كتب أحمد الأيوبي في نداء الوطن
دخلت انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى مرحلة الاتّصالات وتشكيل التحالفات واللوائح والاستقطاب لأعضاء الهيئة الناخبة تمهيداً للوصول إلى التصويت في الأول من تشرين الأول المقبل حيث يشكّل التدخّل السياسي الهاجس الأكبر للعلماء والمستقلين ودعاة التغيير والتطوير من أعضاء الهيئة الناخبة والمرشّحين. فهم يرفضون تكرار معادلة «اقتسام الجبنة» في مجلسٍ يفترض أن يكون انعكاساً لأفضل خيارات أهل السنة، بينما دأبت القوى السياسية على فرض أسوأ ما عندها في المواقع العامة، وهذا ما يدفع إلى حراكٍ متعدّد الاتّجاهات في العاصمة بيروت وفي طرابلس وبقية المناطق للتصدّي لمحاولات فرض لوائح «متسلّطة» تحت اسم «لوائح التوافق» وهي تحوي كلّ التناقضات ولا تتفق سوى على اقتسام الحصص.
في بيروت، يحاول الرئيس سعد الحريري أن يفرض على مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان دعم لائحة تُسمّى توافقية، كان يجري إعدادُها قبل التمديد للمفتي دريان، لكنّ الإخراج المضطرب للتمديد، وليس التمديد نفسه، ترك تداعياته على وضعية اللائحة وعاد الخلاف بين أحمد هاشمية وأحمد الحريري من جديد. وانفرط عقد اللائحة التوافقية التي كان يجري العمل على إعدادها، ومن الصعوبة إعادة تركيبها بعد ما جرى.
في التطوّرات البيروتية، تشهد لائحة الرئيس الحريري تعقيدات كثيرة، منها استبعاد عضو المجلس الحالي الشيخ فؤاد زرّاد لأنّه لم يحضر جلسة التمديد للمفتي دريان، وهناك صعوبات في جمع مرشحين لديهم مقومات النّجاح الانتخابي والتبعية السياسية. وفي هذا السياق انسحب المرشّح السفير هاني شميطلي الأمين العام لوزارة الخارجية، بينما تابع المحامي حسن عفيف كشلي والقاضي محمد شفيق مكاوي محافظ جبل لبنان، ترشيحهما. واعتبر أنّ الوضع في دار الفتوى شهد توتراً وكان المشهد مليئاً بالتشنّجات، رافضاً زيادة التشرذم في دار الفتوى المكان الذي كنّا نراهن عليه ليكون بداية معالجة المصائب التي نعيشها.
أما في طرابلس، فيجري العمل على تشكيل لائحة مدعومة من النوّاب: فيصل كرامي، جهاد الصمد، طه ناجي، «تيار المستقبل» (النائب السابق سمير الجسر) تتألف من المرشحين الآتية أسماؤهم: بلال بركة (الجسر)، أحمد أمين (كرامي) الشيخ فايز سيف (المستقبل – النائب أحمد الخير)، أسامة طراد (المستقبل)، الشيخ أمير رعد (الصمد)، مع الإشارة إلى أنّ سيف ورعد وطراد يتمتّعون بهامش واسع من الحركة، لأنهم اتّبعوا سلوكاً منفتحاً على مجمل الطيف السني.
النائب أشرف ريفي رفض المحاصصة والإملاءات السياسية وقال لـ»نداء الوطن» إنّه سيعمل في آخر 48 ساعة على دعم مجموعة المرشحين التي يرى فيها الكفاءة والنزاهة وهو ليس مع اللوائح خاصة أنّ المرشحين عددهم محدود وهم معروفون لدينا وآن الأوان للتعامل مع الاستحقاقات المتعلّقة بدار الفتوى بما يليق بمرجعيّتنا الدينية. في السياق نفسه، يسعى النائب إيهاب مطر إلى تأمين مظلّة توفّر الفرصة لمرشحي التغيير والتطوير وحمايتهم من الضغوط السياسية الشرسة التي كانت تحصل في الانتخابات السابقة، من دون أن يدفع مباشرة إلى تشكيل لائحة مقابلة، تاركاً التفاهم والتنسيق والتعاون للمرشحين الذين يحملون أفكاراً متقاربة ويلتقون على الإعلاء من شأن دار الفتوى وتعزيز مرجعياتها واستنقاذ وتطوير أوقافها.
في هذا الإطار، سُجِّل لقاء بين مطر ومفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام وكان توافق بين الرجلين على ترك الاستحقاق للعملية الديمقراطية من دون تعليب لتُنتج الانتخابات الأصلح في المجلس الشرعي المقبل على أن يوجّه إمام الهيئة الناخبة لاختيار الأصلح من دون دعم أي فئة أو طرف على حساب الآخر، باعتبار أنّه على مسافة واحدة من المرشحين وهم جميعاً أبناؤه وإخوانه وسيكون على تعاون مع الفائزين منهم للصالح العام.
يبرز في مواجهة التركيبة السياسية مرشّحون مستقلون يشكّلون حالة منسجمة ومتقاربة أبرزهم المحامي همام عبد اللطيف زيادة العضو السابق في المجلس والأكثر مواجهة لتغوّل السياسة في دار الفتوى وهو أعلن أنّ من القضايا التي سيعمل على تحقيقها في حال انتخب عضواً في المجلس الشرعي توسيع الهيئات الناخبة لأعضائه.
من المرشحين المستقلين البارزين: منذر حمزة، مظهر الحموي، مهدي محمد دريعي، وسيم عز الدين شيخ العرب، وائل سهيل زمرلي وعبد الله مصطفى زيادة، ومن المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من التنسيق بين المستقلين لتقديم مجموعة عمل تتصدّى للمحاصصة.