Mr. Jackson
@mrjackson

جبل العرب بين ثورة الاستقلال وثورة الحرية

محمد فاروق الإمام

مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

أثارت احتجاجات السويداء وما تخللها من إهانة المحتجين لرأس النظام المجرم بشار الأسد، من خلال تمزيق صوره وإحراقها والدعس عليها، غضب شبيحة البهرزي الأسد ومواليه، الذين شنّوا هجوماً عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أبناء محافظة السويداء.

وكان من أبرز الشبيحة والموالين الذين أوجعهم تمزيق صورة بشار الأسد في السويداء، أبناء عمومته دريد ووسيم الأسد، وصهر آل أسد ومتزعم ميليشيا كتائب البعث جهاد بركات، وشبيحة آخرون من بينهم الناشط “المعارض” بشار برهوم، والشبيح شحادة إسماعيل من القرداحة.

واستمعت صدفة إلى الشبيح شحادة في فديو على بعض وسائل التواصل، الذي استنكر ثورة جبل العرب على البهرزي مجرم الحرب بشار الأسد، وتمزيق صوره وتكسير تماثيله الموزعة في شوارع وساحات السويداء، متهماً الطائفة الدرزية الوطنية الكريمة بالعمالة لإسرائيل، ونكران جميل الأسد لهم، في عدم ذبحهم والتنكيل بهم أسوة بما فعل بأهل السنة من ذبح ونزوح وتهجير واعتقال.

وفي عودة إلى تاريخ سورية الحديث نجد أن الطائفة النصيرية التي تحكم سورية منذ أكثر من نصف قرن هي الطائفة الوحيدة التي ارتمت في أحضان الفرنسيين المحتلين الذين أسسوا لهم دولة سموها (دولة العلويين)، وجعلوا لها علماً وحدوداً وجيشاً لتكون عوناً للفرنسيين في مواجهة الشعب السوري؛ الذي رفض تقسيم سورية، ومن بينهم الطائفة الدرزية الوطنية الكريمة التي رفضت قيام دولة لهم كحال النصيريين، وأعلنت الثورة على المحتل الفرنسي بقيادة سلطان باشا الأطرش عام 1925، الذي خاض العديد من المعارك مع الجيش الفرنسي وألحق به الهزائم، ومرغ أنفه في جبال السويداء وسهول حوران بالتراب، وقد التف حوله المئات من الوطنيين السوريين الرافضين لوجود الاحتلال قادمين من كافة المناطق السورية.

ودارت الأيام وتسلم رئاسة دفة الحكم في سورية عام 1970 المجرم البهرزي النافق حافظ الأسد، الذي جعل من سورية مزرعة له ولأولاده وطائفته، والذي سلم مرتفعات الجولان السورية للصهاينة عام 1967عندما كان وزيراً للدفاع، ووضع الجيش السوري الذي كان على الدوام في حالة حرب مع العدو الصهيوني، وضعه في حالة ضبط الحدود بما يتوافق وحماية واستقرار حدود الكيان الصهيوني وحمايتها، ونصب للسوريين والفلسطينيين واللبنانيين المناوئين له المجازر والمذابح، وأهل الشام من سوريين وفلسطينيين ولبنانيين وأردنيين، لا يزالون يذكرون مذابح حماة وتدمر والمشارقة وجسر الشغور وصبرا وشاتيلا ومخيم نهر البارد ومخيم تل الزعتر، وغيرها العشرات.

وللتاريخ أذكر حادثة جرت معي وأنا أؤدي خدمتي العسكرية في القطاع الشمالي من مرتفعات الجولان، تظهر البون الشاسع بين عمالة النصيريين ووطنية الدروز، ففي 22/11/1964، وكان الوقت قبيل غروب الشمس شن الطيران الصهيوني غارات على الجبهة السورية من شرقها إلى غربها، مجرباً قنابل النابالم التي تسلمها حديثا، وكان قائد نقطتي ملازم أول احتياط نصيري من قرية الشيخ بدر لا يفقه ألف باء العسكرية، الذي ذهب مسرعا ليختبئ في أحد الملاجئ، دون أن يفكر بعساكر النقطة وما هي المهام التي سيقومون بها، وكنت في حينها أقود مجموعة من ثلاث رشاشات م/ط 12/7، وطلبت عدة مرات من هذا الجبان أن يعطيني الأمر بالتعامل مع هذه الطائرات التي كنت أرى طياريها، ولكنه في كل مرة يحذرني بالويل والثبور إن أطلقت عليها رصاصة واحدة، ولكنني توكلت على الله مستلهماً الأمر من وطني، ورحت أصوب عليها رصاص رشاشاتنا كلما اقتربت من نقطتنا، وكنت أسمع صراخ الجبان قائد النقطة كعواء الذئب، ينعتني بأقذع الصفات، التي أقلها (عميل وخائن).

وسلمت نقطتنا من أية رماية والحمد لله، وقد تحلق حولي بعد انفراج الأمر، العديد من الإخوة العساكر يقبلونني ويمدحونني على ما قمت به.

أما الملازم الجبان فقد رفع تقريراً مراً بي إلى قائد الجبهة آملاً أن يعاقبني على ما قمت به.

بعد يومين من الحادثة طلبني قائد الجبهة وكان يشغل هذا المنصب عقيد من جبل العرب هو فهد الشاعر، ولما دخلت عليه وأديت له التحية، سألني بكل هدوء لماذا أطلقت النار على الطيران الصهيوني دون أمر من قائد نقطتك، فقلت له هل الوطن أكبر أم قائد النقطة، فرد عليّ: طبعاً الوطن أكبر، فقلت له لقد تلقيت الأوامر من وطني الذي أحمل شرف الانتساب إليه، فقام من خلف الطاولة وعانقني قائلاً: (لو كان في جيشنا عشرة مثلك لكنا حررنا فلسطين من زمن بعيد)، ثم أمر بمنحي كتاب شكر وتقدير على ما قمت به، ومنحني إجازة لمدة 12 يوم.

وعندما عدت إلى نقطتي تفاجأ الجبان العميل قائد النقطة بتكريمي من قبل قائد الجبهة بدلاً من معاقبتي كما كان يتمنى ويشتهي.

هذا هو الفرق بين النصيريين العملاء الذين طالبوا الفرنسين بالبقاء في سورية وتقسيمها، وإقامة دولة لهم، وبين نشاما جبل العرب الذين ثاروا على الفرنسيين، ورفضوا تقسيم سورية وإقامة دولة درزية لهم، وبين النصيري الذي تمنى معاقبتي على ما قمت به، والوطني ابن جبل العرب الذي يعرف قيمة الوطن ويحترم مواقف الرجال.

والتاريخ يعيد نفسه فها هم نشاما جبل العرب يثورون على البهرزي بشار الأسد الذي استقدم كل شبيحة أهل الأرض، مستعيناً بهم للبقاء في كرسي الحكم ولو على جبال من جماجم السوريين، وبحار من دمائهم، حياكم الله يا أهلنا في جبل العرب، أعيدوا سيرة أجدادكم الذين أبوا الخنوع للفرنسيين، واليوم مطلوب منكم عدم الخنوع للبهرزي، قاتل أهلكم وإخوانكم في دمشق ودرعا وحمص وحماة وحلب ودير الزور والرقة، وكل المناطق السورية، أيدكم الله وحفظكم ذخراً لسورية والسوريين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *