Mr. Jackson
@mrjackson

ماذا بعد مرور عام على طوفان الأقصى؟

كتب أحمد أمين قباني

مرّ عام كامل على الأحداث العاصفة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية في طوفان الأقصى، حيث لم يكن هذا العام مجرد فترة زمنية تَخللتها أحداث اعتيادية، بل كان مليئًا بالتغيرات الدراماتيكية التي ما زالت تداعياتها تهيمن على المشهد. في هذه المقالة، سنتناول التحولات الأبرز التي حدثت على الصعيد السياسي، الاجتماعي، والعسكري في فلسطين والمنطقة بأسرها بعد عام من طوفان الأقصى، ونسأل: ماذا بعد هذا الطوفان؟

الأوضاع السياسية والدبلوماسية بعد طوفان الأقصى، شهدت القضية الفلسطينية عودة غير مسبوقة إلى دائرة الاهتمام الدولي والإقليمي. حيث اتجهت بعض الدول إلى إعادة النظر في مواقفها السياسية تجاه إسرائيل والفلسطينيين، إما بسبب الضغوط الشعبية المتزايدة أو نتيجة لتبدّل الأولويات الإقليمية. تزايدت جهود بعض الفاعلين الدوليين في محاولات الوساطة لتحقيق تهدئة مستدامة، بينما صعّدت قوى أخرى دعمها للفلسطينيين سياسيًا ودبلوماسيًا في المؤسسات الدولية من خلال المظاهرات والاحتجاجات التي عمت أهم الأعواصم الغربية.

الوضع الميداني وتوازن القوى:

من الناحية العسكرية، لم تتوقف الصدامات بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، وإن كان الزخم قد تراجع مقارنة بذروة الأحداث في العام الماضي. “طوفان الأقصى” أظهر بوضوح أن التوازن الميداني بين الجانبين شهد تحولات، حيث طورت المقاومة قدراتها وأظهرت قدرتها على مفاجأة الطرف الآخر بوسائل جديدة، سواء عبر تطور الصواريخ أو التكتيكات العسكرية الميدانية. إسرائيل من جانبها أعادت النظر في استراتيجياتها الأمنية، وشددت الحصار في بعض المناطق، وقامت بعمليات توغل متكررة لضمان “ردع” التصعيد.

الأوضاع الاقتصادية والإنسانية:

الوضع الاقتصادي في غزة والضفة الغربية شهد تدهورًا إضافيًا بعد الأحداث. فالحصار المفروض على غزة ازداد تشديدًا، ما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت البنية التحتية في العديد من المدن والقرى لأضرار جسيمة، مما عمّق معاناة المدنيين. شهدنا ارتفاعًا في نسبة البطالة والفقر، ما دفع العديد من المنظمات الإنسانية إلى إطلاق نداءات إغاثة عاجلة.

ومع ذلك، فإن الروح العامة للشعب الفلسطيني لم تضعف، بل ازداد التكاتف الداخلي، إذ ازدادت مبادرات الدعم المجتمعي لمواجهة الصعوبات اليومية، وظهرت جهود محلية لتعزيز الزراعة والتجارة الداخلية كوسيلة للتغلب على نقص الموارد الأساسية.

ردود الفعل الإقليمية والدولية:

إقليميًا، عادت بعض الأنظمة العربية لممارسة سياسة “إدارة الصراع” دون التورط المباشر، في حين تصاعدت أصوات الشعوب العربية والإسلامية مطالبةً بتقديم الدعم الحقيقي للقضية الفلسطينية، سواء عبر التظاهرات الشعبية أو من خلال الدعم الإنساني المباشر.

الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، حاولت الحفاظ على توازن حساس بين دعم إسرائيل وإبقاء باب التفاوض مفتوحًا. ومع ذلك، فقد تزايدت الضغوط الداخلية في بعض هذه الدول نتيجة التغطية الإعلامية المستمرة للتجاوزات الإسرائيلية، ما دفع بعض البرلمانات إلى مناقشة قضية الدعم غير المشروط لإسرائيل.

ماذا بعد؟

إن مرور عام على طوفان الأقصى يتركنا أمام سؤال ملحّ: إلى أين تتجه الأمور؟ من الواضح أن الصراع لم يعد مجرد قضية داخلية أو نزاعًا بين طرفين، بل أصبح مرتبطًا بعمق بالتحولات والإقليمية.

قد تكون هناك محاولات لتحقيق تهدئة مؤقتة أو اتفاق هدنة جديد، لكن ما لم تُعالج جذور المشكلة، المتمثلة في الاحتلال وحقوق الفلسطينيين، فإن العنف يبقى احتمالاً مستمرًا. كما أن النموذج الجديد من المقاومة الفلسطينية يُظهر تطورًا في استراتيجيات المقاومة الشعبية والمسلحة، ما يعني أن حالة التوتر مرشحة للاستمرار وربما التصاعد في أي لحظة

على المستوى الشعبي، يبدو أن روح المقاومة والصمود ما زالت حاضرة وبقوة، خاصةً مع الأجيال الجديدة التي تربّت على معايشة هذه الصراعات. هذه الأجيال ترى في ما حدث خلال العام الماضي دليلًا على ضرورة مواصلة المقاومة والتمسك بالحقوق. في الختام، مرور عام على طوفان الأقصى يذكّر الجميع أن الوضع في فلسطين لا يمكن تجاهله، وأنه ما لم يكن هناك حلاً عادلًا يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، سيظل هذا الطوفان متجددًا، وستظل المنطقة بأسرها تعيش في حالة من عدم الاستقرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *