مصعب الأحمد بن أحمد
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الأزمات الاقتصادية العالمية سواء كانت مفتعلة ام عفوية يتم تأطيرها للسيطرة على مقدرات الشعوب وبلادهم من العالم الثالث تسخر حتى يقول الشعب متى يأتي الاحتلال ؟ ويرحم الله النباش الأب .
اغلب الدول العربية ليس لديها اي مقومات نهضوية وسياسية وتنموية ، وتعاني اكثر مما كانت تعانيه وهي تحت الاستعمار ، الحكومات العسكرية التي لا تؤمن بسياسة ولا اقتصاد ولا تفهم الوضع العام وتلعب بالموازنات الدولية ، وليس لها أي رؤية هي الأسهل تضررا في ظل أي ازمة عالمية .
ثم ان أي كلام عن تنمية اقتصادية في البلاد ليس سوى ضرب من الخيال ، وأوهام المسترسلين، فلا يمكن لطائرة مهما عظمت ان تطير بلا محركات ، وجناحان ، واطارات ، والأهم من ذلك قائد توفرت له كل الادوات اللازمة .
يذكرني هذا المعنى بانسان كان يتابع برنامج لتعليم الطبخ ، فقام ليطبق الوصفة فلم يجد عنده في البيت غير الحلة التي سيطبخ بها .
من العبث الكلام عن التنمية دون توافر موادها الأولية ، والتي تبدأ من سيادة القانون ، واستقلالية القضاء ، وسياسي يحكم بمبدأ الأمة لا الطائفة والعصابة ، مستقلا ليس تابعا ، وحسن استثمار وتوزيع للموارد ، وعلاقات سليمة مع العالم ، واستقرار سياسي وأمن اجتماعي .
ورأس الأمر القضاء على رأس الشيطان المتمثل بالفساد ، لأن أكبر فلاسفة الاقتصاد والرأسماليين وحتى الخياليين منهم ، لن يستطيعوا ان يجمعوا بين الفساد والتنمية المستدامة .
ثم تسليم الأمر الى عقول اقتصادية فاهمة تتولى هي العملية التنموية ، ويكون الحاكم داعما لها ، والقانون مهيمنا عليها ، مع وجود اجهزة رقابية شريفة .
هذه العقول التي تحكم بمبدئ التنمية الاقتصادية لا التنمية البشرية بمفهومها العبثي ، تلك التي تقنعك ان الدجاجة يمكن ان تطير وتحلق اذا شدت حيلها قليلا .
وضع النظريات غير تطبيقها ، والكلام العام الذي لايخضع للتجربة يبقى عاما .
ماتراه الان في البلاد العربية أشبه ما يكون “بنظرية البطاطا “
تختلف الأحجام والاوزان والفساد والأنواع وتاريخ الصلاحية ، لكنها بالنهاية كلها بطاطا وتباع دون اختيار وانتقاء وبالشيلة .
المؤتمرات التحليلية والاقتصادية والخطب والمحاضرات والعبثيات التي تسمعونها هي ظاهرة صوتية ليس سوى ، والواقع يشير الى انهيار تام في بعض دول العالم الثالث .
في سوريا
لايوجد قضاء ، ولا سيادة قانون ، ولا رؤية اقتصادية ، ولا ادارة موارد ، ولا أمن ، ولا علاقات سليمة مع العالم ، ولا استقرار سياسي .
وزاد في الطين بلة عقوبات اقتصادية خانقة وهجرة للاموال والعقول .
الحرب حطمت الاقتصاد ، ودمرت أي فرصة للتنمية مع سرقة موارد الدولة وتعطيل أكثرها وفقد الامان وظهور امراء الحرب ، والازمات تسوق البلد نحو التقسيم ، الذي هو المشروع الآتي بلا محالة والذي كانت كل هذه الحرب لأجله ، وان تعثرت وتأخرت اسبابه ، وعادة ما تبدأ الامور بتدمير البنيان ، ثم الانسان ، ثم البنية التحتية ، ثم الاقتصاد ، وأخيرا تدمير مركزية الدولة فالتقسيم .
