Mr. Jackson
@mrjackson

سيادة دويلة

طارق الحجيري

لم يكن اللبنانيون بحاجة رؤية رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في الحزب الايراني (وحدة التنسيق والإرتباط) في زيارة دولة الإمارات العربية المتحدة كي يعرفوا أنهم يعيشون في بقايا دولة متحللة مهترئة.

زيارة وفيق صفا للإمارات التي جاءت بعد سنوات من التخوين والشتيمة والتهديد بضرب الدول الزجاجية، هدفها الظاهري إستعادة مسجونين لبنانيين متورطين ومدانين محكومين بأعمال تمس أمن وأمان الدولة الخليجية، أما مضمونها وواقعها فهو إعلان وفاة لبنان الدولة وحلول دويلة إيران محلها والقيام بمهامها.

بعد عملية طوفان الأقصى في ٧ تشرين الأول الماضي وإطلاق ما يسمى بحرب “المشاغلة جنوبا”، سقطت ورقة التين التي كانت تستر تغول دويلة الولي الفقيه على دولة لبنان، تقدمت الدويلة لكرسي القيادة وإدارة المرحلة فيما رئيس حكومة لبنان ووزير خارجيتها يرددان علانية تعليمات المرشد الأعلى للدويلة ولا ينقصهما غير زيها العسكري لتأكيد ولائهما الكامل وإنتسابهما لها.

يطل كثيرون على المنابر والشاشات مرددين شعارات ضرورة الوحدة الوطنية آنيا، مطالبين بالتعالي على المصالح المحلية الضيقة!! منادين بأولوية هزيمة العدو المتغرطس المحتل.

لا يناقش عاقل في أحقية قضية فلسطين وشعبها المظلوم، وضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة والمواصفات بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، لكن السؤال كم بلدا عربيا دمرته المزايدات بإسم فلسطين وقضيتها؟ كم مدينة عربية هدمتها البراميل المتفجرة فوق رؤوس أهلها إبان المسير نحو فلسطين؟.

أما داخليا فبعد ما يسمى ب “النصر الإلهي” عام ٢٠٠٦ ووقفة كل الشعب خلف مقاومة العدوان ماذا حصل؟؟ هل أوقفت الدويلة قتل وإغتيال منافسيها العزل؟ هل تمنعت عن غزو بيروت والجبل وترويع الآمنين في ٧ أيار المشؤوم؟ هل أحالت العبوات وكواتم الصوت على التقاعد؟

يعرف كل عاقل أن لبنان سيدا حرا مستقلا قويا هو النقيض الأول لدولة الإحتلال الإسرائيلي، لكن قوة البلد تكمن في قيام دولة فعلية كاملة الصلاحيات على كامل ترابها الوطني، دولة لها وحدها قرار السلم والحرب والعلاقات الديبلوماسية، دولة تفرض الولاء الكامل غير المنقوص على مواطنيها ودون شراكة من الخارج أيا كان هذا الخارج.

آن أوان قول الحقيقة كما هي، دون مواربة أو نقصان، مشروع الدولة في لبنان ومشروع الدويلة يستحل لقائهما، واحدة منهما تقوم حصرا على أنقاض الأخرى، واضح الآن أننا نعيش في ظل سيادة الدويلة، أما مشروع الدولة يبقى حلما مؤجلا بحاجة لكبار نفتقدهم حاليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *