أحمد الأيوبي

أطلق الداعية الكويتي الشيخ عثمان الخميس عاصفة من ردّات الفعل المتضاربة حول الموقف من حركة حماس، بعد تصريحات له انتقد فيها الحركة ورسّخت الانقسام حولها بين مؤيد ومعارض، لكنّ هناك فئات واسعة تقبل نضال الحركة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي وترفض الجانب المتعلق بارتباطها بإيران، بالنظر إلى العدوان الواسع الذي تشنه طهران على العرب والسنة بشكل خاص، وقد تصاعد هذا التباين في الآراء وازداد السجال حول أدوار حماس بعد عملية «طوفان الأقصى»، لكنّ التطورات الأخيرة أظهرت استفزازاً فاقعاً من بعض قياداتها للرأي العام السني والعربي من خلال مواقف لا يمكن قبولها.
التي أطلقتها الحركة للمشاركة في تشييع الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله، ثم تحوّلها إلى الانتقاد الشرس لكلّ من انتقد هذه المشاركة ولكلّ من يرفض سياسات إيران وحزبها في لبنان.
صبر الكثيرون من السنة المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني على تبريرات حماس حول حاجتها إلى إيران قبل وخلال الحرب التي تلت «طوفان الأقصى»، لكن حتى هؤلاء فقدوا صبرهم بعد اتفاق وقف النار واستمرار جزء من قيادات الحركة في إعلان الولاء لطهران التي لم تُخفِ استمرار عدائها للشعب السوري وقيادته الجديدة، ولم تكتم إصرارها على اللعب بالساحة اللبنانية رغم كل الخراب الذي جرّته على اللبنانيين، وقد أدّى موقف هذه الفئة من قيادة حماس إلى خروج الكثيرين من الصامتين أو المبرّرين السابقين عن طورهم وعن صمتهم، فانطلقت عبر وسائل التواصل مواقف تعلن أنّ الصبر قد فاض، وأنّه لم يعد ممكناً السكوت على هذه الفئة التي لم يعد يهمها سوى تلبية المصالح الإيرانية.
والعجيب هذا الانفصام لدى شريحة كبيرة من مؤيدي حماس كيف يمكنهم أن يؤيِّدوا انتصار الثورة السورية وحكمها الانتقالي برئاسة أحمد الشرع وأن يكونوا مؤيدين لتوجهات الحركة المؤيدة لإيران؟
لم تخسر حماس على أرض المعركة كلّ شيء، لكنّ قيادتها ستخسر كلّ ما بقي لها من تعاطف ومكانة لدى الرأي العام السني والعربي، إذا لم تنضوِ في نظام المصلحة العربية وتُسكِت هؤلاء الإيرانيين في صفوفها الذين لا يقومون سوى بتكريس الانقسام، والكل بات يدرك أنّه لا مخرج من مأزق غزة إلاّ بالتحرّك العربي لوقف خطة دونالد ترامب للتهجير وبتخلي الحركة عن إدارة غزة، وفي كلتا الحالتين ليس لإيران مكان في فلسطين، فعلامَ كلّ هذا الالتصاق بنظام الملالي؟!