
طارق الحجيري
تصدّر المشهد السياسي اللبناني خلال الأسبوع الحالي موضوعَي اللاجئين السوريين، وظهور السلاح الكثيف وإطلاق النار الغزير في جنازة شهيدي الجماعة الإسلامية في بلدة ببنين الشمالية.
موضوع اللجوء السوري في لبنان هو حمل ثقيل يستحيل أن يتحمله بلد بحجم لبنان، بكل ارتداداته وتأثيراته في كل المجالات صحيا خدماتيا انمائيا وعلى البُنية التحتية، لكن في الوقت ذاته حله أكبر بكثير من قُدرات لبنان بمؤسساته الفارغة دستوريا المترهلة إداريا، الحل يبدأ من الأمم المتحدة وعواصم القرار إضافة لجامعة الدول العربية والنظام السوري القائم، خصوصا أن هذا النظام يستعمل اللجوء كورقة مساومة للمتاجرة وجني الأرباح، وليست قضية وطنية تخصه.
منذ اغتيال مسؤول جبيل في حزب القوات اللبنانية الشهيد باسكال سليمان، استعر خطاب عالي النبرة معادي للاجئ السوري، خاصة الخطاب المسيحي الحزبي والشعبي، ما شَكّل خدمة كبرى لحزب إيران، فقد سارع إعلام الحزب والممانعة إلى تصوير المشهد على أنه خلاف مسيحي سني، بينما الحقيقة أنه موضوع وطني عام.
تشييع شهيدي الجماعة الإسلامية وما رافقه من مشاهد مسلحة نافرة جاء بمثابة الهدية المزدوجة بالنسبة للحزب، فهذا السلاح يُقوّض الخطاب السُني العام لجهة المطالبة بالدولة القوية وحصرية السلاح بيدها دون سواها، ثم يعطي الحزب أيضا ذريعة وهمية بأن كل الأحزاب اللبنانية مُسلّحة وليس هو فقط بالتالي تَمّسكه بسلاحه أمر عادي.
حسناً فعلت الجماعة الإسلامية ببيانها الذي نفت فيه انتساب المسلحين اليها وطلبها للمراجع العسكرية بتولي الموضوع ومحاسبة المخالفين، لكن ذلك لا يكفي وحده لأن جملة من الأسئلة تحتاج للإجابة عنها، ما هي جدوى وفائدة مشاركة الجماعة الاسلامية في حرب “المشاغلة” التي يشنها حزب ايران جنوبا؟؟ ما هو التأثير الفعلي الذي أحدثته “قوات الفجر” في الحرب الدائرة منذ سبعة أشهر؟؟ ما الهدف من تسليف الحزب صك براءة سُني بعد كل ما فعله بهم منذ اغتياله الرئيس الشهيد رفيق واجتياحه بيروت كما فعل شارون تماما؟ ألم يكن الحزب نفسه من شيطن الطائفة السنية بأمها وأبيها وصمها بالإرهاب ورمى بالشباب السني في السجون عبر أزلامه في المحكمة العسكرية؟؟.
من يريد تحرير فلسطين المحتلة لا يمكنه تدمير لبنان، من يريد استقلال فلسطين لا يبرر الاحتلال الايراني في لبنان وسوريا واليمن والعراق، زمن المتاجرة بفلسطين وقضيتها الإنسانية المحقة ولّى وانتهى.
لذلك كل حريص على لبنان عليه واجب العمل لانتخاب رئيس جمهورية سيادي استفلالي، يعقبه سريعا تشكيل حكومة انقاذ وطني، تعمل على تطبيق كافة بنود اتفاق الطائف بدون مواربة او مسايرة، تنتج قانون انتخاب عادل شفاف يؤمن صحة التمثيل وإعادة انتاج السلطة.
أما ربط مصير لبنان وشعبه اليائس بمصير غزة خدمة لملالي طهران لن يجلب لنا الا الخراب والدمار والموت العبثي الجماعي.
