Mr. Jackson
@mrjackson

أين “الحزب” من عودة “الجماعة الإسلامية” إلى العمل المقاوم؟

كتب أحمد الأيوبي في نداء الوطن

قبل 15 يوماً قام الجيش اللبناني بتوقيف عنصرين من الجماعة الإسلامية في خراج بلدة شبعا للاشتباه بقيامهما بتركيب منصة لإطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية، هما حسين محمد عطوي (من شبعا) وعبد الله أحمد سياج (من بلدة الرفيد في البقاع الغربي)، ولا يزالان موقوفين حتى اليوم، الأمر الذي دفع إلى خروج مطالبات محلية بالإفراج عنهما وتحرّك قيادة الجماعة في اتصالات بعيدة عن الأضواء بتأمين الإفراج عنهما من دون نتيجة حتى الآن.

أثار هذا التوقيف جملة أسئلة من جانب جمهور « الجماعة» وعبّر عنه بغضب القيادي فيها الشيخ حسين عطوي من خلال التحذير من مغبّة الاستمرار في احتجازهما في خطبة الجمعة اليوم 15 آب 2023 لأنّ كرة اللهب ستصيب الجميع بشررها.

مصدر في «الجماعة» أوضح أنّ الجيش اللبناني أوقف اثنين من شباب الجماعة في منطقة قريبة من مزارع شبعا داخل الأراضي اللبنانية داخل أرض تعود لحسين محمد عطوي برفقته عبد الله سياج الذي يعمل في مجال الحدادة، وهما يقومان بتصنيع منصة صواريخ، من دون أن يكون معهما أيّ نوع من أنواع السلاح حتى الفردي منه لم يكن موجوداً.

وأضاف المصدر: من الناحية القانونية لم يُضبط مع الشابين أيّ شيء له علاقة بالسلاح مشيراً إلى أنّ القانون لا يتضمّن أيّ مادة تجرِّم تلحيم بعض الصفائح الحديدية على بعضها البعض، معتبراً أنّ ما جرى هو محاكمة للنوايا لأنّهما لم يُضبطا في حالة المباشرة لإطلاق الصواريخ.

وتابع: إنّ الشابين «المعتقلين» هما من الشريط الحدودي الجنوبي (محمد عطوي من العرقوب) وهو يملك أرضاً كان فيها وعبد الله سياج من البقاع الغربي أي أنهما من أهل الأرض وليسا غريبين عنها، وهما يتحرّكان في نطاق حقّ المقاومة المشروع، فإمّا أن يكون هناك جيش وشعب ومقاومة لكل الناس وإمّا لا يكون. وحسب المعطيات الراهنة فإنّ قيادة الجماعة أعطت المجال للمعالجة بعيداً عن الإعلام، لكنّ أبناء المنطقة يضغطون على قيادة الجماعة للتحرّك وهي مضطرة لمواكبتهم حتى لا يفقدوا الثقة بأنفسهم وبها، وقد عبّر الدكتور حسين عطوي عن رفض استمرار التوقيف ورفض الكيل بمكيالين والتمييز في التعامل مع مسألة المقاومة.



أين حق الجماعة في المقاومة؟

فتح توقيف الشابين من الجماعة الإسلامية أسئلة عميقة وعاصفة عن طبيعة ما يجري في الشريط الحدودي وعن حالة الاحتقان السنية السائدة في منطقة الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، لأنّ هذا الشريط في مجمله يمتلكه بالدرجة الأولى السنة والمسيحيون وعدد محدود من القرى الشيعية تطل عليه، أي أنّ «حزب الله» يستمدّ شرعيته من هذه الأراضي: مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقد قدّم أهلها مئات الشهداء قبل وخلال هيمنة «الحزب» على المقاومة، وهذا يدفع إلى التساؤل عن هذا التمييز في حق العمل المقاوم.

في المقابل تأتي هذه الحادثة في وقت واجهت فيه قيادة «الجماعة الإسلامية» موجة من الاتهامات بالخضوع لتأثيرات حركة حماس للدخول في دائرة العمل المسلح من جديد، مع طرح السؤال عما إذا كان قرار الشابين بالعمل على تصنيع منصات الصواريخ فردياً أو تنظيمياً؟ حصل سجال بين قيادة «الجماعة» وعدد من وسائل الإعلام وأصدرت بياناً حاداً للردّ على فكرة وجود تيارين في التنظيم: واحد تركي قطري وآخر إيراني، ومما زاد في التباس الموقف الزيارة التي قام بها السفير الإيراني مجتبى أماني لمقرّ «الجماعة» ولقاؤه الأمين العام الشيخ محمد قطوش، في وقت كانت الساحة الداخلية تموج بالأسئلة حول حقيقة ما يجري بين الجماعة وإيران، خاصة وأنّ هناك من بات يعتبر أنّ حركة حماس استطاعت فتح خطوط اتصال فعالة بين الجماعة وبين الحرس الثوري الإيراني، مع استذكار مشاركة الأمين العام السابق الشيخ عزام الأيوبي في إفطارات الحرس الرمضانية.

في المقابل، تؤكد مصادر تنظيمية أنّه لا جديد في العلاقة بين «حزب الله» و»الجماعة» وأنّ قناة الاتصال التي كانت قائمة في الأوضاع العادية، توقفت مع وصول الأمين العام الجديد الشيخ طقوش ولم يحصل شيء بعد ذلك.

حسب آخر المستجدات، فإنّ قيادة «الجماعة» وكّلت محامين للتعامل مع توقيف عضويها وهذا يعني أنّ التسوية السياسية فشلت في الوصول إلى إطلاق سراحهما قبل الوصول إلى القضاء العسكري، وهذا يطرح أسئلة كبيرة حول موقف «حزب الله» من هذه القضية بتفصيلها الحالي وبواقعها العام، وهل «الحزب» يتقبّل أن تتحوّل «الجماعة» إلى عاملٍ مؤثّر على الأرض في الجنوب؟

هذه المعادلة ليست بسيطة ولها حساباتها الداخلية والإقليمية، ومعها نتساءل: هل لا يزال عنوان المقاومة صالحاً فعلاً ليكون مشروعاً يجري على أساسه الاستقطاب والتجنيد، لكن مع استمرار «الحزب» في احتكار السلاح يسود منطق الحقّ في التسلّح… أسئلة كثيرة باتت تحتاج إلى أجوبة واقعية تنهي طريقة العناوين العامة التي لا تجيب عن حقائق لا يمكن تجاهلها أو تغطيتها خاصة بعد توقيف عطوي وسياج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *