بقلم الشيخ مظهر الحموي
رئيس لجنة الدعوة والمساجد وحماية التراث في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الجمهورية اللبنانية
لابأس أن يترقب العالم بأسره مجريات إنتخابات الرئاسة الأمريكية ، وأن تهتم الأوساط السياسية والإقتصادية والإعلامية بوقائع هذه التحضيرات والنتائج المحتملة وفق الإحصائيات والدراسات والإستطلاعات ، ويبقى العالم مشدودا خلال أشهر مضت الى ترجيحات الرأي والترقبات المحتملة ، فإن ذلك يؤكد بدون شك الدور الخطير الذي تلعبه الولايات المتحدة الأميركية في السياسة العالمية وتأثيرها المباشر سياسيا وعسكريا وإقتصاديا وثقافيا ، وبالتالي هيمنتها على مقررات سائر الأمم بما تملكه من نفوذ لا يمكن التغافل عنه في المنظمات الدولية والأحلاف والمؤتمرات المختلفة.
وقد رأينا خلال هذه الفترة كيف تسعى المحافل الدولية والدول الكبرى والصغرى معا الى ترقب فوز أحد المرشحين ( هاريس أو ترامب) وإجراء الحسابات العملية والإقليمية المحتملة، والناجمة عن فوز أحد هذين المرشحين ، وما يمكن أن يعكسه فوز أحدهما على هذه المنطقة أو تلك القارة أو تلك الدولة ، وخصوصا بعد إجماع المنظومة الدولية على الدور المباشر للولايات المتحدة حتى في أصغر دولة في جزيرة نائية في المحيط الهادئ.
إلا أن التساؤل الكبير الذي يطرح في رحى هذه المعركة الإنتخابية الآن هو عن دور العرب والمسلمين سواء داخل الولايات المتحدة الأميركية أو خارجها ، وعن إقتناع بلاد العرب والمسلمين بالمرتجى المأمول من فوز أحد المرشحين للرئاسة الأميركية، كما يطرح تساؤل هو أكثر أهمية وخطورة عن الآمال التي يعلقها العرب والمسلمون بأحد المرشحين لإنجاز القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، ومفهوم الإرهاب والتدخل في شؤننا الداخلية ، وهل يجوز أن تبقى الأمة رهينة إنتظار وترقب لفوز أحدهما..
ولا بد من الوقوف على مسألة حيوية وهامة ، وهي غياب الدور الرئيسي والفاعل لملايين العرب والمسلمين من الناخبين الأميركيين والذين كانوا يفترض فيهم أن يكونوا قوة ضغط (لوبي) على المرشحين وعلى برامجهم الإنتخابية بحيث ينبغي علينا أن نشكل بؤرة تأثير لفرض رأي العرب والمسلمين في العديد من قضايانا الملحة والخطيرة.
ورب من قائل وهو على حق ، أنه لا دور للعرب والمسلمين الأميركيين يمكن أن يوثر على وجهات نظر المرشحين الرئيسين ، طالما أن الانقسام باد في التأييد بين الديمقراطي والجمهوري ، وبالتالي فإنهم لم يستطيعوا أن يشكلوا قوة ضاغطة على هذا المرشح أو ذاك مما أفرز العديد من الرؤساء اللامبالين بقضايا العرب والمسلمين حتى في داخل الولايات المتحدة الأميركية ، بل على العكس إستمر التضييق عليهم وعلى جمعياتهم وتحركاتهم وإتصالاتهم ، وزاد الأمر سوءاً بعد أحداث ١١ أيلول بحيث إستشرست الإدارة الأميركية في فرض أسوأ أنواع الممارسات على كل عربي ومسلم إعتبروه متهماً حتى يثبت العكس ، وهو خلاف إدعاءاتهم الديمقراطية ومزاعمهم حول الحرية الشخصية وحرية الرأي والمعتقد والممارسة والتحرك والتنقل .
واليوم البعض يرى بأن نجاح(هاريس) سوف يكون أقل سوءاً نحو الشرق الاوسط من (ترامب) .فنحن نقول أنه لا تمايز بين سياسة الديمقراطيين ( هاريس) او الجمهوريين ( ترامب) في مجال السياسة الخارجية وفرض الهيمنة الأميركية على العالم باسره بشتى الوسائل.
ومن يتابع يرى بانه قد أوضحت (هاريس) منذ فترة بتصاريح مختلفة تتقرب بها نحو سياسة إسرائيل ومن قبلها قال رئيسها بايدن ( الديمقراطي)إذا لم توجد إسرائيل لكان على الولايات المتحدة إيجاد إسرائيل.
وقال : لا يشترط أن أكون يهوديا لأصبح صهيونيا لأني كذلك (صهيونيا).
إسرائيل تعد القوة الأكبر للولايات المتحدة في الشرق الاوسط ..
أقول لأصدقائنا تخيلوا ظروفنا في العالم بدون إسرائيل انتهى كلام بايدن .
ولن يكون ترامب الذي يمثل الحزب الجمهوري في الإنتخابات أقل حقدا على العرب والمسلمين وعلى دينهم وعقيدتهم والذي في عهده وعهره نقل السفارة الأميركية الى القدس واعترف بأنها عاصمة إسرائيل وفرض ضغوطات على الجمعيات الخيرية وتجفيف منابع التبرعات والدعم ، وكذلك متابعة التهويل على برامج الدعوة والتربية إلى ما يسمى الإصلاح والديمقراطية، وهو شعار لا يقصد به سوى فك عرى شعوبنا مع عقيدتهم وشريعتهم عروة عروة ..
ولا اريد أن اطيل عليكم في هذا المجال وقبل الإنتخابات الأميركية بيوم واحد إلا أني أقول ترامب و هاريس لا فرق بينهما مؤكداً على تجانس سياستهما نحو القضايا الكبرى ، وأن الفارق بينهما هو مثل الفارق بين البيبسي والكولا فهما وجهان لعملة واحدة.