النزوح الجماعي للتجار والعقول ولرؤوس الأموال في السنوات الأخيرة مع اضطراب البلد والعقوبات الاقتصادية والأزمات التي تسارع في انهيار الدولة .
واذا كنت تنتظر من التعليم بارقة امل ، فأعلم ان 2.4 مليون طفل في سوريا لم يلتحق بالمدارس
وان 1 مليون طفل سوري متسرب من التعليم
وان %49 من أطفال اللاجئين السوريين في لبنان منقطعين عن الدراسة،
وان %40 من المدارس في سوريا تدمرت وخرجت عن الخدمة .
وفي العراق
الحكومة تفرض في الموازنة العامة للدولة 1.7 ترليون عراقي من أجل المراقد الشيعية !
فهل لك ان تتخيل ميزانية كهذه وعلى ماذا ؟
وبحسب هيئة علماء المسلمين في العراق لسنة 2022 فان ترليون و680 مليون دولار حجم حجم الفساد ، والمحاصصة السياسية رأس المصيبة ، وأن هناك 14ألف مشروع وهمي ،و32 ألف ملف فساد معطل و133مليار حجم الدين الخارجي ، واعتماد الساسة على الدين الخارجي ، مع فقد اي رؤية اصلاحية وتنموية وامكانيتها في ظل عمليات بيع العملة والتهريب .
وعلى جانب التعليم الذي هو اصل التنمية المستدامة وركازها فانه و بظل الحكومات التابعة وتحكم رؤوس الفساد بوزارة التربية ، يخرج العراق من التصنيف العالمي للتعليم بحسب تقرير “دافوس” لمؤشر جودة التعليم الذي يضم 180دولة
فالعراق وحسب خبراء في مهب الريح والوضع ينذر بسقوط كارثي .
في لبنان
التركيبة السياسية المعقدة والوضع المتأزم ، والفساد المستشري والمحاصصة ، هي الطريق الاسرع نحو الهاوية .
البنك الدولي يقول ان التركيبة السياسية في لبنان والاقتصادية والاداء التنموي السيء يصنف لبنان كثالث اسوأ نمو في العالم منذ عام ١٨٠٠ لعام ٢٠٢٠
الناتج القومي انخفض من اربعة وخمسين مليار الى واحد وعشرين مليار ، والليرة اللبنانية انخفضت من ألف وخمسمائة ليرة للدولار الواحد الى اربعين ألف خلال سنتين .
وحسب اليونسكو ( يمرّ التعليم في لبنان بأزمة عميقة 84% من الأسر لا تملك ما يكفي من المال لتغطية ضروريات الحياة
حيث خفّضت 38% من العائلات نفقات التعليم)
ولعل من اخطر تبعات الأزمة الساسية والاقتصادية في لبنان والتي سنلمسها في السنين المقبلة ، هي مشكلة التعليم،
حيث يراد اأن يكون الجيل القادم أمي غير متعلم، وزوال ميزة لبنان التي طالما كانت بنجاح وتفوق طلابه وشبابه في العالم.
في فلسطين
يشير تقرير للأمم المتحدة الى استحالة تحقيق التنمية المستدامة في الأرض الفلسطينية المحتلة في ظل استمرار هذه السياسات والممارسات الاسرائيلية ، ويحذر من تدهور متنامي ، حيث أصبح أكثر من حوالي نصف الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال بحاجة إلى مساعدة إنسانية، ويشدد على الواقع المعيشي القاتم في غزة.
كما يشرح التقرير تفاقم معاناة أبناء غزة بفعل 15 عاما من الحصار وعمليات التصعيد العسكري المتكررة ضد القطاع، والتي كان آخرها في أيار/مايو 2021. فبحسب التقرير، لا يزال معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد في غزة أدنى من نصف ما كان عليه عام 2005، ولا تزال معدلات البطالة فيها تناهز 47 في المائة، بينما يقبع أكثر من 60 في المائة من أهل غزة تحت خط الفقر ويعاني حوالي 62 في المائة منهم من انعدام الأمن الغذائي.
هذه المشكلة فأين الحل ؟
وصف المشكلة هو عين الحل ، ومعرفة الداء رأس الدواء ، واذا أردت بناء دولة فسارع وعجزت عن ترميمها فسارع بانهيارها ..