الأمر بالذات متشابك ومعقد الأبعاد و الأهداف و الجهات..
8 _ العامل النفسي والأدبي والذهنية والعقلية عند الفرد السني يشير _ على مختلف المستويات عاديين وقادة _ إلى أنهم هم ام الصبي حيث طبق و مورس هذا المفهوم بطريقة خاطئة وبعيدا عن لغة العصر وما يستلزمه الواقع الميداني..
9_ تأسيساً على ما جاء أعلاه ورغم ما عمل وانطلق منه دولة الرئيس الشهيد المرحوم رفيق الحريري طوال عقدين، والتي أطلق الإعلام على مرحلته بالسنية السياسية يلحظ ويرى الكثير أن بعد استشهاده قد دخل المسلمين السنة مرحلة الاستضعاف والتهميش، والخوف والتوجس والتوقع حاليا، إنه حاليا دخل لبنان والمنطقة في مرحلة انتقالية حساسة وتاريخية تحركها تسويات إقليمية ودولية ليس العرب لهم فيها فعالية (مصر والسعودية) بل هي لدول الجوار وعواصم القرار وهذا ما ينعكس بالتأكيد على موقع السنة في النظام السياسي القادم في لبنان، وقد نشرت الكثير من المعطيات والمعلومات والآراء حول هذه النقطة تحديدا، بل بعض المتابعين يتوقع “الإقصاء السياسي” للسنة في المرحلة القادمة، أو ما يشبه الإقصاء وهو التحجيم والتجويف، وذلك يتحدد حسب عوامل عديدة وأبرزها صلابة وحكمة وجدية وجرأة المعنيين في الساحة السنية، وهذه العملية تتطلب “ركب” ورؤية وإخلاص لدى هؤلاء المعنيين .
إذن، وختاماً وبكل موضوعية ومسؤولية نشير الى انه هناك شبه تعطش وتوجه واستعداد نفسي لدى معظم الناس على الساحة السنية أنه لا بد من خبراء وغيورين ولديهم الكفاءة والتفكير الاستراتجي والعلمي والرؤيوية يقوموا بإعداد ورشة عمل تعتمد العصف الذهني لتحديد البوصلة لكل من يعمل في العمل السياسة والشأن العام وصناعة الرأي العام على الساحة السنية وبحيث ان تكون هذه البوصلة مكونة من ذرات الفكر النير وصفاء الذهن والنية وذلك في سبيل المصلحة العليا للسنة والتي بالتأكيد تصب في مجرى المصلحة العليا للوطن ، كيانا وهوية ودورا وموقعا .
ونختم بسؤال عقلاني وبريء، هل بهاء الحريري قادم إلى لبنان من رحم هذه المخاوف و التطلعات أو من منطلقات خاصة بحتة. ؟